تركت السياسة والعيد وإستلقيت في شيحان...!




تركت السياسة والعيد وإستلقيت في شيحان...!




نبيل عمرو-عمان
- يشتد الغضب ، يزداد التوتر ، يرتفع الضغط ومنسوب السكر في الدم ،واللعنة على الديسك حين يحتدم الصراع بين الوجع وبقايا إرادة مُجهضة ،بفعل الزمن المعاكس وما صار إليه الجسد المُنهك ، بما أقحمنا به الرويبضة من مهاترات ، تكاد في لحظات أن تُصيب الوطن في مقتل .
- صدق القول أيها الجبل الأشم وهذا ما نحن عليه يا نبع القوة وروح الأصالة ،ممتدة على مدى الوطن من الرمثا إلى العقبة ، من الرويشد إلى القدس ، ويبقى في البال الحيز من الناقورة حتى أم الرشراش ، ضمير أهل جنوب الديار الشامية "الأردنيون والفلسطينيون" وقلوبهم تهفو إلى العودة ، إلى عروس البحر يافا وهدير البحر ترتطم أمواجه بسور عكا .
- ويسألون ، من أين أنت...؟
- أنا من هنا، هناك ، هنا ، هناك ، هنا ...! من جنوب الديار الشامية ، أستلقي متعبا على كتف شيحان، لكن روحي تسبح في المكان ، في الكرك،غزة، عجلون ، الخليل ، المفرق ، القدس وفي عمان ، فكل مكان في الديار الشامية هو شيحان ، فيه تتبدد الهموم وفوق هامته أستعيد القوة والعنفوان ، وعلى سفوحه أقرأُ أسفار المستقبل ، مشرقا من قباب القدس متحديا الطبيعة ، ساخراً من معاكسة هذا الزمان ، ومن أرادوا فصل الكرك عن الخليل ، نابلس عن السلط والقدس عن عمان .
- إسمع يا هذا...!
- أنا ، إبن الأرض والناس من زمان والآن ، لا يهم أين يكون جسدي ما دامت روحي تُحيط بالمكان ، في البادية الأردنية من شمالها لجنوبها ، على تخوم النهر ،في القدس أو على شاطئ البحر ، فنحن على موعد مع الذي كان ، مع الحق ، مع الأرض الحرة من يهود والأمريكان....قدرنا المُتعب بالغيظ لا يُقعيه خوف ولا حتى الموت ، ما دام أطفالنا ينبتون في المكان ، ويعرفون الدرب إلى شيحان .
- في ليلة العيد ، ينبعث صدى الحزن المقدسي من جوف وادي الموجب ، يرتفع ، يتعالى ويرتد صداه في فجر شيحان "المكان" الله أكبر ، حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، يتلعثم الصوت لحظة يرتطم بقلعة عجلون ، فيهِبُ المكان ، الأرض ، الصخر ، الشيح ، القيسوم والزيتون، التراب، القبرات ،الصقور والعصافير،الكل بصوت واحد حيّ على الجهاد ، حيّ على الجهاد ،حيّ على الأرض والمكان والإنسان ،ذخر الصلاة وأعمدة الجهاد وأمن العباد، فلا مكان هنا للسياسة ولا للأعياد ، فنحن مع القدس في ميعاد .
- العيد ...!
- ألعيد ،أين العيد يا وطني أراه ،،،في الخيمة الخرقاء أستجدي هواه
-أم بين أوحال السياسة والبغاه ،،،أم تحت ذا القيد أم غضب الإله
- أبعد ذلك تسألني يا شيحان عن العيد ، عن الأحوال والسياسة ...؟
- دعني يا ملاذ الطهر سادراً في النأي عن زمن العهر ، أُمني النفس بهدأة من غضب يكاد يعصف بروحي ،عقلي وجسدي ، فالجرح في النفس غائر ، من نفر بين ظهرانينا ، بحسن نية بعضهم وبسوء نية من آخرين ، بعلم أو بغر علم يدفعون الوطن ، شرقيه وغربيه إلى المجهول ، لا يعلمون أن ثَقْب السفينة ، يعني أن الكل إلى الجحيم ماضون .
-بماذا تهذر يا شيحان ...؟ ، ولماذا يرتسم على محياك الخذلان ...؟
- إنهم ذاك النفر من بني قومي ، أصابتهم الجهالة ، ينساقون في دروب الضلال والجهالة ، يعبثون بأمن الوطن ويظنون أنها بسالة ، يسهمون ببردخة الخازوق ، يسعون لخردقة السفينة وينفخون بالبوق ، يمهدون الطريق لمؤامرة يهود بالعقوق ، للنيل من وطن ، شعب ونظام حكم ، طالما كان ومايزال على الناس رحيماً شفوق ، وتسألني عن الخذلان ، عن الهذر أم عن الذوبان في زمن الخصيان ، يتطاولون ، يستعرضون ، في الساحات يصرخون ، على الشاشات ، من وراء المكبرات يهرفون ، بعضهم بلؤم وكيد وآخرين ببغاوات يرددون ما يسمعون .
- لست أدري إن كنت في صحو ، أم أخذتني إغفاءَةُ تعب ، لكنه الفجر من جديد ، تلتحم أشعة الشمس آتية من الشرق مع نسمات الصباح الغربية ، فترتسم على صفحة شيحان "المكان" خريطة جنوب الديار الشامية ، تعلو فوقها قبة بشرية من أهل جنوب الديار الشامية ،ملونة وجوهها بألوان راية الثورة العربية الكبرى الهاشمية ،تحملها أعمدة من الجماجم ، مروية أساساتها بدماء أردنية ،فلسطينية ،عربية وإسلامية ، ومدعمة بأوتاد الحرية،وتد على شاطئ يافا ، وتد في القدس ، وتد في عمان ووتد على الحدود الأردنية العراقية .
- ها نحن بعد العيد ، فهل سنردد من أين أنت من جديد...؟
- السؤال الأخير ، برسم العقلانية الأردنية ، ومن لا يصدق فاليسأل وزير الإعلام ، صديقي راكان.
نبيل عمرو-صحفي أردني
nabil_amro@hotmail.com