راتب عبابنة يكتب .. توجّه الحكومة و "حماسها"


راتب يوسف عبابنة
تعالوا نستذكر ونستعرض ما صدر لغاية الآن من أحاديث علنية وصالونية وتصريحات وإشارات من الحكومة فيما يتعلق بهموم الأردنيين. قيل الكثير عن هذه الحكومة منه ما هو حُكم بانها وُلدت ميتة ومنه أنها في طريقها إلى الموت القريب كسابقاتها ومنه من استبشر بها خيرا والكاتب منهم والتبرير هو أن الرئيس قاض لا يعرف إلا لغة القانون والحق والعدل والنزاهة. لكن بعد التشكيل ثبت لنا قطعا نحن فريق المستبشرين أن المحسوبية والصداقة والتوريث والمصاهرة والمناددة لعبت دورا لحد كبير في إخراج هذه الحكومة.
كلنا نعلم من رأس الهرم حتى القاعدة أن هناك طاعون مستشرٍ قد أثقل كاهل الدولة والمواطن وجعل القرارات الداخلية أو المتعلقة بالتناغم ضمن إطار سياسات دولية يفترض أن تكون متزنة ومريحة، جعل منها ذلك الطاعون قرارت تنسجم مع سياسات الوصاية والتسلطية والإبتزازية تقوم بها دول أو مؤسسات دولية ذات ثقل مالي واقتصادي بهدف سياسي لا هم لها إلا السيطرة المالية وبالتالي التدخل في صناعة القرار التي تؤدي بالنهاية لنوع من السيطرة السياسية وتجعل قراراتنا مرهونة لحد ما برضى تلك الدول وتلك المؤسسات. وهذا الوضع أوصلنا للعيش بصراع وتخبط بحيث أن الدولة مجبرة أن توفي بالتزاماتها للدول والمؤسسات الخارجية ـــ وحقيقة نرى أنه ليس بالأمر السهل على الدولة ـــ ومجبرة أيضا أن توفر للناس حياة كريمة ومريحة.
فالموارد التي يجب أن تغطي الإلتزام تجاه الطرفين جلّها وللأسف يحترق بنار الفاسدين، فتسلك الحكومة الطريق الأسهل وهو جيوب الأردنيين على شكل ضرائب عالية تكاد تكون أعلى الضرائب في الكرة الارضية ومن رفع رسوم ليست ظاهرة كثيرا للعيان، ومن مساعدات عينية مدفوعة الثمن ماديا طبعا تذهب هنا وهناك ونحن الأوْلى والأحوج لها ممن تذهب اليهم لحد كبير. أغلبنا إن لم يكن جميعنا قد مرّ بتجربة عدم توفر الدواء الذي يعالج الضغط أو القلب أو السكري أو...أو...أو. فما زاد عن حاجتنا لينتفع به من هو بحاجته أما أن يلحق بنا العوز بسبب الآخرين فهذا لا يرضي الله ولا يرضي الأردنيين.
مقدمتي طويلة عذرا، فهو الحال الذي نعيشه ما جعل من مقدمتي تطول لبلوغ الهدف وإيصال الرسالة. فالحكومة الحالية تسلمت إرثا لا يسرّ صديقا وتعلم هي ونعلم أن محاربة الفساد كانت يجب أن تكون في مقدمة أولوياتها. تعالوا نستذكر فيما إذا قالت الحكومة بصراحة وحماس وجدية بأن القضاء على الفساد وصانعيه سيكون من ضمن أولوياتها. ولإحقاق الحق نقول أنها قامت بإلغاء بعض القرارات المتسرعة للحكومة السابقة وساهمت بتنظيم العفو الذي أرضى البعض وأغضب البعض الآخر وجملة قرارات أخرى تُسجل لها لا مجال لذكرها الان.
ألم تلاحظوا حماس الرئيس وتأكيده بان إبعاد "حماس" لم يكن قانونيا؟ وذلك مقدمة نفهم منها إقناع الأردنيين بأحقية عودة "حماس" إلى الأردن والتي سيكون لها من تبعات مالها. كنا نتمنى أن يريحنا الرئيس القاضي بتصريح مشابه وبنفس الحماس بخصوص الفاسدين وأن محاسبتهم واسترداد الأموال المسروقة قانونية كذلك. كما وتمنينا أن تعمل بما أوتيت من وحي تصريحات جلالة الملك وخطاب التكليف السامي وأن لا تأخذها بهم شفقة او رحمة.
ف"حماس" تم مغازلتها منذ اللحظة الأولى والإخوان تم استمزاجهم منذ البداية ونهج الدولة نعرف أنه لا يلقى قبولا عند هؤلاء مجتمعين بل يتعاملون مع الدولة بمبدأ "عنزة ولو طارت" إلا اذا هناك وراء الأكمة ما وراءها.
أليست "حماس" حركة ليست أردنية وقادتها من حملة الجنسية الأردنية ويدينون بالولاء والانتماء لغير الأردن والأردنيين؟ فإن كان هناك خير فهو لجهة الولاء والإنتماء التي يؤمنون بها. الم تجمّع "حماس" يوما الأسلحة داخل الأردن؟ أليست "حماس" عبئا نحن بغنى عنه إذا اخذنا بحسابنا شريحة لا بأس بها ممن يؤمنون بفكرها ونهجها؟
هل يا أصحاب القرار أخذتم باعتباركم ما سيؤول إليه الحال داخل الأردن عندما تستقوي تلك الشريحة بوجود "حماس" وكلامها الناري ونظرياتها الحماسية في ظرف من الظروف؟ إذا صدق ما نطالعه يوميا من أخبار تصب باتجاه قدوم "حماس" وانتقالها للأردن، إذا نحن مقبلون على هرج ومرج يستدعي للذاكرة ما حصل في عام 1970 وما تبعه من إفرازات استعصت علينا جميعا معالجتها وأصبحنا نتحدث عن الوحدة الوطنية منذ ذاك التاريخ.
ولندع مقولة الوحدة الوطنية جانبا لأن مفهوم الوحدة الوطنية يعني أن يكون ولاؤنا وانتماؤنا للأردن ولأرض الأردن وهذا لا لسنا بحاجة لتذكيرنا به لأنه في وجداننا ونمارسه على مدار الساعة وليس كما هو واقع الحال منقسمين باطنيا وشبه متوحدين ظاهريا. فهي سلاح ذو حدين أحدهما يشير أن هناك أكثر من توجهين أحدهما مقبول والآخر مرفوض. وما الحاجة للحديث عن الوحدة الوطنية إذا لم يكن هناك بوادر تنذر بما لا نتمنى ؟
إذا كان هناك نية لانتقال "حماس" للأردن ، وواقع الأمر يبدو كذلك، ندعو أصحاب القرار الى عدم التسرع ودراسة الأمر بتعمق شديد للخروج بالإيجابيات والسلبيات وعلى المدى البعيد وليس فقط المنظور.
من الشرف والحق أن نغار على وطننا وندرأ عنه أيّ أذى مهما صغر أو كبُر. ومن حق الوطن على أبنائه والمنتمين لترابه أن يذودوا عنه خطرا داهما أو همّا آتيا ولا نكابر بما هو واضح جَليّ لأن المكابرة بحد ذاتها اعتراف بالخظأ داخل النفس وتبنّيه والسكوت عنه كي نرضي النفس ونرضي من يظهر لنا عدم الرضى.
ويبدو جليّا أن الحكومة و"حماسها" يسلكا طريقا وَعرا لايخلو من العثرات والعراقيل التي لا نشك أنها ستعيق المسير وتؤخر بلوغ المراد. ونسأل الله أن يعطينا من ذلك خيره ويجنبنا شره.
وحمى الله الاردن والغيارى على الاردن.
والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com