ماهر ابو طير يكتب: صبر الملك على الفوضى الخلاقة !


احتمل الملك الكثير من الكلام المسيء، خلال شهور، شعارات وهتافات وشائعات، وكل السلطة التي بيديه لم يستعملها ضد احد من الناس، ليس خوفاً من "الثورجية" بل لأن هذا طبع في ملوك الهاشميين، توارثوه يوماً بعد يوم، قبل ان نعرف النت والتلفاز والدنيا.

تتفرج على "المراهقة السياسية" في البلد والى اين يريد ان يأخذنا البعض، بهذه السقوف المرتفعة، والتجاوزات التي يقوم بها البعض، والتي لا تتبدى فيها شجاعة ابداً، بل "مراجل رخيصة" في وقت صعب، فتتكشف معادن كثيرين.

يريد البعض الاصلاح ونعرفهم ونحترمهم، في عمان والمحافظات، اخواناً مسلمين، وشباباً واعين من عشائرنا، لكننا نتحدث عن الحفنة القليلة التي تتبدى مراجلها في شعار قبيح، وفي صفحة على الفيس بوك، وتكون بضاعتهم الشتم والترويج للاكاذيب.

صبر الملك النبيل، لم يكن ضعفاً، ولا خوفاً من هدير هؤلاء، اذ قبل الربيع العربي،بفترات طويلة، منع محاكمات كثيرة على قضايا اطالة اللسان، وافرج عن كثيرين، وهو الذي يقول بكل بلاغة الدنيا.. "اذ انتصرت على شعبك بالقهر فأنت مهزوم"!.

اذ تتطلع الى المذابح في سوريا وليبيا واليمن ودول اخرى، تسأل نفسك: أليس لدينا مانخاف عليه، من حياة وابناء واستقرار ومستقبل وبنى تحتية وجامعات ومستشفيات، ألا نخاف على مافي يدنا من منجز، بذريعة اننا اخطأنا هنا وهناك؟!.

كل ملفات الاصلاح السياسي والوضع الاقتصادي والفساد وانخفاض الروح المعنوية للناس، ملفات بحاجة الى علاج، حتى لا ننكر وجود ثغرات في حياتنا، لكننا نتحدث عن الحد الذي يريد اخذنا البعض اليه، بذريعة الاصلاح،وخلف اقنعتهم قصص وحكايات.

السقف في بيتك يدلف.حسناً.هل مسموح لبعض ابناء البيت بذريعة اصلاح دلف السقف ان يصعدوا وُيجمّعوا مراهقي الحارة ويبدأوون بالدبكة فوق السقف،بذريعة اصلاحه،حتى ينهدم على روؤسنا؟!.

من منحهم هذه الوكالات للتطاول على العرش،هل اخذوا تواقيعنا،وهل استفتوا بيوتنا،حتى بائع البيض البلدي في وسط البلد،دمروا حياته بمسيراتهم،ومعه الاف الباعة كل جمعة،ممن ضحوا بهم اولا، بذريعة اصلاح حياتهم، ولو تواضعوا وسألوهم لسمعوا ما لايقال.

سيدفع الثمن اولا، اولئك الذين دبكوا وظنوا انهم سينجون من النتيجة الصعبة والقاسية التي لن تستثني احداً، وهذا دليل على قلة الوعي، وعدم ادراك لحقنا بمحاسبتهم بوسائل شرعية وفوضوية اذا تسببوا بهدم سقف البيت لاحقاً.

اذا انهار هذا البلد -لا سمح الله تعالى- فعلينا ان نستعد لعشرات السيناريوهات، وبلد يجاور اسرائيل على امتداد اربعمائة كيلومتر لن يتم تركه في حاله، بل هي الفرصة الكبرى لاجتياحه، وتقسيمه، هذا فوق العرب الذين يحبوننا وسيدعمون اهل البلد لحظتها بالسلاح ليقتتلوا ويتذابحوا!.

صبر الملك لم يأت خوفاً من احد، وهذا ارث والده واجداده، ونحن نعرف انهم تاريخياً لم ُيعدموا معارضاً سياسياً، ولم يرسلوا الناس الى المشانق، قبل ربيع العرب وابطاله الكرتونيين، احياناً، وابطاله الشرعيين احيانا اخرى.

هناك قوى كثيرة تلعب في الساحة الداخلية، غير تلك الظاهرة. هل سأل احدنا نفسه سؤالا واعياً.. يقول ماذا لو ارسلت هذه المخابرات العربية او الاقليمية او الاسرائيلية واحداً لإلقاء قنبلة على مسيرة، لإغراق البلد في الدم واتهام الدولة؟!.

ماذا لو قامت اية جهة بما فيها اسرائيل الحانقة على البلد هذه الايام بالذات، بتفخيخ سيارة في الشمال او الجنوب، وفجرتها خلال مرور مظاهرة من قربها، لاتهام الدولة ولبدء حرب تصفيات وانتقامات داخلية، وفوضى لا تبقي ولا تذر.

كفانا اتهامات لبعضنا البعض بأننا ُنخوف الناس، فشعبنا ليس غبياً حتى ُنخوفه، لكننا نحذر من التطاولات العامة، واختطاف البلد الى المجهول، وعندها لن يسلم احد، ولن يخرج احد من بيته، هذا اذا بقي بيتك لك، ولم آخذه منك تحت وطأة التهديد برشاشي.

المؤسف وسط المشهد ان الكثير، من رجالات الدولة يتفرجون، باعتبار ان الموضة هي الاستقالات واعلان البراءات، والشعور بخرس كامل، لأن ذات الموضة تقول لك ابتعد عن الدولة والنظام، فلا تعرف ماذا سيحصل لاحقا؟!.

المؤسف ايضاً ان النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ساكتة، كموتى القبور،ولاتتكلم، خوفاً من اتهامها بالنفاق، ولأن الزمن زمن انقلاب الناس على بعضهم، وهذا المنطق منطق الجبناء والخائفين، وليس منطق الواعين المحترمين.

هذا البلد مثل الهرم، الذي تلتصق حجارته بفعل "الهاشمية"وأي فك للحجارة سيؤدي الى سقوط حجارة الهرم على رؤوس الجميع، ولن يسلم احد، مهما بالغنا هذه الايام بأننا سوف نسلم، لأنك لست وحدك تلعب، والورثة الذين سيقتتلون، لايعدون ولايحصون.

نقول للملك في هذا اليوم المبارك، صباح الخير عليك وعلى صبرك، فلم تأت قهراً ولاجبراً، لا انت ولا اهلك، والبيت الهاشمي كان فأل خير على البلاد، وبركة حتى لو تنكر الجاحدون وعديمو الوفاء، لما فعلته "الهاشمية" لهذه البلاد من عز ومجد وفخر وانجاز.

نقول لشعبنا ان عليهم ان يتنبه الى اين يتم اختطاف السفينة، ونقول لشبابنا الشرفاء في الحراكات ان عليهم ان يتنبهوا الى من ُيسمسر على ظهورهم، والى من ينتظر هدر دمهم،من اجل ان يقطف الثمرة من دمهم ايضاً.

الذي يتنكر للملك وللهاشميين ولتاريخهم في هذا البلد لا خير فيه، وهذا دليل غدر وجحود وقلة وفاء، وهذه من عجائب الزمن التي تأتي تحت شعار.."علمته الرماية فلم اشتد ساعده رماني".

واصلوا الدبكة فوق السقف المتعب بحجة وجود دلف لابد من اصلاحه، وعندما ينهدم السقف على اولادكم وبناتكم،ستذكرون ان الجاهل خطف زمام العاقل، وان المنعم كره نفسه، حتى فقد كل شيء، وان المغضوب عليه من هتك ستره بيده.

كيف أئتمن على حياتي ومستقبلي، من انقلب على سبب نهضته وحضوره؟!

والسؤال مفرود بين ايديكم؟!.