كتاب.. لم يعجبني!

اخبار البلد ـ  قبل الكتاب الذي اتحدث عنه اليوم مضى زمان طويل لم اقرأ فيه شيئاً لعبد الرحمن الشرقاوي وكان واحداً من المع وأشجع الكتاب التقدميين الذين اجتذبوا عقولنا وقلوبنا في مطلع شبابنا منذ هزتنا قصيدته الانسانية الرائعة في صحيفة «المصري» «رسالة من أبٍ مصري الى الرئيس ترومان» يناشده بالا يكرر جريمته النووية بعد هيروشيما وناجازاكي وكان ذلك جزءاً من نضاله في حركة أنصار السلام المصرية، ثم شدَّنا بروايته الخالدة «الأرض» التي نشرت على حلقات في نفس الصحيفة لتكشف عن ظلم فظيع يمارسه الاقطاعيون المترفون على ملايين الفلاحين المصريين البؤساء ولتحض على ثورة اشتراكية شاملة وقد لاقت إقبالاً جماهيرياً كبيراً دفع السينما المصرية الى إنتاجها في فيلم من إخراج يوسف شاهين وبطولة محمود المليجي وعزت العلايلي ونجوى إبراهيم، ولما قامت المعركة الأدبية الصحفية المفتوحة حول جدلية » الفن من أجل الفن ام من اجل الحياة؟ »..
 
كان الشرقاوي واحداً من فرسانها امثال احمد بهاء الدين ومحمود أمين العالم وصلاح حافظ ويوسف ادريس وَعَبَد العظيم انيس، وحين انتقل للكتابة في «روز اليوسف» تجلت قدراته لكنه لم يصل إلى موقع رئيس التحرير إلا حين أصبحت صحيفة قومية أي حكومية فلم أعد اتابعه ولا اعلم متى تحول الى مفكر إسلامي (!) مع أني قرأت كتابه «أئمة الفقه التسعة» بعد رحيله عام ١٩٨٧، أما الكتاب الذي قرأته مؤخراً فهو «ابن تيمية الفقيه المعذب» وعجبت كيف يكون معذبا من لا تزال البشرية حتى اليوم تتعذب على أيدي اتباعه وتكتوي بتعصبهم الديني الذي بذره منذ سبعة قرون فشاع في شتى أوطان المسلمين عربا او سواهم !؟ وعجبت حد الصدمة دفاع الكتاب مبطناً وصريحاً عن فقيه ادان القاصي والداني تزمته وشهدنا بأنفسنا في العقود الاخيرة معتنقي فكره من مجاهدي القاعدة وداعش ينفذون افعالهم الوحشية مصورة من قبل محترفين منهم يتلذذون بالتقاطها، وكيف ننسى جريمتهم الفظيعة يوم حرقوا الطيار الاردني معاذ الكساسبة..حياً في قفص؟!
 
اللافت أن ابن تيمية (نسبة لامه تيمية) المولود في حران بتركيا عام ١٢٦٣والمتوفي في دمشق عام ١٣٢٦التزم مذهب احمد ابن حنبل وألهم الحركة الوهابية بعد قرون تعاليمها المتشددة واعتبره رشيد رضا قبل مائة عام مجدّدَ القرن السابع الهجري حتى سارت على خطاه ونهلت عنه الحركة الاسلامية الحديثة وفرَّحتْ معظمَ التنظيمات الإرهابية في بلادنا هو نفسه الذي كتب عنه مؤرخون كثر انه اثناء غزو التتار لديار المسلمين شغل نفسه والنَّاس بالجدل حول أمور فقهية غير ذات علاقة بمقاومة الغزاة المحتلين بل بتطبيق الامر بالمعروف والنهي عن المنكر خارج العدالة، يجيء الشرقاوي بكتابه ليبرر تشدده وقسوته ويغطيهما بحكايات تقطر رحمةً وحكمةً دون سند من مصادر او مراجع رصينة.
 
وبعد.. أحترم حق مؤلف الكتاب في تغيير مواقفه لكني لا أملك إلا ان أعرب عن اسفي على ماضٍ له كان مجيداً جسوراً.