أمريكا والانتخابات

اخبار البلد- 

لم تشهد الولايات المتحدة الامريكية انتخابات رئاسية كهذه التي تشهدها هذا العام، فحالة الانقسام الحزبية باتت حادة وحجم التحشيد اصبح كبيرا ومقدار التدخل الدولي اصبح في العلن وواسع، هذا اضافة الى الانشطار الافقي الشعبي بين تياري البروتستانت الابيض المحافظ من جهة وباقي المذاهب والاعراق والليبراليين من جهة اخرى، وهذا ما يمكن مشاهدته من عنوان التنافس القائم بين ترامب _ بينس من جهة وهم بروتستانت جمهوريون وبايدن _ هاريس من جهة اخرى وهم كاثوليك ديموقراطيون.

الامر الذي يجعل الانتخابات الامريكية هي انتخابات لشمال العالم المسيحي وعواصمه الثلاث في روما حيث الكاثوليك وفي موسكو حيث بيت القرار الارثوذكسي وفي لندن في عاصمة القرار البروتستنتي، هذا اضافة الى امريكا اللاتينية صاحبة المذهب الكاثوليكي والتي تشاركه بفاعلية في هذه الانتخابات التي تعتبر تاريخية بما تحوي هذه الكلمة من معنى كونها تقوم على نهجين احدهما جمهوري محافظ يريد ان ينقل بيت القرار الاممي من نيويورك حيث مجلس الامن الدولي الى واشنطن حيث بيت القرار الامريكي الذي يريده ترامب ليكون احاديا ولواشنطن فقط وبمشاركة بريطانية فقط اما الطرف الديموقراطي فانه سيعمل على شرعية وجودة الانظمة الاقليمية على حساب الانظمة الوطنية من خلال اعادة تشكيل المجتمعات لتكون منسجمة مع الواقع الاثني لها او المذهبي.

الانتخابات الامريكية التي شارفت على الانتهاء قبل يوم التصويت المعلن في الثالث من نوفمبر، بسبب التصويت المسبق والتصويت في البريد، فلقد صوت قرابة التسعين مليون ناخب، وجاهيا عداك عن التصويت في البريد والذي كان في معظمه من انصار الحزب الديموقراطي بسبب التزاحم على صناديق الاقتراح وخوف انصار الحزب الذين هم في معظمهم متعلمون ومثقفون من مناخات كورونا، حيث قام معظمهم باستخدام البريد في إرسال الاصوات.

لكن البريد بدا بتاخير وصول رسائل التصويت الى مراكز الاقتراع، مما ادى لاحتقان صفوف الحزب الديموقراطي الذي بدوره بدا التشكيك في سلامة النتائج بسبب تعيين مدير البريد من قبل ترامب، وبسبب وجود في المحكمة العليا ستة من المحافظين وثلاث فقط من اللبراليين وهذا ما يجعل الانتخابات الأمريكية تدخل في نفق ضيق، فلا الاجواء الانتخابية مساعدة ولا الوبائية مريحة ولا امكانية الاعلان عن النتائج ممكنة في ظل سخونة الاجواء الانتخابية وحدتها.

والحل لربما يكمن في إيجاد تسوية في المجمع الانتخابي، وان كان هذا الاقتراح مازال بعيدا في مطبخ القرار لكنه موجود في حال وصلت الامور الى معادلة توافق ولم يقبل الطرفان بالنتائج الانتخابية او بكلمة المحكمة العليا، فان الحل التوافقي سيكون خيارا، وعلى كل الاحوال فان صناع القرار الامريكي في مكانة لا يحسد عليها، ويعيش بين القرار الاممي في اجواء ضاغطة على الرغم ان المسوحات مازالت تشير الى تقدم بايدن بفارق بسيط لكن لكل مشهد حسابات وحسابات المشهد الامريكي في هذه الانتخابات سيكون لها ما بعدها مهما كان الفائز في سدة البيت الابيض، فهل دخلت امريكا في دوامة البحث عن الذات وهو سؤال سيبقى برسم اعلان النتائج.