مصالح العرب في عالم ما بعد الانتخابات الأميركية
اخبار البلد-
لم يبقَ سوى أيام معدودة على انعقاد الانتخابات الأميركية التى يمكن أن تكون هذه المرة أكثرها أهمية، ليس فحسب بالنسبة للولايات المتحدة وإنما للعالم بأسره، خصوصاً إذا أعيد انتخاب الرئيس دونالد ترمب. وما يزيد من أهمية تلك الانتخابات أنها تنعقد في مرحلة يحتدم فيها الجدل عما إذا كانت أميركا في طريقها إلى فقدان هيمنتها على النظام الدولي، أم لا.
وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من استطلاعات الرأي العام تشير إلى احتمالات فوز جوزيف بايدن بالانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنه لا يمكن اعتبار أن الأمر قد حسم، إذ لا تزال هناك فرصة أقل لإعادة انتخاب الرئيس ترمب. ولذلك فقد يكون من المناسب التأمل في التداعيات المحتملة للسياسة الخارجية لكل من إدارة لترمب جديدة وإدارة ديمقراطية تحت قيادة جوزيف بايدن، لا سيما فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط.
بداية يجب أن نسلم بأن علاقات الرئيس ترمب مع العالم الخارجي اتسمت - بصفة عامة - بكثير من التعقيد. فإذا كانت سياسات الرئيس ترمب مثيرة للاختلافات والاستقطاب على المستوى الداخلي، فإنها أكثر إثارة للجدل على الصعيد الدولي، وهو ما يظهر بجلاء في علاقاته مع الحلفاء الأوروبيين التقليديين ذوي الثقل السياسي والاقتصادي مثل ألمانيا وفرنسا.
وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من التعقيدات التي وجهتها كل من روسيا والصين في التعامل مع الرئيس ترمب، فإنه على ما يبدو أن كلتا الدولتين تفضل مواصلة العمل معه وليس مع إدارة ديمقراطية جديدة.
فمنذ عدة سنوات إبان انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، استفسرت من صديق روسي عن سبب تأييد موسكو لترمب، فكان رده كاشفاً، حيث ذكر بالنص: «إنه سيكون مثل ميخائيل غورباتشوف»، أي أنه سيعجل بفقدان الولايات المتحدة مكانتها كالقوة الدولية العظمى. وفي اعتقادي أن الصين تتبنى موقفاً مشابهاً لذلك.
المتوقع أن تستمر إدارة ترمب الجديدة في انتهاج سياسة «أميركا أولاً»، لكن تنفيذها سيكون بوسائل أكثر صرامة عن ذي قبل، بمعنى أن واشنطن ستكون أقل اكتراثاً بمصالح الدول الحليفة والصديقة.
وهنا أود أن أشير إلى توصيف ريتشارد هاس - أحد أعلام السياسة الخارجية لدى الجمهوريين والرئيس الحالي لمجلس العلاقات الخارجية في نيويورك - لعقيدة السياسة الخارجية للرئيس ترمب، حيث وصفها بـ«عقيدة الانسحاب»، أي الانسحاب من كل المنظومات التي طالما شكلت الإطار الذي حكم السياسة الخارجية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية، بمعنى: تقويض النظام الدولي المتعدد الأطراف، الأمر الذي قد يدفع الأمم المتحدة إلى حافة الانهيار، وشل حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ومزيد من التدهور في البيئة، فضلاً عن تكثيف الضغط على النظام التجاري الدولي نتيجة سياسات واشنطن الأحادية. باختصار ستكون لتلك السياسات تبعات أكثر خطورة من تلك التى انتهجها الرئيس بوش الابن تحت شعار: «إما أن تكونوا معنا أو تكونوا ضدنا»، التي ما زلنا نعاني من عواقبها في منطقتنا.
في الوقت ذاته، سيستمر الرئيس ترمب في السعى لإبرام «صفقات»، مع كل من روسيا والصين، الأمر الذي من المفترض أن يسهم في خلق ظروف مواتية لتسوية النزاعات الإقليمية، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، سواء كان ذلك في سوريا، أو ليبيا، أو اليمن. بيد أنه من المتوقع أن تخيّم على كل ذلك سحابة قاتمة من الارتباك وعدم الوضوح من شأنها التعجيل بانتهاء حقبة الهيمنة الأميركية.
وإلى أن تبلغ العلاقات الأميركية مع روسيا والصين درجة من الاستقرار، فإنني أجازف بطرح التوقعات التالية: فيما يخص الشرق الأوسط لن يحيد الرئيس ترمب عن موقفين أساسيين؛ الانسحاب الكامل للقوات الأميركية، ومواصلة دعم إسرائيل. كل ما هو غير ذلك سيخضع للتقلبات المزاجية.
والأرجح أن ينتهي الأمر بنا إلى أحد البدائل التالية: قيام الولايات المتحدة بعملية «فك ارتباط غير منظم» من المنطقة، أو تصعيد غير مدروس أو غير مقصود، من شأن أي من تلك الاحتمالات مزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة. مما لا شك فيه أن إدارة لترمب جديدة ستكثف سياسة «الضغط الأقصى» تجاه طهران (ودمشق)، على أمل النجاح في التوصل إلى اتفاق جديد مع طهران يتضمن أبعاداً جديدة تراعي مشاغل إسرائيل والدول العربية، ولكنه لن يكون مختلفاً في جوهره من الاتفاق الراهن.
أما بالنسبة للنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، فسينحصر التركيز على الإسراع في دمج إسرائيل سياسياً واقتصادياً في المنطقة. وسيحدث ما تقدم في الوقت الذي ستظهر فيه إدارة ترمب الجديدة استعداداً لتلبية بعض المصالح العربية، سواء كان ذلك بشأن إيران أو غيرها، أو فيما يتعلق بأزمة مياه النيل بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، وحتى بالنسبة لسوريا، حيث إن انسحاب القوات الأميركية تحت إدارة ترمب أكثر احتمالاً في الأمد القصير عما هو في ظل إدارة ديمقراطية. ولكن بعد إبرام اتفاق جديد مع إيران، من المتوقع أن تتغير سياسة إدارة ترمب حيال الدول العربية والمنطقة بشكل عام.
أما في حالة فوز جوزيف بايدن، فمن المتوقع أن تشغل الأولوية مسألة إصلاح العلاقات مع الحلفاء والأصدقاء من جهة، والمنظمات الدولية من جهة أخرى، وذلك في وقت ستشهد فيه العلاقات مع كل من روسيا والصين في بداية الأمر قدراً لا بأس به من التوتر، إلا أنه من المتوقع العودة إلى أنماط التعامل التقليدية التي تنطوي على المزيج بين التعاون والمنافسة.
وفيما يتصل بمنطقة الشرق الأوسط، فمن المتوقع أن تعود إدارة بايدن إلى السياسات الأميركية التقليدية التي تتطلب الموازنة بين المبادئ التى طالما شكلت أسس السياسة الخارجية منذ الحرب العالمية الثانية والمصالح الأميركية، الأمر الذي يعني أنه ستكون هناك فترة انتقالية لإعادة ضبط الأمور على كل الأصعدة. في البداية، ستشهد العلاقات مع معظم البلدان العربية قدراً من الصعوبة بسبب الأولوية التي ستمنح لقضايا حقوق الإنسان. لكن في نهاية المطاف، ستسود المصالح وتعود تلك العلاقات إلى وضعها الطبيعي، لكن إيقاع تلك العملية سيكون مختلفاً بين دولة وأخرى اعتماداً على نطاق وأهمية المصالح الأميركية.
وفي الوقت نفسه، ستسعى إدارة بايدن إلى وضع حد لـ«الحروب غير الضرورية» في العراق وأفغانستان، بالإضافة إلى إيجاد حل للنزاعات المسلحة التي تلعب الولايات المتحدة دوراً هامشياً فيها كما الحال في سوريا، أو تلك الحروب التي ينخرط فيها حلفاؤها، وهو ما يستدعي انتهاج سياسة أكثر وضوحاً واتساقاً والتوصل إلى تفاهمات مع روسيا وإعادة ترتيب وضبط العلاقات مع حلفائها في المنطقة.
ومما لا شك فيه أن إدارة بايدن ستعطي الأولوية القصوى لإحياء ثم تحديث الاتفاق النووي مع إيران، ولكن بعد محاولة دعمه ببعض التفاهمات التي تخاطب التحفظات والمخاوف الأمنية للدول العربية وإسرائيل.
وفيما يتعلق بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ستسعى الإدارة الديمقراطية إلى إحياء المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية على الأسس المقبولة دولياً، طالما التزمت إسرائيل وقف ضم مزيد من الأراضي الفلسطينية.
أما بالنسبة للأزمة السورية، فمن المتوقع أن تتبنى الإدارة الديمقراطية في البداية موقفاً أكثر تشدداً، سواء كان ذلك إزاء دمشق، أو موسكو أو أنقرة، انتظاراً للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران وتفاهمات مع روسيا، تعود بعدها واشنطن إلى سياسة براغماتية أكثر جدية من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع.
وفي تلك الأثناء، سيكون على الحكومات العربية إدارة علاقتها مع حكومة أميركية تقدر الاحتراف المهني وكونغرس معقد يصعب التعامل معه، وهو الوضع الذي كان سائداً في الماضي، سواء كان ذلك مع إدارات ديمقراطية أو جمهورية.
ختاماً وبصرف النظر عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، سيتعين على الدول العربية العمل على إيجاد السبل التي تؤمّن بها مصالحها بصورة أفضل في عالم تتراجع فيه بشكل تدريجي أهمية الدور الأميركي.
وهنا يجدر التنويه بأن أوروبا، وروسيا، والصين، وإدراكاً منها للتدهور النسبي لدور الولايات المتحدة على الصعيد الدولي، بدأت بالفعل بالإسراع في مواجهة هذا الوضع من خلال العمل على إعادة صياغة العلاقات، ليس فقط فيما بينها، وإنما أيضاً مع الدول الأخرى، وهو الأمر الذي ينطبق ليس على الشؤون الاقتصادية والسياسية فحسب، وإنما أيضاً على المجالات العسكرية والأمنية.
ويبقى هناك سؤالان أساسيان بالنسبة للدول العربية: هل ستستمر في منح الأولوية لعلاقاتها مع الولايات المتحدة على الرغم من تراجع أهميتها الدولية؟ أم أنها ستلجأ إلى نسج تحالفات جديدة مع الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين؟ كيف يستطيع العرب استثمار المكاسب التي حققوها من خلال التعاون مع إدارة الرئيس ترمب وتحويلها إلى نقطة انطلاق لتأمين مصالحهم على المدى الطويل في عالم متغير؟
وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من استطلاعات الرأي العام تشير إلى احتمالات فوز جوزيف بايدن بالانتخابات الرئاسية المقبلة، فإنه لا يمكن اعتبار أن الأمر قد حسم، إذ لا تزال هناك فرصة أقل لإعادة انتخاب الرئيس ترمب. ولذلك فقد يكون من المناسب التأمل في التداعيات المحتملة للسياسة الخارجية لكل من إدارة لترمب جديدة وإدارة ديمقراطية تحت قيادة جوزيف بايدن، لا سيما فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط.
بداية يجب أن نسلم بأن علاقات الرئيس ترمب مع العالم الخارجي اتسمت - بصفة عامة - بكثير من التعقيد. فإذا كانت سياسات الرئيس ترمب مثيرة للاختلافات والاستقطاب على المستوى الداخلي، فإنها أكثر إثارة للجدل على الصعيد الدولي، وهو ما يظهر بجلاء في علاقاته مع الحلفاء الأوروبيين التقليديين ذوي الثقل السياسي والاقتصادي مثل ألمانيا وفرنسا.
وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من التعقيدات التي وجهتها كل من روسيا والصين في التعامل مع الرئيس ترمب، فإنه على ما يبدو أن كلتا الدولتين تفضل مواصلة العمل معه وليس مع إدارة ديمقراطية جديدة.
فمنذ عدة سنوات إبان انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، استفسرت من صديق روسي عن سبب تأييد موسكو لترمب، فكان رده كاشفاً، حيث ذكر بالنص: «إنه سيكون مثل ميخائيل غورباتشوف»، أي أنه سيعجل بفقدان الولايات المتحدة مكانتها كالقوة الدولية العظمى. وفي اعتقادي أن الصين تتبنى موقفاً مشابهاً لذلك.
المتوقع أن تستمر إدارة ترمب الجديدة في انتهاج سياسة «أميركا أولاً»، لكن تنفيذها سيكون بوسائل أكثر صرامة عن ذي قبل، بمعنى أن واشنطن ستكون أقل اكتراثاً بمصالح الدول الحليفة والصديقة.
وهنا أود أن أشير إلى توصيف ريتشارد هاس - أحد أعلام السياسة الخارجية لدى الجمهوريين والرئيس الحالي لمجلس العلاقات الخارجية في نيويورك - لعقيدة السياسة الخارجية للرئيس ترمب، حيث وصفها بـ«عقيدة الانسحاب»، أي الانسحاب من كل المنظومات التي طالما شكلت الإطار الذي حكم السياسة الخارجية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية، بمعنى: تقويض النظام الدولي المتعدد الأطراف، الأمر الذي قد يدفع الأمم المتحدة إلى حافة الانهيار، وشل حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ومزيد من التدهور في البيئة، فضلاً عن تكثيف الضغط على النظام التجاري الدولي نتيجة سياسات واشنطن الأحادية. باختصار ستكون لتلك السياسات تبعات أكثر خطورة من تلك التى انتهجها الرئيس بوش الابن تحت شعار: «إما أن تكونوا معنا أو تكونوا ضدنا»، التي ما زلنا نعاني من عواقبها في منطقتنا.
في الوقت ذاته، سيستمر الرئيس ترمب في السعى لإبرام «صفقات»، مع كل من روسيا والصين، الأمر الذي من المفترض أن يسهم في خلق ظروف مواتية لتسوية النزاعات الإقليمية، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، سواء كان ذلك في سوريا، أو ليبيا، أو اليمن. بيد أنه من المتوقع أن تخيّم على كل ذلك سحابة قاتمة من الارتباك وعدم الوضوح من شأنها التعجيل بانتهاء حقبة الهيمنة الأميركية.
وإلى أن تبلغ العلاقات الأميركية مع روسيا والصين درجة من الاستقرار، فإنني أجازف بطرح التوقعات التالية: فيما يخص الشرق الأوسط لن يحيد الرئيس ترمب عن موقفين أساسيين؛ الانسحاب الكامل للقوات الأميركية، ومواصلة دعم إسرائيل. كل ما هو غير ذلك سيخضع للتقلبات المزاجية.
أما بالنسبة للنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، فسينحصر التركيز على الإسراع في دمج إسرائيل سياسياً واقتصادياً في المنطقة. وسيحدث ما تقدم في الوقت الذي ستظهر فيه إدارة ترمب الجديدة استعداداً لتلبية بعض المصالح العربية، سواء كان ذلك بشأن إيران أو غيرها، أو فيما يتعلق بأزمة مياه النيل بين مصر والسودان من جهة وإثيوبيا من جهة أخرى، وحتى بالنسبة لسوريا، حيث إن انسحاب القوات الأميركية تحت إدارة ترمب أكثر احتمالاً في الأمد القصير عما هو في ظل إدارة ديمقراطية. ولكن بعد إبرام اتفاق جديد مع إيران، من المتوقع أن تتغير سياسة إدارة ترمب حيال الدول العربية والمنطقة بشكل عام.
أما في حالة فوز جوزيف بايدن، فمن المتوقع أن تشغل الأولوية مسألة إصلاح العلاقات مع الحلفاء والأصدقاء من جهة، والمنظمات الدولية من جهة أخرى، وذلك في وقت ستشهد فيه العلاقات مع كل من روسيا والصين في بداية الأمر قدراً لا بأس به من التوتر، إلا أنه من المتوقع العودة إلى أنماط التعامل التقليدية التي تنطوي على المزيج بين التعاون والمنافسة.
وفيما يتصل بمنطقة الشرق الأوسط، فمن المتوقع أن تعود إدارة بايدن إلى السياسات الأميركية التقليدية التي تتطلب الموازنة بين المبادئ التى طالما شكلت أسس السياسة الخارجية منذ الحرب العالمية الثانية والمصالح الأميركية، الأمر الذي يعني أنه ستكون هناك فترة انتقالية لإعادة ضبط الأمور على كل الأصعدة. في البداية، ستشهد العلاقات مع معظم البلدان العربية قدراً من الصعوبة بسبب الأولوية التي ستمنح لقضايا حقوق الإنسان. لكن في نهاية المطاف، ستسود المصالح وتعود تلك العلاقات إلى وضعها الطبيعي، لكن إيقاع تلك العملية سيكون مختلفاً بين دولة وأخرى اعتماداً على نطاق وأهمية المصالح الأميركية.
وفي الوقت نفسه، ستسعى إدارة بايدن إلى وضع حد لـ«الحروب غير الضرورية» في العراق وأفغانستان، بالإضافة إلى إيجاد حل للنزاعات المسلحة التي تلعب الولايات المتحدة دوراً هامشياً فيها كما الحال في سوريا، أو تلك الحروب التي ينخرط فيها حلفاؤها، وهو ما يستدعي انتهاج سياسة أكثر وضوحاً واتساقاً والتوصل إلى تفاهمات مع روسيا وإعادة ترتيب وضبط العلاقات مع حلفائها في المنطقة.
ومما لا شك فيه أن إدارة بايدن ستعطي الأولوية القصوى لإحياء ثم تحديث الاتفاق النووي مع إيران، ولكن بعد محاولة دعمه ببعض التفاهمات التي تخاطب التحفظات والمخاوف الأمنية للدول العربية وإسرائيل.
وفيما يتعلق بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ستسعى الإدارة الديمقراطية إلى إحياء المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية على الأسس المقبولة دولياً، طالما التزمت إسرائيل وقف ضم مزيد من الأراضي الفلسطينية.
أما بالنسبة للأزمة السورية، فمن المتوقع أن تتبنى الإدارة الديمقراطية في البداية موقفاً أكثر تشدداً، سواء كان ذلك إزاء دمشق، أو موسكو أو أنقرة، انتظاراً للتوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران وتفاهمات مع روسيا، تعود بعدها واشنطن إلى سياسة براغماتية أكثر جدية من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع.
وفي تلك الأثناء، سيكون على الحكومات العربية إدارة علاقتها مع حكومة أميركية تقدر الاحتراف المهني وكونغرس معقد يصعب التعامل معه، وهو الوضع الذي كان سائداً في الماضي، سواء كان ذلك مع إدارات ديمقراطية أو جمهورية.
ختاماً وبصرف النظر عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، سيتعين على الدول العربية العمل على إيجاد السبل التي تؤمّن بها مصالحها بصورة أفضل في عالم تتراجع فيه بشكل تدريجي أهمية الدور الأميركي.
وهنا يجدر التنويه بأن أوروبا، وروسيا، والصين، وإدراكاً منها للتدهور النسبي لدور الولايات المتحدة على الصعيد الدولي، بدأت بالفعل بالإسراع في مواجهة هذا الوضع من خلال العمل على إعادة صياغة العلاقات، ليس فقط فيما بينها، وإنما أيضاً مع الدول الأخرى، وهو الأمر الذي ينطبق ليس على الشؤون الاقتصادية والسياسية فحسب، وإنما أيضاً على المجالات العسكرية والأمنية.
ويبقى هناك سؤالان أساسيان بالنسبة للدول العربية: هل ستستمر في منح الأولوية لعلاقاتها مع الولايات المتحدة على الرغم من تراجع أهميتها الدولية؟ أم أنها ستلجأ إلى نسج تحالفات جديدة مع الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين؟ كيف يستطيع العرب استثمار المكاسب التي حققوها من خلال التعاون مع إدارة الرئيس ترمب وتحويلها إلى نقطة انطلاق لتأمين مصالحهم على المدى الطويل في عالم متغير؟