في الاتجاه المعاكس انصف فيصل قاسم الاردن وظلمه الخرابشة واغتاله التل


مرت حلقة الاتجاه المعاكس، التي عرضتها قناة الجزيرة يوم الثلاثاء 1/10/2001 بسلام، دون ان نخرج بنتيجة، وهذا متوقع فلا النائب محمود الخرابشة يمثل النظام لأنه نائب في البرلمان ولا سفيان التل يمل الشعب لأنه معارض مستقل، و خلال ساعة واحدة، يسعى أي متحدثان لاستعراض قوتهما، أمام الجمهور، بكل ما أتوا من وسيلة، وهنا يغلب الصوت العالي،- وهي سمة البرنامج- على المعلومة، والاتجاه الذي يديره   فيصل القاسم ابرز مذيع حواري في الوطن العربي قادر على أن يحول النقاش إلى ساحة مصارعة عبر أسئلته الانفجارية، وهو أصلا أصبح أي القاسم مدرسة يقلده مئات المذيعين بأسلوبه هذا.ك

 كنت أتمنى لو كان الحوار بشكل آخر، يوصل الحلقة إلى المشهد العربي،فما يحدث في الأردن، حالة خاصة تختلف عن كل البلاد العربية، هنا شعب يريد مساعدة نظامه بمحاربة الفساد،والتشارك بالسلطة ، ويعلن تمسكه بالقيادة، وفي الوطن العربي يردون خلع الأنظمة من جذورها، لذا نحتاج إلى حوار هادئ كي يفهم المواطن العربي، ما يدور، وأما النخبة السياسية في الوطن العربي، تدرك تماما جهود الملك، وما يقابله من معيقات للإصلاح، عندما كما الحظ بمقالاتهم وتحليلات الدكتور القطري محمد المسفر الأخيرة في القدس العربي كانت خير مثال،  و اشعر كأنهم يكتبون من عمان، والأردن بلد عظيم، بشعبه وحكمه، وهذا واضح عبر التاريخ، ويدرك خصومه قبل أحبائه، هذا ، ولكن دوما هناك ضعف في بيان ما يحدث وشرح موقف الأردن لأنه هناك تغيب واضح لإعلام دولة أو قصر .

في الحوار رأيت فيصل القاسم لأول مرة ينصف نظام، مع أن الرجل، كان من المتصيدين في برامجه وحلقاته السابقة للأردن، ولكني وجدت من خلال حديثه،، أن تعامل النظام الأردني مع مسيرات الربيع العربي كانت نموذجية، وهذا ما اقره القاسم . وغير وجهة نظره في القوت الذي يرى مجازر نظام بشار الأسد بشعبه السوري.

في الحلقة ظلم الخرابشة الشعب، وظلم التل الدولة، فكلاهما قدم حقائق،مختلطة وابعد عن بعضها، أو لنقول جار عليها، وكان الأكثر إنصافا هو المذيع على غير عادته،فقد حاول جاهدا لملمة الأوراق وهنا علينا أن نقول بان الكلام عن الأردني لا يعني دوما نقد النظام او الحكومة أو المخابرات بل هو الحديث عن الشعب بأكمله وتتوزع ادوار الإصلاح والفساد والخطأ.

الفيصل لخص المعلومة بان الأردن كشعب يملك علاقة واسعة مع قيادته، والملك رحيم بشعبه يرفض القمع أو استغلال قوى الجيش، وفي النصف يأت جهاز المخابرات، وهو الذي يمسك بزمام 99% من إدارة البلد وسياساته الخاطئة أدت إلى هذا الوضع المحتقن اليوم

الخرابشة صور أن مسيرات عمان، عبارة عن استعراض شخصي، لأحزاب، باب المسجد الحسيني، ولم ينتبه إلى حراك المحافظات وخاصة الجنوب،و دخول الشمال عليها، وكذلك نسي   ان المسيرات تطالب بحقوق، محاربة فساد واضح، وحماية ميزانية الدولة المكونة من الضرائب، والمساعدات الخارجية من السرقة والتبذير، وإيقاف التزوير،،، وحاول الخرابشة، إنكار سلبيات تدخل جهاز المخابرات، في الحكومات ومجلس النواب.

في المقابل وجدت أنا الذي عايش في وطني الأردن منذ مولدي، أن سفيان التل يتحدث عن بلد آخر غير الأردن، ويؤول أشياء كثيرة بتفسيرات لا يمكن أن تتقاطع مع الأردن ، فنحن لسنا مشروعا صهيونيا، أو غرفة عمليات لإسرائيل،ولا يوجد سجون مليئة بالمعارضين السياسيين، وما قاله عن الفساد والبيوعات والتدخل الأمني فصحيح مئة بالمئة.واعتداءات إسرائيل علينا .

نقطة الفصل كانت لدى فيصل القاسم الذي يشاهد بأم عينه همجية الأنظمة العربية مع شعوبها، فلا يجوز أن يعد أي معارض الأردن يصف تونس وسوريا ومصر وليبيا، وكما هو الفرق شاسع، كما قال التل، وكم هو الوضع اقتصاديا خطير بعكس ما قاله الخرابشة الذي أراد أن يقول أن الأردن لا يعاني من شيء.

هناك حكم ملكي راشد ، قائد يحب شعبه، وسعى عبر عقد من الحكم بتغير ما يقارب العشر حكومات، وعدة مدراء مخابرات، وتنقل من حكومة اقتصادية في الظل، وبين حكومات ، كانت تفشل وعند مغادرتها تتذرع، بأنها محكومة أمنية، والحكومات العشر، كانت من الشعب كرئيس أو طاقم، فكلهم من عشائر وأبناء الأردن، وليسوا من العائلة الحاكمة أو الحزب الحاكم..

في العمق لا يمكن أن نتجاوز ، عن دين يبلغ سبعة عشر مليار، دينار، وعن ضياع مشاريع الوطن التي بيعت بأثمان بخسة، وعن فساد متجذر، دون أن يرى محاسبة حقيقية للفاسدين، وكذلك تزوير فاضح لصوت الشعب وهو مجلس النواب.

جهاز المخابرات جهاز على مستوى عال جدا،ومن أفضل الأجهزة في الوطن العربي،  وتمكن من حماية الوطن من الخارج، ومن أجندة داخلية، ولكن هذا لا يفسر بتدخلاته بكل مفاصل السياسية في الأردن بدء من الإعلام في الصحف اليومية، إلى تعين رؤساء الجمعيات واتحادات الطلبة، وحتى النواب والوزراء ومدراء الدوائر الحكومية،..وكذلك حظر الاجتماعات العامة، للأحزاب والسياسيين.

ولكن الأردن بلد يسعى إلى توفير 35 جامعة، وتامين صحي شبه شامل ، وسعي إلى دعم الفقير عبر وزارة التنمية الاجتماعية، والمعونات، والحكومة باتت تعاني من فائض في الوظائف، ونقص الاستثمار الخارجي، شكل انفجار بالبطالة، ولكن هذا يجعلنا ألا أن نقول أيضا أن رواتب الحكومة ، لا تكفي لحياة كريمة، فيما قانون العمل عاجز عن حماية العامل الأردني في القطاع الخاص..

والأردن لا يوجد به قمع سياسي وسجون مغلقة، وأكثر دولة وقف مع السلطة الفلسطينية، مع الأهل في غزة، وأكثر بلد  مع الأصول الفلسطينية،و الشعب العراقي ، وكل شعب عربي نكب، استوعب مهاجريهم وحمى معارضيهم، ولا يوجد فيه من اعدم سياسيا، ولا ينكر أي شخص مدى تسامح نظامه، ويكفي أن نقول بان 2000 مسيرة لم يقتل منها احد... حتى نعرف حسنات النظام الذي نتمنى أن تحكى عن حسناته مثلما تصاد سيئاته.

Omar_shaheen78@yahoo.com