الاقتصادي والمالي وما بينهما

اخبار البلد- من الناحية العملية، فان الاصل ان تصمم السياسات الاقتصادية وتقر بتوجهاتها الكبرى ومن ثم تتبعها السياسات المالية، وكذلك النقدية. السياسات الاقتصادية اعم واشمل وذات نظرة طويلة الامد. السياسات الاقتصادية يصنعها ليس فقط خبراء الاقتصاد بل ايضا علماء الاجتماع والنفس والتاريخ والفلسفة.
التخطيط الاقتصادي ينبع من فلسفة وطنية تحدد القيم والاهداف الاستراتيجية حول شكل الاوطان والدول وقراراتها المصيرية. ومن هنا تأتي اهمية تطويع النماذج الاقتصادية العالمية لتلائم وضع كل دولة على حدة. فقد اثبت التاريخ الحديث حول العالم عدم جدوى «القص واللصق» في السياسات بشكل عام، والاقتصادية بشكل خاص لان العناصر التي تشكلها معقدة ومتغيرة.
يقول لنا الخبراء ان من اسباب الازمات الاقتصادية المتلاحقة في الاردن هي الهوة الشاسعة ما بين السياسات المالية والنقدية من جهة، وما بين السياسات الاقتصادية. تفوقنا في السياسات المالية قصيرة الاجل وتخبطنا في السياسات الاقتصادية لاننا وضعنا العربة امام الحصان.
ان توظيف الادوات المالية والنقدية في غياب للسياسات الاقتصادية العليا يؤدي الى بروز تحديات مزمنة. والدليل هو ضعف العمالة والابتكار والانتاجية والتصدير، وغيرها. ان السياسات المالية التي ترضي المقرضين لا تؤدي لوحدها الى نمو اقتصادي حقيقي ومستدام.
علينا ان نحل هذه المعضلة وبسرعة، فأن الاجراس تدق. ان تشكيل رؤية اقتصادية وطنية شاملة عابرة للحكومات يجب ان تكون اولوية قصوى، فقطار المستقبل لا يتنظر احدا. تجنبنا في العقود الماضية مواجهة هذا التحدي لان الازمات اجبرتنا على النظرة قصيرة الامد وفيها يطغى بطبيعة الحال المالي المحاسبي على الاقتصادي. لم يعد هذا ممكنا بعد اليوم، فلا بد من وقفة.