هل هناك ضربة لإيران؟!


تكاثر الحديث وكثرت التوقعات ,كما في كل مرة, عن ضربة إسرائيلية خاطفة متوقعة للمنشآت النووية الإيرانية وتُسرَّب صحافة إسرائيل معلومات تقول أن بنيامين نتنياهو ينهمك في إقناع شركائه في الحكومة وإقناع جنرالات الجيش الإسرائيلي بأهمية وضرورة هذه الضربة في هذا الوقت بالذات لأن إيران ,كما يقول, باتت تقترب من امتلاك السلاح النووي ولأن امتلاكها له سيغير كل المعادلات القائمة الآن في الشرق الأوسط كله.

وفي تبرير استعجال هذه الضربة ,التي يقال إن الأميركيين يعارضونها لأن الوقت غير ملائم ولأنها بالأساس ليست ضرورية في هذه المرحلة الحساسة, تنقل الصحف الإسرائيلية عن نتنياهو قوله إن إيران أصبحت في سباق مع الزمن لامتلاك السلاح النووي خوفاً من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد فيتقلص دورها الحالي والمنشود في الشرق الأوسط وقد تفشل كل مشاريع هيمنتها على هذه المنطقة.

وبالطبع ,ومع أن تأثير سقوط نظام بشار الأسد على تطلعات إيران للهيمنة على هذه المنطقة لا جدال فيها, فإن ما يهم بنيامين نتنياهو هو أن يستبق الانتخابات الإسرائيلية التي باتت قريبة جداً بضربه للمنشآت النووية الإيرانية تظهره بطلاً أسطورياً في عيون الناخبين الإسرائيليين وتظهر إسرائيل على أنها الرقم الأهم في المعادلة الشرق أوسطية ,التي هي قيد التشكُّل مجدداً في ضوء كل هذا الذي يجري في المنطقة, وعلى غرار ما فعله مناحم بيغن في عام 1981 عندما أرسل قاصفاته الإستراتيجية لتدمير المفاعل النووي العراقي في تلك الضربة التي قزَّمت تطلعات صدام حسين عشية اندلاع الحرب العراقية-الإيرانية.

إنه لاشك في أن هناك أطرافاً تريد خلط الأوراق في هذه المنطقة ومن بين هذه الأطراف نظام الرئيس بشار الأسد الذي غدا كمن هو معلق من رموش عينيه ومن بينها أيضاً إسرائيل التي في ضوء التحولات الأخيرة والاهتزازات التي باتت تضرب الشرق الأوسط تحت ضغط ما يسمى بـ«الربيع العربي» غدت تعيش حالة اختناق فعلية ولعل ما زاد في هذا الاختناق كل هذه التحولات الجدية تجاه القضية الفلسطينية وآخرها هذا الاعتراف الهام بفلسطين عضواً كامل العضوية في الـ«يونيسكو» الذي لم تعارضه من الدول الفاعلة إلا الولايات المتحدة وألمانيا والذي سيفتح الطريق بالتأكيد لانجازات فلسطينية جديدة على الصعيد الدولي.

لو أن نظام الرئيس بشار الأسد لا يعيش حالة الارتباك هذه التي يعيشها لكان ضد أي ضربة لإيران أكانت أميركية أو إسرائيلية لكن ولأنه غدا يشعر بأن أيامه باتت معدودات فإنه يرى أن إعادة خلط الأوراق في هذه المنطقة قد يكون بمثابة خلاص له من استحقاق خطير ومدمر أصبح يقف له على الأبواب وأنه إذا كان «لا بدَّ مما ليس منه بُدُّ» فـ»عليَّ وعلى أصدقائي»!!.

وهكذا وبغض النظر عن صحة أو عدم صحة هذه التقديرات فإن المفترض أنه لا خلاف على أن هذه المنطقة تعيش حالة انتظار غير مسبوقة وأن بعض دولها تقف على حافة الهاوية وأن كل شيء جائز في مرحلة عدم الاستقرار ومرحلة التقلبات هذه وهذا كله يجب أن نأخذه نحن في الأردن بعين الاعتبار ولهذا يجب التخفيف من «إسهال» التصريحات التي تتدفق يومياً بلا ضوابط والتي تعطي الأردنيين وتعطي من يراقب أوضاعنا عن بعد انطباعاً وكأن هناك انقلاباً عسكرياً قد وقع بعد تشكيل الحكومة الجديدة وكأن هذا البلد قد انقلب عاليه سافله وكأنَّه ذاهب بعد كل هذه الفوضى غير الخلاقة إلى واقع جديد غير واقعه الحالي.. والله يستر!!.