ذياب: تجاوز شعار «إصلاح النظام» لا يخدم المصلحة الوطنية

اخبار البلد_ قال الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الدكتور سعيد ذياب إن لدى الحكومة فرصة السير بالبلاد على سكة الإصلاح، في حال امتلاكها رؤية شاملة لكيفية التعامل مع ملف الإصلاح والمقدرة والإرادة على تطبيق هذه الرؤية.

وأضاف في حوار مع «الدستور» أن الحزب وبتشاركه مع القوى المختلفة طرح شعار إصلاح النظام ولم يطرح التغيير، وأن ورؤيته الإصلاحية تنطلق من رؤية وبرنامج الحزب الذي يرتكز على السعي من أجل أردن وطني ديمقراطي من أجل دعم النضال الوطني الفلسطيني.

وقال ذياب «لم نتجاوز على امتداد 10 أشهر في شعارتنا مسألة إصلاح النظام مدركين ومقتنعين بأن تجاوز هذا الشعار لا يخدم المصلحة الوطنية ولا مصلحة الدولة الأردنية».

يشار الى أن «وحدة»، الحزب اليساري القومي، تأسس في العام 1992، ويعد بتقديرات العديد من التيارات والقوى الفاحصة لحجم التيارات الحزبية، ثاني أكبر أحزاب المعارضة في البلاد بعد حزب جبهة العمل الإسلامي، وهو الحزب الذي ولد امتداداً لمنظمة الجبهة الشعبية في الأردن، وحمل شعار دعم النضال الوطني الفلسطيني متخذاً من إقرار حق العودة وتقرير مصير الشعب الفلسطيني وإقامة الدولة هدفاً ثابتاً.

ونجح الحزب في تحقيق حضور لافت على الساحة الحزبية في البلاد، وبدأ أعضاؤه ينخرطون في قيادات المجالس النقابية المختلفة، كما انبثقت عن الحزب أطر طلابية من مثل حركة التجديد الطلابية، وكان الحزب مبادراً في إنشاء حملة «ذبحتونا»، وهي حملة تسعى للدفاع عن حقوق الطلبة الجامعيين، كما أطلق عدة حملات منها «دفاعاً عن الخبز والديمقراطية»، و»مقاطعون من أجل التغيير» أثناء مقاطعة الحزب للانتخابات النيابية 2010، فيما كانت آخر نشاطاته اللافتة تنفيذه لسلسلة اعتصامات وإقامة إضراب مفتوح عن الطعام بالتشارك مع قوى مختلفة تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية فيما عرف بمعركة الأمعاء الخاوية. الحوار مع ذياب تطرق لملفات الإصلاح ومطالب بعض القوى السياسية بمراجعة التعديلات الدستورية والحديث عن الدولة الفلسطينية والعلاقة مع الفصائل الفلسطينية والتغيرات التي أحدثها الربيع العربي في المنطقة. وتالياً نص الحوار.



حكومة الخصاونة

* نبدأ من حديث الشارع والقوى السياسية المختلفة بالتساؤل حول مقدرة حكومة عون الخصاونة، التي جاءت بظروف يدركها الجميع، على تجاوز الظروف والاختلالات التي سادت البلاد في الفترة الأخيرة، بخاصة المطالب نحو الإصلاحات الشاملة؟.

- مسألة تقييم مقدرة الحكومة ترتبط بعناصر كثيرة لعل أهمها امتلاك الحكومة ذاتها للقناعة بضرورة الإصلاح وأن أي تأخير في عملية الإصلاح يعني تماماً وقوع مخاطر جدية على الأردن، كما أن على الحكومة امتلاك رؤية شاملة لكيفية التعامل مع ملف الإصلاح، وامتلاك المقدرة والإرادة على تطبيق هذه الرؤية.

يساعدها على ذلك السير في عملية الانفتاح على كل مكونات المجتمع من أحزاب ونقابات وفعاليات وطنية للاستماع لوجهات نظر تلك المكونات في كيفية مواجهة التحديات التي تعيشها البلاد.

وفي حال امتلاك الحكومة لتلك المرتكزات والرؤى فإنه سيتوفر لها إمكانية وضع البلاد على سكة الإصلاح ومعالجة المتطلبات السريعة لعملية الإصلاح.

* حضر حزبكم لقاء رئيس الوزراء أثناء تشكيل حكومته ومشاوراته واجتماعاته مع الأحزاب، كيف تقيمون ذلك؟ وكيف تنظرون للتشكيلة التي خرج بها الخصاونة؟.

- إن تقييم أي حكومة مرتبط بمعرفة الآلية التي تم على الأساس تشكيلها، وبوضوح شديد لا نستطيع أن نحدد وجود آلية ديمقراطية سليمة اعتمدت في عملية التشكيل.

وبوضوح، فإن مسألة تشكيل الحكومات في الدول الديمقراطية تعتمد على القوة البرلمانية الأكبر في تشكيل الحكومة، إلا أن ما جرى في حكومة الخصاونة لم يلامس هذا المطمح، بأن يعكس التمثيل النيابي والحضور الحزبي والشعبي لقوى الحراك الشعبي، بل جاءت تشكيلة الحكومة بذات الأساليب التقليدية المتبعة سابقاً، سواء كان لجهة الجغرافيا أو حتى العلاقات الشخصية أو سياسة الاسترضاء، وهو ما لا نريده في هذه المرحلة المهمة جداً في التاريخ الأردني والعربي.

التعديلات الدستورية

كيف تنظرون للتعديلات الدستورية التي أقرت مؤخراً، بين من يرى أنها جاءت وفق الطموح وأعلى من المتوقع، وآخر يطالب باستكمالها، ورأي يرفضها بتاتاً؟.

- استدراكاً إلى أن الحكومة بإمكانها وضع البلاد على سكة الإصلاح، فالمطلوب منها مراجعة التعديلات الدستورية، فهذه التعديلات نجحت في توفير نصوص قانونية تساهم بالارتقاء نحو تعزيز الحريات الفردية والعامة للأردنيين، كما أن ايجابية التعديلات تمثلت في مفاصل أخرى من مثل المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للإشراف على الانتخاب، ووقف إصدار القوانين المؤقتة ومسألة تحصين البرلمان من الحل، إلا أن هذه التعديلات شابها نواقص حيث انها لم تستجب لمبدأ «الشعب مصدر السلطات» فقد أبقت على مجلس الأعيان، الأمر الذي يدفعنا للمطالبة بالتعديل، إما لجهة انتخاب مجلس الأعيان او حصر مهامه بجانب استشاري.

وحول المادة التي تتعلق بآلية تشكيل الحكومات، كنا وسنبقى نطالب ونبدي الرغبة بوجود نص دستوري يربط تكليف رئيس الأغلبية النيابية بتشكيل الحكومة.

تنسيقية أحزاب المعارضة

* لنتحدث عن مستقبل تنسيقية أحزاب المعارضة، بخاصة مع ما شابها من تباينات واختلافات عدة كالموقف من الربيع العربي والمشاركة في الانتخابات البلدية، وما سبق ذلك من انقسام في الموقف من المشاركة في الانتخابات النيابية 2010؟.

- إن أي إطار وطني عام خلق لأن يستجيب لأهداف سياسية في لحظة زمنية محددة، وعندما تأتي لحظة يتم فيها تجاوز تلك الأهداف تصبح مسألة مغادرة هذا الإطار ممكنة، إما لجهة تركه أو تطويره، وباعتقادي فإن لجنة تنسيق أحزاب المعارضة حتى اللحظة ما زالت تشكل إطاراً مقبولاً للعمل الحزبي المشترك كون الأهداف التي نشأ من أجلها ما زالت قائمة على أساس التوافق برفض معاهدة وادي عربة والتطبيع مع الكيان الصهيوني ثم التوافق على رفض النهج الاقتصادي الليبرالي والتوافق على مطالب الإصلاح السياسية، وهي أهداف ومواقف ما زالت تشكل قاسماً مشتركاً بين أحزاب التنسيقية.

لكن، في العمل اليومي الذي أبرز تباينات في أحزاب التنسيقية في كيفية التعامل مع كل حدث، أمر خلق نوعاً من الخلاف حول ترجمة الموقف من مثل الانتخابات البلدية، ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن لجنة التنسيق ليست جبهة وطنية ذات نظام وبرنامج داخلي، بل هي شكل من أشكال التنسيق وهي ما زالت حتى اللحظة تكتسب ضرورتها.

قانون الانتخاب

* في الآونة الاخيرة ساد جدل حكومي حزبي غير مباشر حول قانون الانتخاب، فتبدو الرغبة الحكومية منحازة لقانون الـ89، وترفض أحزاب عدة العودة إليه، أين تقفون حيال ذلك؟. 

- نريد قانون انتخاب يغادر مبدأ الصوت الواحد والدوائر الوهمية، قانونا يوفر عدالة في التمثيل ويوفر فرصة لتواجد الأحزاب مهما صغرت، وكذلك يحارب المال السياسي بشدة، وأن يعتمد فيه انتخاب على أساس برامجي وليس على أساس العلاقة الشخصية والفردية.

وأرى أن هذه المكونات تتوفر بشكل أساس في نظام الانتخاب النسبي، وكل الدول الديمقراطية التي اجتهدت من أجل تطوير حياتها الديمقراطية تتعامل مع مبدأ التمثيل النسبي، ومن هنا نرى أن عودة الحكومة لقانون الـ89 لا تلبي الهدف الأساسي الذي نبتغي ونطمح بالوصول إليه من خلال عملية الإصلاح، ونصر على وجوب احترام الحكومة لمخرجات لجنة الحوار الوطني التي توافقت على مبدا التمثيل النسبي، ونعتبر أن أي تجاوز على مخرجات اللجنة يعني الالتفاف عليها وركنها في البعيد الذي لا نقبل أن تؤول إليه.

تأثير الحزب في الشارع

* الوحدة الشعبية، ما الحجم والتأثير للحزب في الشارع، بخاصة مع الحديث عن فقدان الأحزاب باستثناء جبهة العمل الإسلامي للتأثير والزخم الجماهيري؟.

- أعتقد أن تقييمنا الذاتي لدورنا كحزب يشعرنا بالرضا لدورنا بخاصة مع الحراك الشعبي الأردني ومقدرتنا على التعامل مع القضايا السياسية والمطلبية في الشارع الأردني، وهذا تجلى بشكل واضح في أكثر من موقف ومجال، فالحزب كان دوره واضحا في حراك المعلمين في الدفاع عن وجود نقابتهم، وكنا واضحين أيضاً في الحراك العمالي في العقبة وفي البوتاس واعتصام عمال المياومة والأطباء.. لقد كنا حاضرين بقوة.

كما أن الحزب بوجوده في الشرائح المطلبية والشعبية كان حضوره السياسي العام مؤثرا في كافة النشاطات التي تمت، سواء في عمان أو على مستوى المحافظات، ونستطيع القول بكل ثقة أن الحزب كرس نفسه كقوة سياسية أردنية فاعلة ومؤثرة في الحياة السياسية، وبرغم هذا التقييم فنحن نطمح إلى تعاظم دور الحزب ارتباطاً بصوابية ما نراه في البرنامج السياسي الذي نطرحه كحزب، ولعل نجاحنا في النقابات وحتى في قيادة ائتلافات فرضية في النقابات يعظم ويعزز دور الحزب، كما أن لنا حضوراً على مستوى الجمعيات والأندية ثم السعي لبلورة تيار عمالي ديمقراطي يتصدى للاتحاد القائم والمهيمن عليه من قبل جهات بعينها، يعطي للمراقب قراءة لدور الحزب وامكاناته.

عموماً نحن نشعر أن علينا واجباً كبيراً للتجاوب مع المطالب الشعبية والمطالب نحو الاصلاحات والدفاع عن المطالب في وجه السياسات الاقتصادية التي قادت إلى الفقر والبطالة كما أننا لن نتوقف في مطالبنا بنحو السعي من أجل رفاهية المواطن الأردني.

وأضيف هنا أن الحزب يتمتع بروحية المبادرة وبديناميكية عالية التجاوب مع الأحداث السياسية وتطوراتها، كما أن النظرة الوحدوية للحزب في تجميع الناس من أجل العمل المشترك تشكل نقطة قوة يمتاز بها بوضوح.

* دأبتم في الأسابيع الماضية على تنفيذ سلسلة اعتصامات وإضرابات عن الطعام بالتشارك مع قوى مختلقة تضامناً مع الأسرى في السجون الإسرائيلية الذين نفذوا إضراباً في السجون فيما عُرِف بمعركة الأمعاء الخاوية، كيف ترون تأثير تلك الخطوة على شبيبتكم وعلى التأثير في الموقف إزاء السجناء؟.

- الاعتصامات كان هدفها بالأساس التضامن مع شعبنا وأهلنا ورفاقنا الذين يخوضون معركة الداخل، وهذه النشاطات أدت إلى الأغراض المنشودة بالتدليل على الحالة الكفاحية العالية التي يتمتع بها شباب الحزب والقوى الاخرى التي شاركتنا ذلك.

ومسألة إضراب 12 شابا عن الطعام في حالة استرخاء سياسية تدلل على المستوى العالي من الكفاحية التي يتمتع بها رفاقنا، وتدلل أيضاً على حجم الالتفاف الشعبي الهائل بين الشعبين الأردني والفلسطيني في النضال المشترك ضد العدو الصهيوني، الأمر الذي يعمق المقولة بأن الخطر الحقيقي على مستقبل الشعبين هو الكيان الصهيوني، فما حدث من تعاظم الموقف الشعبي إزاء تلك الإضرابات يعمق وحدة الشعبين.

وأرى أن تعزيز الديمقراطية وبناء اقتصاد أردني قوي ومتين من شأنه الحفاظ على الأردن من الأطماع والتهديدات الخارجية، وإن ما شهدناه من تضامن كامل للفعاليات الشعبية والوطنية والنقابية مع الفعل الإضرابي يدلل على مدى التوافق الوطني حينما يكون الشعار والهدف صائبين.

فالإضرابات لم تجرِ في عمان فحسب، وإنما امتدت إلى البلقاء والزرقاء واربد والكرك جنوباً، ما يعمق وحدتنا الوطنية ويعززها في شعورها بأهمية تضامنها وتوحدها في مصاب غيرها من أبناء أمتها العربية.

الإطار الإصلاحي

* ماهو الإطار الإصلاحي الذي ينادي به حزب الوحدة الشعبية، وإلى أي المبتغيات السياسية تطمحون في ظل تشارككم المتواصل في المسيرات الإصلاحية؟.

- نحن نطرح شعار إصلاح النظام ولم نطرح التغيير، ورؤيتنا الإصلاحية تنطلق من رؤية وبرنامج الحزب الذي يرتكز للسعي من أجل أردن وطني ديمقراطي من أجل دعم النضال الوطني الفلسطيني، وهذان المفهومان الجدليان يرى الحزب أن المقدرة على تحقيقهما تكون عبر المناداة بأردن وطني ديمقراطي تتعزز فيه السيادة الوطنية ويتحرر من كافة أشكال التبعية ويبنى فيه مجتمع متماسك لا يتأتى إلا من خلال عملية إصلاح النظام بشكل عام، ونحن على امتداد 10 أشهر لم نتجاوز في شعاراتنا مسألة إصلاح النظام مدركين ومقتنعين بأن تجاوز هذا الشعار لا يخدم المصلحة الوطنية ولا مصلحة الدولة الأردنية.

أما الحديث عن أجندات خارجية فلا يتعدى كونه مقولات لطالما حاولت القوى المعادية للإصلاح ترديدها في مواجهة قوى الإصلاح التي تسعى فعلا للارتقاء بالأردن دولة ومجتمعاً، وذلك يتأتي عبر حكومة إنقاذ وطني تكون مهامها محددة وعنوانها الإصلاح الوطني الشامل الذي ينطلق من مراجعة وإعادة النظر بالقوانين الناظمة للحياة السياسية ومراجعة التعديلات الدستورية وإعادة النظر بالنهج الاقتصادي لجهة إعادة الاعتبار لدور الدولة في عملية التنمية، وبهذه المرتكزات يمكن تجاوز المخاطر المحدقة بالبلاد.

مستقبل الاحزاب

كيف تنظرون لمستقبل الاحزاب السياسية في ظل المتغيرات والربيع العربي، وتعاظم دور الشباب الذي يجري الحديث عن ضرروة تعزيز دوره ومكانته القيادية في إطاراته الحزبية، وهل يمكن أن نرى ربيعاً داخل الأحزاب؟.

- أعتقد أن الحزب كإطار تنظيم لجماعة وفق رؤية داخلية ومبادئ عامة سيبقى حاضراً مهما جرى من حراكات، بل وعلى العكس فإن الحاجة للأطر المنظمة ستبقى موجودة سواء في مسيرة الثورات أو بعد تحققها، كما أن أي حزب سيرتهن تطوره واستمراريته بمقدار نجاحه في طرح برنامج يستجيب لأهداف الشعب، وترجمته برامجه لقضايا ملموسة تتناغم مع الحراك المجتمعي.

ومن هنا أعتقد أن الحركة الحزبية على المستويين الأردني والعربي ستخضع لهذين المفهومين وأن الاستمرارية مرتبطة بهما وبمقدرة الأحزاب على قراءة الحاجات المتجددة للشباب، ما يعطيها فرصة الاستمرارية.

كما أن الربيع العربي فرض حالة من التغيير ليس فقط في ذهنية مؤسسات الدولة والأحزاب وإنما على مستوى الأفراد، فخلق نوعا من الذهنية القلقة بحيث نبحث عن الأفضل والمتطور، الأمر الذي عزز بشكل لافت دور الشباب في كل مؤسسات المجتمع من أحزاب ونقابات وحتى على مستوى العائلة، ما يدلل على حضور شبابي قوي وفاعل ومؤثر حزبياً في المستقبل القريب.

* باعتقادكم هل الحراك الإصلاحي في الأردن نخبوي أم شعبي؟.

- الحراك في الأردن بدأ نخبوياً، ولكن بدأت قاعدة هذا الحراك تتسع أفقياً على مستوى معظم محافظات المملكة، وعمودياً ليلامس أغلب الشرائح المجتمعية، وليؤدي كذلك إلى انخراط معظم المكونات المجتمعية، وهذا ما يمكن الاستدلال به في العدد من حيث حجم المشاركات لدى الأفراد والجماعات وكذلك عدد الاعتصامات والمسيرات وحجمها. ودون أدنى شك، لم يكن الحراك ذا وتيرة واحدة، بل كان يشهد مدا وجزرا لفترات ارتباطه بظروف معينة. ولدي قناعة بأن الحراك انتقل من طابعه النخبوي إلى الطابع الشعبي وباتت قاعدة المطالبين بالاصلاحات تتسع كل يوم.



الريبع العربي

* لننتقل إلى الشأن العربي ولنتحدث عن القضية الفلسطينية والتوجه نحو الاعتراف بدولتها أممياًً، أين تقفون من هذا التوجه؟.

- الريبع العربي فرض نفسه بقوة على المستويات كافة، حتى شمل الكيان الصهيوني وأثر على المستوى الدولي في اعتبارات كثيرة، فقد فرض نفسه بحيث بدأت القوى الفلسطينية تتساءل عن جدوى الاستمرار باتفاقية أوسلو، بل أصبح الشارع العربي ينظر إلى اتفاقات السلام الأخرى، كامب ديفيد ووادي عربة، بوجود مفارقة في الوقت الذي وقِعت فيه، فبدل أن يجنح العدو الصهيوني نحو السلم ويستجيب للمطالب العربية والفلسطينية المشروعة، فإننا نشهد انحرافاً داخل هذا الكيان نحو اليمين والتطرف، وقد بدأ العدو الصهيوني يكشف عن أطماعه أكثر من أي مرحلة سابقة، الأمر الذي دفع قوى الحراك الشعبي للمطالبة بإعادة النظر بتلك الاتفاقات، بما فيها اتفاقية أوسلو. ونرى أن خطوة الذهاب للأمم المتحدة والاعتراف بالدولة الفلسطينية تعد جيدة، إذا ما ترافقت بمراجعة كاملة للسياسة الماضية وإنهاء الانقسام الفلسطيني ثم التوجه لاستراتيجية شاملة للمقاومة الشعبية، وقت إذ يمكنها التوجه لانتزاع دولتها ولتشكل خطوتها نقلة نوعية في النضال الوطني الفلسطيني.

وبغير ذلك فإنها لا تعدو أن تكون خطوة دبلوماسية سيكون أثرها محدودا، فقد بات من الضروري إعادة النظر في العلاقة مع الكيان الصهيوين لجهة تعزيز الفعل الذاتي والقدرات الذاتية فلسطينياً وعربياً، فهذا العدو لا يقتنع إلا بلغة القوة، وان سياسية اللهاث والاستجداء للسلام لا تزيده إلا عنجهية وعدوانية، وهو ما يتجلى بالتعبيرات التي تصدر بين الفينة والأخرى بالانتقاص من الهوية الأردنية والدولة الأردنية والتنكر للحقوق الفلسطينية.

* كيف تنظرون لما أحدثه الربيع العربي من تغيرات أوقعت بكبرى الانظمة العربية، بخاصة مع الانقسامات حول تدبير المؤامرات وشعبية الثورات العربية؟.

- هناك أسباب موضوعية للربيع العربي تكاد تكون متشابهة في كافة البلدان العربية، فالمواطن العربي كان يعيش حالة أزمة حقيقية ومن مظاهرها أن الوطن العربي تعمقت لديه حالة التبعية بفعل خضوعه لشروط المؤسسات الدولية، وهذا قاد إلى تحولات اقتصادية داخل البلدان العربية بحيث تكرس دور الكمبرادور في قيادة الدولة ودخول رجال البزنس على السياسة، وهو ما قاد إلى تنامي ظاهرة الفساد ونهب ثروات الدول العربية وأدى إلى تنامي ظاهرتي الفقر والبطالة، ومقابل كل ذلك كانت الأنظمة تمعن في درجة الاستبداد ومصادرة حرية الرأي والتعبير، وهذه الظروف مهدت لقيام الثورات التي تعبر عن إرادة حقيقة للمواطن العربي.

وأعتقد أن القوى الرأسمالية المعادية إذا كانت فوجئت بالثورات في تونس ومصر فقد استطاعت أن تعيد حساباتها وتدخل على خط الحراك الشعبي في الدول العربية الأخرى، وسعت لتوجيهها بما يخدم أهدافها وقطع طريقها نحو التطور. وأرى أن عودة الحسابات الرأسمالية تحتم على القوى الشعبية التنبه لمخاطر التدخل الخارجي بأن تقاومه بشدة وشراسة، فما نصفه بالثورة لا نقبل أن يتم عبر الهيمنة الأجنبية. ومفهوم الثورة يكون لمن يريد التحرر من الأجنبي والاستبداد الداخلي وبناء اقتصاد وطني مزدهر، وإن أي افتقاد لهذه الشروط من شأنه طرح علامة استفهام على طبيعة هذا الحراك أو ذاك، وضمن هذا الفهم ننظر للحراك الشعبي العربي.

كما أن على القوى الديمقراطية أن تنخرط بشكل فاعل مع قوى الحراك بما يخدم المصلحة الوطنية والقومية وعدم الاكتفاء بالجلوس على الأرصفة وتقديم النصائح.

حركة حماس

* الحديث اليوم يدور حول عودة العلاقة بين حماس والأردن، كيف تنظرون إلى ذلك؟.

- ما نطالب به كحزب أن تنطلق سياسة الحكومة من مبدأ دعم النضال الوطني الفلسطيني ارتباطاً بواجب الأردن من توفير كل عناصر الإسناد للشعب الفلسطيني كي يحصل على حقوقه الوطنية، وأنه كلما تنامى النضال الوطني الفلسطيني عزز ذلك من نهج المقاومة وكان صداً منيعاً في وجه الأطماع الصهيوينة تجاه الأردن.

ومن هنا نرى أن المصلحة الوطنية الأردنية تتطلب دعم فصائل المقاومة الفلسطينية من على قاعدة أنها تشكل خط الدفاع الأول عن الأردن، إضافة لدورها في انتزاع الحقوق الوطنية الفلسطينية، وإذا ما قرئ التقارب والتحول السياسي الأردني تجاه حماس في هذا الإطار فنحن نؤيد ذلك الانفتاح، أما إذا قرئ في سياقات أخرى فهنا لا أستطيع الجزم بالمواقف والنتائج.