قصف اعلامي للخصاونة بعدما استنكر سحب الجنسيات: كيف ينام المواطن اردنيا ويستيقظ بلا جنسية؟


كما هو متوقع تماما تحركت نفس الماكينة الكلاسيكية ضد رئيس الوزراء الاردني الجديد عون الخصاونة لمجرد انه تجرأ وتحدث عن الخطا الدستوري الفادح عام 1999 والمتمثل بابعاد قادة حركة حماس الاردنيين عن بلادهم فخرجت العديد من الاراء والاقلام التي ترحب بعودة العلاقة الاردنية مع حماس سياسيا لكنها تحذر الخصاونة من تداعيات الاعتراف بالخطأ الدستوري.
والجدل الذي غرقت به عمان النخبوية خلال الـ 48 ساعة الماضية يؤشر على توطن نفس العقلية والذهنية القديمة فحماس مطلوبة سياسيا ولكن قادتها الاردنيين ينبغي ان لا تعاد لهم جنسياتهم الاردنية وان يزوروا البلاد كضيوف يمثلون تنظيما فلسطينيا دون اي اعتراف بان سياسة الابعاد كانت تنطوي على مخالفة للدستور.
وما يفهم من مجمل الجدل الذي تجدد في وجه الرئيس الخصاونة عندما مارس البوح والشفافية بين قادة النقابات المهنية وهو يقول بصراحة اخطأنا سياسيا ودستوريا في ملف حركة حماس.
ولم يحدد الخصاونة بعد في الواقع مرامي واهداف كلامه عن الخطأ الدستوري وتعتقد مصادر 'القدس العربي' ان المسألة قد لا تتعدى الاستعداد لتقبل فكرة استئناف الاتصالات مع حركة حماس بعد تداعيات الربيع العربي حيث يحكم حلفاؤها الاسلاميون الحركة والايقاع في اكثر من بلد اليوم وتحديدا في الساحة المحلية.
ورغم ان الخصاونة لم يقدم برنامجا سريعا لاصلاح الخطأ الدستوري ولا تصورا شاملا لطبيعة العلاقة مع حماس في الفترة اللاحقة الا ان الهجوم عليه وانطلاقا من نقطة الخطأ الدستوري كان قاسيا لسبب بسيط وهو ان هذا الاعتراف يعني عمليا بأن الابعاد الشهير لقادة حماس الاردنيين عام 1999 لم يكن شرعيا ولا كل الاجراءات التي تمت على اساسه.
وهو امر يخشى مراقبون ان يستفيد منه من يرفضون سياسة سحب الجنسيات فقد لاحظ الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان مثلا بان الرئيس الخصاونة استخدم في لقاء النقابات المهنية العبارة الاستنكارية التي تقول 'ينام البعض اردنيا ويستيقظون في اليوم التالي بدون جنسية'.
وما دام الامر كذلك فالاولى كما يقول المحامي والنائب السابق مبارك ابو يامين للقدس العربي تصحيح الخطأ فعلى الخصاونة ان لا يقبل استمرار هذا الخطأ الدستوري فهو والوزراء مكلفون بانفاذ القانون والدستور.
وردود الفعل على الاعتراف بالخطأ الدستوري لم تخل من الاثارة والتصعيد فقد رفض رئيس الوزراء الاسبق الذي ابعد قادة حماس في عهده عبد الرؤوف الروابده دعوات عشرات الصحافيين للتعليق على الامر واكتفى بموقف بسيط نشرته صحيفة 'عمون' يظهر الاستياء من كلام الخصاونة مصرا على ضرورة المبادرة وفورا لتصحيح الخطأ الدستوري من قبل رئيس الوزراء اذا كان مصرا على انه خطأ فعلا.
ولهجة الروابده هنا بوضوح تحمل تحديا ضمنيا، لكن وزير الداخلية الذي ابعد قادة حماس نايف القاضي كان له راي اكثر مباشرة فقد اعتبر اعتراف الخصاونة مجرد رأي شخصي محض لا يمثل النظام والدولة بالنتيجة كاشفا بان ما حصل في ملف حماس عام 1999 اجراءات سيادية تطلبتها المصالح العليا للدولة وبأن قرار الابعاد اتخذته السلطات العليا في البلاد.
لكن على جبهة موازية اشار محامي التنظيمات الاسلامية المقرب من حركة حماس موسى العبدللات لان مسألة عودة حماس سياسيا ومكتبيا للاردن اصبحت مسألة وقت مؤكدا لـ'القدس العربي' بأن مصالح الاردن العليا اليوم تتطلب ليس فقط التعامل سياسيا مع حماس بل التحالف معها بسبب موقفها العقائدي ضد الوطن البديل وخياراته خصوصا في ضوء اعلان القيادة الاردنية رسميا بأن اسرائيل تتآمر عليها وعلى الاردن.
وفي الهامش يمكن ملاحظة ان الاتصالات التي جرت قبل تشكيل حكومة الخصاونة مع الاسلاميين لم تعتبر افتتاح مكتب لحماس في عمان او زيارة خالد مشعل ورفاقه للعاصمة مطلبا اساسيا يساعد في انضاج صفقة لتهدئة الحراك المعارض بل تحدث الاسلاميون مع الخصاونة عن مطالب تتجاوز هذا السقف وهو التعامل حكوميا وبيروقراطيا مع حكومة حماس في قطاع غزة كما تتعامل عمان مع بقية الحكومات.
وهو امر يفسر عمليا بروز وابراز اسماعيل هنية اكثر من غيره في عمق بؤرة الاتصالات بين عمان وحماس فالاخير اتصل برئيس الديوان الملكي رياض ابو كركي مهنئا وقبل ذلك اتصل برئيس الوزراء الاسبق معروف البخيت.