تعديلات جذرية على سياسات القبول الجامعي ولكن! 1/2] -

اخبار البلد- تمثل سياسات القبول الجامعي واحدا من التحديات للمسيرة التعليمية الأردنية بشقيها المدرسي والعالي، وربما اعتماد مبدأ القبول الموحد للجامعات الحكومية قد نثر أسس العدالة، وبعث رسالة اطمئنان للبناء المستقبلي، بالرغم من العثرات والاعتداءات التي اجتاحت حدود امتحان الثانوية العامة في السنوات الأخيرة، وربما استنهاض الذاكرة يعطينا الأمل بالقدرة على التغيير للأصلح، فنذكر شهر تموز من العام الماضي عندما تشرفت نخبة من طلبة الأردن، بالمثول بين يدي جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، في قصر الحسينية، هذه اللفتة والمكرمة الملكية، شملت بنورها وسموها ورفعتها الطلبة المتفوقين والناجحين في امتحانات الثانوية العامة، وقال يومها الملك القائد: «أحببت أن أشارككم اليوم الفرحة بالنجاح والتفوق»، وخاطب جلالة الملك الطلبة، في موقف ابوي مشهود: «بهمتكم وعزيمتكم، الأردن مستمر في مسيرة التقدم والنهوض، بلدنا حقق إنجازات نفتخر بها، وأريد منكم الاستمرار في مواصلة العطاء». هذا الوعي الملكي الشاهد على انجاز الأردني وتجاوز عتبات الصعاب، بالتحدي والايمان بأننا دولة مؤسسات وترانا عين ملكية عاشقة للحق والعدالة، فما ينيره جلالة الملك، هو قوتنا في مستقبل الايام، وليس من الهين التغاضي عن قرار او قرارات تمس روح العدالة، وربما يضيع مستقبل شبابنا وجامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية والتربوية بسببه.

هل نحلم أن نصل إلى تخطيط جريمة منظمة، ونضع لها عنوانا فضفاضا وتطلق القتلة في ساحة اسمها «امتحانات القبول الجامعي في الأردن»؟ هي قطعا، امتحان او امتحانات لن تحقق العدالة للطلبة بعد اجتيازهم معضلة الثانوية العامة، وليس من العدل، إخضاع الطلاب، إلى ممارسة مخاتلة، تصب نار القلق في المجتمع، ولن تحقق العدالة المنشودة، فهناك ادلة كثيرة تؤشر على ذلك، عدا عن ان اي امتحانات قبول، ستؤثر على مصداقية مؤسسة الثانوية العامة، وليس تحصيل الطالب، بالتالي لن تكون امتحانات «معيارية»، فمثل هذا الامر يحتاج لعلاقة موازية بين التعليم الثانوي والتعليم العالي، لتحقيق رؤية تجسر المطلوب، لكن ليس في مجتمعنا الذي يعتمد على سلسلة من القرارات والمبادرات وطرق اكتساب القبول الجامعي، لهذا فأي امتحانات قبول، هي مسرحية نهايتها قتل المخرج.

هل نريد إحداث اختلالات عميقة في جدران التعليم الثانوي، لنفرغ مدارسنا وبالتالي جامعاتنا، ونخرج بقية مدخرات البلد إلى مدارس ثانوية في بلدان منافسة، تتاجر بالتعليم وتمنح فرصاً معترفاً بها عالميا؟ أي امتحان قبول بعد سهر وتعب سنوات ومخاض عسير؟ لامتحان التوجيهي قدسية وطنية يجب المحافظة عليها، ونرفض بشكل قطعي خضوعها لاجتهادات مرحلية بحكم المنصب واتخاذ القرار، فهذا الامتحان هو بوابة الدخول الجامعي بأقصى درجات العدالة النسبية المتوفرة، واعتقد، بخبرتي الأكاديمية، ان هذا القرار، سابق لاوانه، ويضعنا أمام جريمة تصويب قناصة على رأس وهرم التعليم الثانوي في المملكة، ليهوي على مسرح الفساد والخصخصة، وستكون آليات الامتحان، والقبول، شاهدة قبر التعليم الثانوي بعد انتفاء قيمة الحيادية التي يوفرها، فمن يضمن وجود امتحانات قبول، ضامنا ان لا يشوهها او يشوبها الفساد، والواسطة وبالتالي المتاجرة بمستقبل الطلبة وخلخلت أركان المجتمع وثقة المواطنين بجهاز التعليم؟ ونكمل في القادم وللحديث بقية.