بشر خطاؤون
اخبار البلد- غرض هذه المقالة هو توضيح المقصود بالتفكير الأخلاقي. أيْ كيف يَضبط الناسُ علاقاتِهم كي لا يتحوَّلَ الاختلاف إلى عداوة أو طغيان.
والمتوقع في الغالب أنْ يلتزمَ الناس بشكل طوعي بالإحسان في تعاملهم مع بعضهم بعضاً. لكنَّ هذا لا يحصل دائماً. لهذا تقوم المجتمعات بتحويل بعض القواعد الأخلاقية إلى أنظمة ملزمة (ومن الأمثلة عليها تحريم الكلام العلني عن الفواحش، ومنع الإساءة اللفظية والتهديد، ومنع الإهمال المؤدي إلى الضرر، وغير ذلك) فهذه في الأصل قواعد أخلاقية، كان المفروض أن يلتزم الأفراد بها طوعاً، أي من دون خوف العقاب أو الطمع في الثواب. لكن الأمور لا تجري دائماً على هذا النحو، لهذا تحولت إلى قانون.
لا يوجد مجتمع من دون أخطاء أو مشكلات، صغيرة أو كبيرة. المجتمع الذي يعاقب أفراده على كل خطأ، والمجتمع الذي يمتنع أفراده اختياراً عن ارتكاب «أي» خطأ، سيتحول إلى سجن للروح، سيكون أقرب إلى حظيرة دواجن ضخمة وليس مجتمعاً للناس. هذا هو المثال الأقرب إلى المجتمع شديد الانضباط.
أما المجتمع الاعتيادي فهو مجال حيوي مفتوح للخطأ والصواب، يتصارع الناس فيه من أجل مساحة أو مكانة أو مال أو فكرة، أو غير ذلك. التكاثر غريزة طبيعية في البشر، وهي –في اعتقادي– من أسرار تقدم الإنسان. الاختلاف ثم الصراع نتيجة طبيعية لنشاط تلك الغريزة. وهذا هو الذي حمل البشر على تطوير المُثل والقواعد الأخلاقية، التي تساعدهم على تقليل الاحتكاكات الضارة فيما بينهم، وحل المشكلات إذا وقعت.
التفكير في الأخلاق إذن، هو الفحص المنتظم للعلائق التي تربط البشر بعضهم ببعض، والقواعد التي يتبعونها في فهم الأشياء وإدراكها، واختبار المصالح والمثل التي تشكَّلت على ضوئها أساليب العيش والتعاملات العامة، وأنظمة القيم التي تحدد أغراض حياتهم. منظومات القيم هذه عبارة عن اعتقادات حول الكيفية التي ينبغي للحياة أن تعاش بها، كيف ينبغي للرجال والنساء أن يكونوا، وماذا ينبغي لهم أن يفعلوا.
نحن بحاجة إلى الأخلاق لأنَّنا بشر خطاؤون، ولو لم يكن ارتكاب الخطأ طبعاً لازماً لحياتنا، لما كان ثمة حاجة لأيٍّ من القيم الأخلاقية أو آداب السلوك.