أيام المفاجآت.. ماذا بعدها؟
اخبار البلد- في الوقت الذي انصبت فيه تحليلات السياسيين، في معظمها، باتجاه عدم حل مجلس النواب، وباتت مسألة بقاء حكومة الدكتور عمر الرزاز أمرا واقعا، كانت المفاجأة في اللحظات الأخيرة تسجل إرادة ملكية بحل المجلس، وما ترتب عليها من استحقاق دستوري يمنح رئيس الوزراء أسبوعا واحدا فقط لتقديم استقالته.
بورصة أسماء المرشحين لموقع رئيس الحكومة، بلغت أوجها طوال أسبوع كامل، اجتهدت صالونات عمان خلاله بوضع تصوراتها للأسماء صاحبة الأفضلية في المرحلة الحالية، كما لم تقصر مواقع التواصل الاجتماعي في الاجتهاد، وغدا الجميع يرشح فلانا، ويستبعد آخر، بيد أن كل هذه الآراء كانت تستند على أمنيات لا معلومات، ولم تخلف وراءها سوى توقعات. أكثر الأشخاص حنكة سياسية لم يكن ليتوقع أن تؤول النتائج في اللحظة الأخيرة إلى استمرار الرزاز على رأس حكومة تصريف أعمال، حتى اختيار رئيس حكومة جديد.
إثر ذلك انشغل الجميع في جدل دستوري بشأن هذا القرار، وبات الكل يملك قدرة على إطلاق الفتاوى الدستورية وفق رؤيته الخاصة، فيما اختلف أصحاب الاختصاص من قانونيين بهذا الشأن، ليستقر الأغلب على أن هذا القرار جاء كعرف دستوري وليس كنص دستوري. إثر ذلك تم إطلاق العنان لتأويلات عن المدة التي ستبقى فيها حكومة تصريف أعمال.
لكن ماذا بعد ذلك؟ وما هو الأهم بالنسبة للأردنيين في المرحلة المقبلة، بقاء الرزاز رئيسا للوزراء أو رئيسا لحكومة تصريف أعمال، أم رئيس حكومة جديدا؟ إذ إن المسألة لم تعد مرتبطة بمن يدير أمور الأردنيين، وإنما في الكيفية التي تدار فيها شؤونهم ومصالحهم، وفي من سيضع استقرار البلد اقتصاديا وصحيا واجتماعيا أولوية فعلية عبر التخطيط والعمل، لا الزهو بالمواقع وإطلاق الشعارات والتهديدات، والهروب من الالتزامات.
ومع كل هذه التطورات والتفسيرات والتحليلات والانشغالات، فإن هناك حقيقة واحدة واقعة لا محالة تتمثل في أن الرزاز سيغادر الدوار الرابع سواء كان اليوم أو غدا أو بعد أسبوع، فهذا استحقاق دستوري لا نقاش فيه، وسيأتي من بعده قوم لا أحد سيحسدهم على ما سيجدونه أمامهم، وما سيخوضون من معارك كبيرة مع الوضع القائم، ماليا وإداريا ووبائيا.
ما يهم الأردنيين اليوم هو أن يحسن الرئيس القادم اختيار أعضاء فريقه، ممن يدفعون به إلى الأمام، لا أن يجروه إلى الخلف، وفي حال كان العكس، فإنه سيمثل مأساة لن يدفع وحده ثمنها، إذ ستجرنا جميعا نحو مزيد من التعقيدات والتشابكات وعدم الاستقرار، والتأخر في محاولة النهوض من جديد.
نعلم أن التحديات التي تواجه الأردن عديدة، سياسية واقتصادية ووبائية، وعلى مستوى الإدارة العامة التي دخلت في ترهل كبير يتوجب على المسؤول التحرك لإعادتها إلى جادة الصواب، كما نعلم أن الرئيس الجديد لا يملك عصا سحرية لحل جميع الإشكاليات والتحديات التي تواجه المملكة، والتي من المتوقع أن تزداد، مثلما لم يمتلك الرزاز ومن أتى قبله حلولا لها. بيد أن أمام الضيف الجديد على الدوار الرابع فرصة لأن يستفيد من أخطاء من سبقه، وأخذ العبر في التعامل مع جميع الملفات، بما فيها من سياسات وإجراءات وأيضا، أزمات، وعلى رأسها جائحة كورونا وتبعاتها.
لا أعتقد أن هناك مزيدا من المفاجآت في الطريق إلينا، وتحديدا في قريب الأيام، فالمهم اليوم هو أن يكون اختيار الوزراء ضمن معايير الكفاءة والأحقية، وأن يكونوا في مكانهم الصحيح، لأن هذا هو الفارق الوحيد الذي سيحدث النقلة النوعية في أداء أي رئيس حكومة، وهو الذي سينعكس لاحقا على التركيبة الاقتصادية والمجتمعية.
البحث في تفاصيل ووقت قدوم الرئيس المقبل لن يقدم أو يؤخر، فالأجدى انتظار الفرج بحكومة غير مسبوقة، وبشكل ومضمون ومحتوى جديد تماما، لا أن نجلس لنشاهد الآلية نفسها في إفراز الوزراء، وإعادة تدوير المناصب.