جائحة سوء التغذية.. مقترحٌ للحل
اخبار البلد-
يُعاني الأردن مُعضلة أجتماعية اقتصادية تغذوية مركبة، ودليلنا إلى ذلك ما تُجمع عليه التقارير الدولية «الفاو»، «اليونيسف»، «الأيفاد» وبرنامج الغذاء العالمي. من أن «1.2» مليون من السكان يعانون من سوء التغذية، إما بعدم الحصول على كمية كافية من الغذاء أو على غذاءٍ غير متوازن، يحولُ بينهم و بين إستمرار الحياة على نحو طبيعي.
إن من المؤشرات ذات الدلالة المؤلمة أن «34.7%» من النساء من هن في سن الحمل بين «15-49» عاماً يُعانين من فقر الدم. وأن الأحصاءات الوطنية تُشير إلى أن نسبة كبيرة من أطفال الأردن وفي الكثير من المناطق يُعانون كذلك من فقر الدم الحاد.
«2»
وأعتقد أن السبب الأهم الذي يقفُ خلف هذا الخلل التغذوي يعودُ الى ثنائية إقتصادية ذاتُ شقين:
شقُها الأول: تواضع مداخيل المواطنين، حيث تُفيد البيانات الرسمية أن حوالي «90%» من العاملين في القطاعين العام والخاص، تقل إجورهم عن «500» دينار.. وأن «40%» مــنهم كذلك تقل أجورهم عن «300» دينار، وأن الطامة الكبرى مع هؤلاء الذين تحوم دخولهم عند ال«200» دينار، إضافة إلى عشرات الألوف من الأُسر التي تعتاش على المعونة المتواضعة التي تُقدمها الدولة.
أما الشق الثاني الأكثر وعورة من هذه المعضلة المركبة، أنما تتمثل بآفة أرتفاع الأسعار ومستويات المعيشة في بلادنا، فالتقارير الدولية المُعتبرة والتي تتمتع بمصداقية كبيرة، تُفضي بأن الأردن على رأس قائمة الدول العربية الأكثر غلاء، وربما الأفريقية أيضاً، وهذا ما تؤكده «الأكومنيست» للسنة الرابعة على التوالي. وهذا ما يُفسر نزوح الكثير من الأُسر الأردنية إلى خارج البلاد هرباً من غلاء المعيشة في الأردن.
تلكم الأسباب التي تقف وراء سوء ونقص الغذاء..
«3»
ان الحلول التي تم الأخذ بها لمواجهة ذلك، لم تُعط ما هو مأمولٍ منها، وكانت ذات آثار سطحية لم تدخل أبداً الى عمق المشكلة..
وأضرب مثلاً على ذلك، دعم الخبز حيث يُعطى المواطن بضعة دنانير سنوياً ولمرة واحدة، ربما تُنفق في أول يوم من أستلامها، دون أن تؤثر إيجاباً بالقيمة الغذائية التي يتحصل عليها المواطن.
والآن.. هل من حل لمواجهة جائحة نقص الغذاء؟ في ظل تدني الرواتب والأجور ومستوى غلاء المعيشة المرتفع؟
أقول: نعم.. الحل موجود.. و يُنتظر حكومة ما.. تقرع الجرس..
فالمبلغ المخصص لدعم الخبز ومن بيانات الحكومة يصل إلى حوالي «250» مليون دينار، دعم يتوزع بواقع «16» دينارا سنويا للفرد.. أي حوالي «1.25» دينار في الشهر أي «4» قروش في اليوم.
فهل نعتقد أننا نُنفق هذا المبلغ الكبير في المكان الصحيح؟ وهل يُمكن أن نتصور بأن ذلك يؤثر أيجاباً في تحسين صحة الأردنيين أو سد رمقهم؟.
والجواب.. لا..
أعتقد أن هذا المبلغ وان أُنفق بقناة أُخرى سوف يُعطي نتائج حقيقية تُؤمن للأردنيين حصصهم اللازمة من البروتين والكاربوهيدرات والمعادن والفيتامينات، وسوف يُسهم هذا المبلغ بتحسين مستوى الحياة والصحة العامة للمواطنين.
وكيف..؟
بالأفتراض أن هذا المبلغ قد تم تقسيمه مناصفة بين المؤسستين الأستهلاكيتين العسكرية والمدنية، وذلك على شكل إعفاءات جمركية ومن ضريبة المبيعات. ومن ثم توزيع بطاقات ممغنطة تسمح بالدخول إلى فروع تلك المؤسستين والتي تكاد تكون منتشرة في كل قرية ومدينة وبادية ومخيم في البلاد وذلك لكل المواطنين الذين تقل دخولهم عن ألف دينار، بأعتبار أنها الشريحة المستهدفة بالدعم. بحيث يتحصل المواطن وفق عدد أفراد أسرته، على أحتياجاته من العناصر الغذائية الضرورية. وفق حصص محدودة تؤمن للجسم أحتياجاته اللازمة وبأسعار تتناسب مع رواتب وأجور هذه الشريحة المستهدفة بالدعم.
وقد تحدثتُ مع مختصين سبق وأن تسلموا مواقع قيادية في هاتين المؤسستين، حيث أفادوا بأن هذا المبلغ «250» مليون دينار يُمكن أن يؤمن أنخفاض بالأسعار لا يقل عن «30%». وذلك من شأنه أن يُعيد التوازن إلى السوق الذي سوف يتواضع ويخفف من غلواء أرتفاع الأسعار ليتماشى مع هذه السوق الموازية التي تُمثلُها المؤسستين العسكرية والمدنية.
وبعــد.. أموال الدولة قليلة.. لكن يجب البحث عن الأستثمار الأمثل لها وإنفاقها بالمكان الصحيح، لتُعطي ما هو متوخى منها.
أقتراحٌ برسم التنفيذ.. طالما تحدثنا عنه ولا مُجيب..
والله والوطن من وراء القصد