رئيس الوزراء يدلي باعترافات غير مسبوقة

هل تملك الحكومة الوقت اللازم لتصحيح هذا الكم من الأخطاء ?

أطلق رئيس الوزراء سلسلة تصريحات جريئة خلال لقائه مجلس النقباء مساء امس الاول حول عدد من القضايا المطروحة للنقاش منذ فترة وهي في معظمها قضايا مثيرة للجدل, وقد أتت أجوبة الخصاونة عليها أكثر إثارة.

لكن بعض ما جاء على لسان رئيس الوزراء يمكن تصنيفه تحت باب الاجتهادات الشخصية, لكنها في نظر الكثيرين اجتهادات موفقة.

الموقف من إبعاد حركة قادة حماس من الأردن الذي وصفه الرئيس بأنه "خطأ دستوري وسياسي" هو الاعتراف الاول من نوعه وفي حال قرر الخصاونة تصحيح هذا الخطأ فأن عليه ان يسمح منذ الان وصاعدا لخالد مشعل ورفاقه الثلاثة بالعودة الى عمان والاقامة فيها بشكل طبيعي. لكن المؤكد أن مراكز قرار عدة في الدولة لا تشارك الخصاونة هذه القناعة وسترى في تصريحاته احراجاً لها يرتقي إلى الإدانة لقرارها بإبعاد قادة حماس قبل أكثر من عقد. هل يمكن للدولة ان تتحمل موقفا بهذا الحجم حتى لو كنا في مرحلة المصالحة مع حركة حماس ?

الخصاونة أشار أيضا إلى ان حكومته تدرس الإفراج عن المحكومين السياسيين. الحكومات السابقة كانت تنكر على الدوام وجود معتقلين سياسيين في سجونها , لكن استخدام الرئيس الخصاونة للتعبير يعد اعترافا غير مسبوق بوجود سياسيين في السجون, وربما كان يقصد في كلامه المحكومين فيما يعرف بقضايا امن الدولة وتُهَم القيام بأعمال ارهابية.

وفي اللقاء نفسه ادلى الخصاونة بتصريح ثالث غير مسبوق ايضا يتعلق بهيئة مكافحة الفساد التي وصفها بالمكان غير الأمثل لمحاسبة الفاسدين. بعض المسؤولين الحاليين والسابقين قالوا كلاما مشابها عن الهيئة لكن في الغرف المغلقة, اما الخصاونة فقد صرح به على الملأ مع ما يعنيه ذلك من توتر محتمل في العلاقة مع أركان الهيئة والداعمين لدورها.

ولم يتوقف مسلسل التصريحات "النوعية" للخصاونة عند هذا الحد ففي موقف مغاير تماما لسياسة الحكومات السابقة من الخصخصة اعتبر ان ما تم من خصخصة لبعض الشركات كان بمثابة نهب للمال العام, ولم يتردد في القول ان حكومته تدرس إعادة شركات تمت خصخصتها! وهذا اعتراف مثير للغاية من أرفع مسؤول حكومي يتطابق تماما مع خطاب المعارضة الراديكالية في الاردن.

وعندما تناول الخصاونة موضوع سحب الجنسيات استخدم عبارات بعض اطراف المعارضة نفسها في وصف ما يحصل لمواطنين "ناموا اردنيين واصبحوا بلا حنسية".

واسترسل الخصاونة في عرض اجتهاداته حول عدد من القضايا لا يتسع المجال لشرحها هنا, لكن السؤال الذي يُطِلّ بعد الاستماع لكل هذه الفتاوى من القاضي الخصاونة : هل تملك الحكومة القدرة على تصويب تلك الاختلالات في فترة زمنية محدودة ومكرسة في الاصل لإنجاز حزمة تشريعات الاصلاح السياسي قبل ان تغادر الدوار الرابع ?

رئيس الوزراء ومنذ لحظة التكليف سعى لرفع سقف التوقعات إلى مستوى غير مسبوق ومع كل إطلالة صحافية يستمر في سياسة الرفع إلى الحد الذي بتنا فيه نخشى على السقف.
fahed.khitan@alarabalyawm.net