الحكومة الاردنية الجديدة تسترسل في 'البوح' وتتهيأ لفتح صفحة جديدة مع حركة حماس اعترافات بأن بعض الاموال نهبت والوزراء ينفقون بشكل عجيب


بسام بدارين -  لا يمكن التقليل من اهمية حالة 'البوح' التي يمارسها رئيس الوزراء الاردني الجديد عون الخصاونة في تجديد الثقة بين حكومته والناس وفي بث روح جديدة في الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المعقد.
ومن الواضح ان استراتيجية البوح والاعتراف باخطاء النظام هي المعتمدة عند الطاقم الوزاري المستجد لكنها ستبقى سلاح ذا حدين ما لم تنجح الحكومة في توظيفها جيدا لان الشارع متنبه تماما للامر ولا يكتفي كما يقول الناشط السياسي محمد خلف الحديد لـ'القدس العربي' بالاعتراف بالذنوب والاخطاء ولكن لابد من اجراءات جذرية لمعالجتها.
هذه الاجراءات كما يقترحها الحديد وآخرون من نشطاء الحراك لا تقل عن فتح صريح لجميع الملفات ومحاكمة المسئولين عن الفساد والافساد.
ويلاحظ البعض بان سلسلة الاعترافات المثيرة التي تقدم بها الخصاونة ووزراؤه مساء الاثنين في جلسة صريحة جدا مع النقابات المهنية لم تتضمن اي اعتراف بتزوير الانتخابات عامي 2007 و2010 وعليه يشدد الحديد على ان نوايا الاصلاح ستبقى منقوصة ما لم يعرف الناس لماذا زورت ارادتهم بصورة محددة ومن الذي زورها؟
لكن حالة البوح الحكومية مسترسلة فقد اظهر الخصاونة ميلا للبحث في المفارقة التالية: الشارع يريد الاصلاح وراس الدولة اولويته الاصلاح.. يشرح الخصاونة: اذا نريد ان نعرف اين تكمن المشكلة فمن حق الناس المطالبة بالاصلاح.
لكن الاهم ان الخصاونة تحدث عن تعديلات متسرعة للدستور حصلت مؤخرا وعن عملية نهب تعرض لها المال العام على هامش قضايا خصخصة الشركات الكبرى وعن وجود تدخل في القضاء ولفت الانظار عندما تحدث عن ملاحظته وجود انفاق مترف وغير منطقي وعجيب بالنسبة للوزراء وكبار الموظفين وعن ضعف هيئة مكافحة الفساد في ملاحقة الفاسدين.
وعنصر الاثارة في مثل هذا الكلام يكمن في ان الخصاونة يقرأ الملفات بهدوء وما يقوله في الواقع هو العنوان الابرز للغالبية الساحقة من نداءات وهتافات الاعتصامات والحراك في الشوارع وعلى هذا الاساس ينتج الرجل تصورا بانه قد يعيد الامور الى نصابها.
هل الخصاونة مؤهل لذلك؟.. يسأل الجميع في اوساط عمان السياسية والاعلامية ويكشف احد المصادر لـ'القدس العربي' بأن الملك عبدلله الثاني اجتمع بنخبة من كبار المسؤولين في اركان حكمه ودولته وحدد لهم جميعا بتوجيهات واضحة حدود اللعبة وهي دعم حكومة الخصاونة وانجاحها وتجنب اي اعاقة او مناكفة لها. لذلك توارت المؤسسة الامنية عن الانظار وفهم اركان مؤسسة الديوان الملكي بان وظيفتهم المرحلية مساندة ومساعدة القاضي الدولي الجديد الذي اصبح رئيسا للوزراء حتى ان بعض المصادر تقترح بأن الرئيس الجديد للديوان الملكي الجنرال رياض ابو كركي حظي بالمنصب بعدما اعاق الخصاونة تكليف الرجل الثاني في حكومة سلفه البخيت توفيق كريشان بنفس الموقع.
وامام النقابات لم يكن ثمة مجال للمزاودة على رئيس الوزراء الجديد فالرجل سبق المعارضين في الاعتراف بالاخطاء وفي ترويج افكار عصرية واصلاحية من الوزن الثقيل، لكن الشكوك لا زالت في موقعها حول امكانية الالتزام والتنفيذ وان كان الاعتراف الابرز تمثل عمليا في العبارة التي يطرب لها الرأي العام وتقضي بأن ابعاد قادة حماس عام 1999 كان خطأ دستوريا وسياسيا دون شروحات اضافية وتفصيلية.
ومن الواضح هنا تحديدا ان هذه العبارة تهدف للاستعداد لفتح صفحة جديدة مع حركة حماس بعد سلسلة الاتصالات الهاتفية الاخيرة بين قادتها وفريق الحكم الاردني الجديد.