ما يحدث في لبنان.. أبعد وأعمق من مُجرد تشكيل حكومة

اخبار البلد ـ  اندلع الجدل وتعدّدت السجالات في لبنان بعد اعتذار مصطفى أدیب (الشخصیة المغمورة التي جيء بھا لترؤوس «حكومة إنقاذ» في بلد وصل حافة الھاویة، اقتصادیاً ومعیشیاً وخصوصاً مالیاً ونقدیاً)، ولأن لبنان منذ «اختراعه» قبل مائة عام على ید جنرال الاستعمار الفرنسي غورو، كان «نسیج وحدة» في المنطقة, التي لم تعد تسمى المنطقة العربیة، بعد استبدالھا بمصطلح استعماري ھو (الشرق الأوسط وشمال افریقیا)، كون لبنان یعتمد المحاصصة الطائفیة والمذھبیة لتوزیع المناصب والغنائم والكیفیة التي تُدار بھا بلاد الأرز، فان السنة التي بدأت في السابع عشر من تشرین الأول الماضي، شھدت اندلاع احتجاجات شعبیة عارمة كادت تُؤسس لمشھد لبناني أَمل كثیرون ان یأخذ لبنان الى نظام سیاسي او عقد اجتماعي جدید، لكن امراء الحرب وزعماء الطوائف من السیاسیین كما رجال الدین, احبطوا ھذه الانتفاضة الشعبیة واخذوھا الى «م ُ طارح» ومربعات ارادوھا تكریساً لھیمنتھم ورغبة محمومة منھم لعدم إحداث تغییر على صیغة قدیمة تآكلت ولم تعد صالحة للإستمرار, تحت طائلة زوال الكیان وتمزیق نسیجھ الإجتماعي، خاصة في ظل دعوات لم تنتھ لــ"فدرلتِه» أو تقسیمه، كما تدعو قوى انعزالیة معروفة یتقدمھا الم ّمزق والمتصدّر سمیر جعجع وآل الجمیل ومرجعیات دینیة نافذة.

فشل مصطفى أدیب أَوقف ُ عملیة متدحرجة كانت ستفضي حتما إلى حرب أھلیة مختلفة، أكثر خطورة وتدمیراً من الحرب الاھلیة الاولى (1975-1990 ،(نظراً لاختلاف موازین القوى الداخلیة وخروج أطراف كانت فاعلة ومؤثرة في الأولى ودخول اخرى (إضافة الى بعض القدیمة)، ناھیك ما طرأ على موازین القوى الإقلیمیة والدولیة خاصة بعد انھیار الاتحاد السوفیاتي وبروز اسرائیل قوة اقلیمیة عظمى یجري التقرب لھا والتطبیع معھا عربیاً وافریقیاً بضغوطوسمسرة أمیركیة.

وصفت مصادر مقربة من قصر الالیزیه الفرنسي بان اعتذار أدیب یعني ان الاحزاب السیاسیة اللبنانیة ارتكبت «خیانة جماعیة» یعني ضمن امور أخرى أن ماكرون ماض في لعبتھ اللبنانیة التي تتجاوز بلاد الارز الى ساحات وصراعات اخرى.
سعد الحریري الذي بدا وكأنه یدیر اللعبة الفرنسیة الم غطاة أمیركیاً كان یستھدف «ضرب» الاغلبیة البرلمانیة التي جاءت بھا انتخابات 2018 ومكنت تحالف رئیس الجمھوریة (التیار الوطني الحر) وحزب الله وحركة امل واللقاء التشاوري (السنة الرافضون یمنة الحریري) وتیار المردة وحزب الطاشناق، عبر الاتیان بحكومة دمى یترأسھا ادیب، وإّلا لن تنال ثقة مجلس النواب فانھا ستتحول الى حكومة «تصریف اعمال» لن یحول المجلس دونھا وقرارات (انتقامیة) أتت لاخذھا، عندھا یبدأ «الانقلاب» الذي خططت له واشنطن وباریس وبعض العواصم العربیة سواء لتوسیع مھمة الیونیفیل لتشمل الحدود اللبنانیة/السوریة ام افتعال صدامات مسلحة تستدرج حزب الله ما یمنح اسرائیل فرصة لتصفیة حسابھا «المفتوح» مع الحزب، ما یمھد لمشھد اقلیمي جدید تكون فیه اسرائیل مقررة مستقبل المنطقة..انظمتھا والشعوب.
فشل او تأجل ویبقى «الإنتظار» حتى 11/3 ( الاستحقاق الرئاسي الامیركي) ھو ما یحكم المنطقة، الا اذا كل ذلك حدث ما یَحول دون ذلك.