البلديات تحتاج إلى تطوير ثوري

آن الأوان لتطوير النظرة الرسمية والحكومية والشعبية للبلديات والحكم المحلي من حيث الفلسفة والمضمون ومن حيث المهمات والصلاحيات, ومن حيث التشريعات والأنظمة ومن حيث الموازنة ومن حيث الإدارة ومستوياتها.

ما زالت البلديات تحبو في مرحلة بدائية متخلفة, تتراجع الى الخلف بدلاً من التقدم الى الأمام, وبدلاً من التطوير والتحسين الدائم في مستوى الخدمة المقدمة لدافعي الضرائب., وما زالت وزارة البلديات وزارة هامشية, تحمل سمة "حقيبة ترضية", مما ينعكس سلباً على مجمل العمل في المجتمعات المحليّة.

إن تقزيم دور البلديات, والحكم المحلي أدّى الى مسخ مستوى التنافس على زعامة البلدية, وأصبحت امتداداً لنظام "المخترة" الذي كان سائداً في بدايات القرن الماضي, وأصبح منصب رئيس البلدية نوعاً من الوجاهة العشائرية التي تخلو من المضمون الإداري الحديث, الذي يقوم على تحسين الأحوال المعيشية للتجمعات السكانية وتخلو من المعنى الرسالي الحضاري الذي ينبغي أن يتمثل بإشراك المجتمعات المحلية بإدارة نفسها وان تسهم في حل مشاكلها, وتدير عملية تنموية متقدمة بالمشاركة الشعبية الواسعة, مع إذكاء روح عنصر التنافس بين الإدارات المحلية في تقديم الخدمة الأفضل وفي حل المشاكل الاجتماعية.

الأصل في الإدارات البلدية وإدارات الحكم المحلي أن تتولى قسطاً كبيراً من المهمات الحياتية للتجمعات السكانية, من حيث الأمور الصحية والتعليمية وأمور الإسكان والبيئة, ومشاريع التشغيل وما يتعلق بالطرق والمواصلات, وشبكات المرور, وخطوط الاتصال إضافة الى الأمور الجمالية, والترويج فيما يتعلق بالناشئة ومستويات العمل الشبابي بكل مراحله.

وفي هذا المجال هنالك تجارب عالمية ناجحة ومتطورة, يمكن الاطلاع عليها والاستفادة منها, ويجب عدم البقاء في قيد المزاجية المريضة, وعقليات التخلف غير القادرة على الخروج من حكم التقليد.

نحن بحاجة الى نظرة جريئة وجذرية في مجمل العمل البلدي والحكم المحلي, من خلال ثورة غير تقليدية على كل الأنظمة السابقة, والانطلاق نحو تجربة حديثة ومتطورة بعيداً عن الخلاف السياسي, وبعيداً عن المهاترات البالية التي تنتمي الى عصور التخلف المظلمة.

هل يمكن أن تصل هذه الصرخة الى أذني الرئيس الجديد, ووزير البلديات الجديد, الذي جاء من بيئة الحكم المحلي, من اجل وضع تصور جديد لإدارات بلدية متطورة تتحمل عبئاً كبيراً من الخدمات المرهقة للجهاز المركزي للدولة, وتقفز على كل الركام السابق من العجز والفشل والتقليد والفساد وقلة الحيلة, وعقلية المشيخة الإقطاعية البائسة.
rohileghrb@yahoo.com