تصريحات فريدمان لها ما بعدها

أخبار البلد-

 
ليس صدفة أن يتحدث السفير الأمريكي عن وجوب استبدال القيادة الفلسطينية وأنه على الشعب الفلسطيني أن يجد قيادة أفضل قيادة قادرة على تفهم التغيرات والتعامل معها، فهذا الأمر لا يخرج من سفير الدولة الأقوى بالعالم دون أن يكون له خلفية حقيقية في دوائر صنع القرار الأمريكي والإسرائيلي، فالقضية ليست أشخاصاً بعينهم وليست استهدافاً لأسماء محددة على أهمية هذا الأمر، إنما المسألة أبعد من ذلك بكثير فقد تم التعبير عنها إسرائيلياً وأمريكياً في العديد من المناسبات السابقة، وقد اعتادت هذه الدول ومنذ عقود طويلة على العمل لاستبدال أو التدخل لاستبدال أو المحاولة لاستبدال قيادة بعض الدول التي لم تلبِّ الشروط المطلوبة منها، والتجارب كثيرة ولا مجال لتعديدها في هذه النافذة الضيقة إلا أن الذي يستوقفنا هو أن هذه التصريحات تأتي في سياق متكامل من الإجراءات والسياسات التي تؤكد بما لا يدعو مجالاً للشك بأن هذا التوجه هو إستراتيجية جاري العمل لتنفيذها بكل جوانبها وهي ليست فقط أقوال من مسؤول عادي، فهذا السفير يمثل حقيقة الارتباط المصيري بين أمريكا وإسرائيل ففريدمان ليس سفيراً عادياً لدى دولة تربطها علاقة طبيعية بدولة أخرى وإنما هو شخصية تمثل عمق الترابط بين هاتين الدولتين وهذا تحديداً ما يؤكد ما نطرحه بأن لهذه الأقوال خلفية واضحة بدأت بمحاصرة الشعب الفلسطيني وقيادته واستمرت من خلال مجموعة من الإجراءات الأمريكية والإسرائيلية لإنهاك هذا الشعب، وجاء الحصار الأخير كحلقة إضافية لرفع منسوب اليأس لدى الشعب الفلسطيني وخاصة فئة الشباب التي تعاني البطالة والفقر والتهميش هذه الآفات التي أفرزت الكثير من الظواهر الغريبة على مجتمعنا والتي هي برعاية الرقيب الإسرائيلي والأمريكي والتي هي باعتقادهم ستشكل المدخل الحقيقي لإضعاف الجسد الفلسطيني واختراقه، بحيث يصبح طرح أي مشروع قابلا للنقاش والتداول فالحالة التي يعاني منها هذا الشعب تجعله يبحث عن أسهل الحلول وأقصر الطرق وهذا كله ضمن إستراتجية معدة مسبقاً وموضوعة في أروقة صنع القرار الأمريكي والإسرائيلي، فالتقديرات الأمنية المبنية على متابعة ومراقبة الحالة الفلسطينية تشير إلى أن بمقدور هذه القوى بعد تحضير جيد استمر لأكثر من خمسة عشر عاماً إقناع الشعب الفلسطيني بأن عليه أن يعيد حساباته ويتخلى عن كل ما راكمه من مفاهيم ومبادئ ومن ضمنها تمثيله السياسي الذي سيكون هو المدخل الأهم لإصلاح وضعه وتحسين واقعه وبناء مستقبله وهذا بالضبط ما تفعله أمريكا مع كثير من دول العالم، وما حاولت القيام به مع الرئيس الشهيد ياسر عرفات حيث سخرت كل ما لديها من طاقات إعلامية وسياسية واقتصادية لإيهام الشعب الفلسطيني بأن تخلصه من قيادة عرفات ستفتح له كل أبواب الخير وستحقق كل طموحاته وهذا ما لم ولن يحصل أبداً فإسرائيل ومن خلفها أمريكا لن تعطي الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة والمنصوص عليها دولياً.