أزمة تفشي كورونا فـــي إســرائيـل

أخبار البلد-

 
إسرائيل مكوناتها العرقية والسياسية تعيش أزمات داخلية، و الأزمات التي تعصف بالكيان الإسرائيلي جزء لا يتجزّأ ممّا آل إليه هذا الكيان، وإن كانت إسرائيل ، على الصعيد الدبلوماسي ترسخ وجودها الإقليمي بضغط أمريكي. لكن مقابل هذا « النجاح» تعيش إسرائيل ازمة داخلية واضطرابات اجتماعية، في ظلّ تضارب وغلبة المصالح الشخصية والخصومات بين المكونات الاسرائيلية وكذلك داخل الحزب الواحد، الأمر الذي يُفقِد إسرائيل تلك الميزة التي جمعت مركّباتها طويلاً. الأزمة الداخلية الحالية التي تعيشها إسرائيل هي الأسوأ في تاريخها. وبتعبير معلّقين إسرائيليين (صحيفة ذا ماركر - هآرتس): « بدلاً من التهديد الوجودي الذي يجمع الصفوف، نسقط جميعاً في كراهية داخلية، في إسرائيل تتحوّل من تلك الدولة التي مُجِّدت ذات مرة إلى دولة تنهار، ممزقة ومنقسمة بين قبائلها، وكلّ قبيلة فيها تعمل لمصالحها الخاصة على حساب القبائل الأخرى، فيما الدولة الجامعة تعاني من وجود قيادة سياسية تعمل على بقائها السياسي من خلال الانقسام والتحريض عليه وتعزيزه، وإن على حساب الدولة ومستقبلها « بالتوازي مع ذلك، تستعر الحملة اليمينية، وفي مقدّمة مطلقيها رأس الهرم السياسي، على مؤسّستَي القضاء والشرطة، المتّهمتَين بالتحريض على شخص نتنياهو على خلفية محاكمته بجرائم فساد ورشى، حتى وإن أدّى توجيه الاتهامات إليهما إلى فقدان الثقة بهما وانقسام الجمهور بين معارض معادٍ لهما ومؤيّد مجنَّد لمصلحتهما، ليتعمّق بذلك الانقسام الداخلي.

وإن كان ما تقدّم نموذجاً من مؤشرات كثيرة باتت ترسم علامات استفهام حول مستقبل إسرائيل إلى حدّ تحذير بعض الإعلام العبري من الانهيار، إلا أنه يبدو مبكراً المضيّ في هذا التقدير؛. مع ذلك، ظهور هذه الأزمات كفيلة باظهار التناقضات الداخلية للكيان، واحده من تلك التناقضات الانقسام الدائر حالياً حيال أزمة فيروس كورونا، بين مَن يعتبرها فرصة ومَن يجد فيها تهديداً، فيما يتركّز الاهتمام لدى السياسيين على كيفية تحويل الفيروس إلى وسيلة قتالية للإضرار بالخصوم، علماً بأن أعداد الإصابات يزداد خطورة، بعدما تجاوز ثلاثة آلاف وأربعمائة حالة في اليوم الواحد.

رئيس حزب « إسرائيل بيتنا» ، أفيغدور ليبرمان، دعا الإسرائيليين إلى عدم الامتثال لقرارات الحكومة في كلّ ما يتعلق بأزمة « كورونا» ، كونها قرارات متّخذة على خلفيات سياسية ، فيما ترفض أحزاب « الحريديم» أيّ إغلاق لمدنها وبلداتها بسبب الواقع الوبائي، بل تُهدّد نتنياهو بفرط الائتلاف الحكومي إن قرّر ذلك، وتؤكد أنها لن تتعاون مع الحكومة في أيّ قرار من هذا النوع. أما نتنياهو فيتّهم معارضيه بأنهم يتسبّبون، عبر اعتراضهم على سياسته في مواجهة « كورونا» ، بتقسيم الجمهور الإسرائيلي وشرذمته، معتبراً أن هؤلاء يشجّعون الفوضى ويقوّضون عمليات مواجهة الوباء لدوافع سياسية. لكن موقف رئيس الحكومة لم يمنعه من استثناء عشر بلدات « حريدية» من الإغلاق، الأمر الذي قالت عنه صحيفة «هآرتس» أمس إنه دليل آخر على فشل نتنياهو المشين في إدارة أزمة « كورونا» ، و « أن الدولة لا تستطيع أن تعمل عندما يتولى متّهم جنائي منصب رئيس الوزراء، ونتنياهو بتخلّيه وانعدام مسؤوليته يتسبّب بانحدار إسرائيل الى الفوضى» .

التقديرات السائدة في إسرائيل تشير إلى أن من شأن أزمة « كورونا» وأساليب مواجهتها المبنيّة على حسابات سياسية أن تُفاقم وتسرّع التبعات السلبية على أكثر من صعيد، الأمر الذي يفسّر نتائج استطلاع جديد للرأي صدر أمس عن مركز « غوتمان للرأي العام وبحوث السياسات في المعهد الإسرائيلي للديموقراطية» (القدس المحتلة). وفقاً لخلاصات الاستطلاع، فإن أكثر من نصف الإسرائيليين (52.4 بالمئة) متشائمون في شأن مستقبل الحكم الديموقراطي في إسرائيل، فيما أكثر من الثلثين (68.4 بالمئة) يعتقدون بأن أيام الحكومة الحالية معدودة