في الشأن الصحي بعيداً عن.. كورونا

اخبار البلد- 

في أواخر عام ٢٠١٩ شكل رئيس الوزراء لجنة وطنية برئاسة العين الدكتور يوسف القسوس وعضوية عدد من الخبراء في القطاع الصحي لتقديم تصور لإعادة هيكلة القطاع الصحي وقد أعطيت اللجنة مدة شهر لتقديم تقريرها. كان لي الشرف بأن دعيت لأحد اجتماعات هذه اللجنة في مجلس الأعيان ومعي زملاء آخرين للاستماع إلى آرائنا في هذا الموضوع وبعد ذلك اليوم لم نعد نسمع عن تطورات عمل هذه اللجنة، ربما أن انشغال الحكومة بكورونا قد جمد كل شيء بما في ذلك عمل هذه اللجنة.

الآن وفي ضوء أن الحياة قد عادت إلى طبيعتها في مرافق الدولة فإنني آمل أن يعاد إحياء هذا الموضوع المهم والذي سيسهم في تحسين أداء القطاع الصحي بجميع مكوناته وخاصة القطاع الصحي العام وسينعكس ذلك على سهولة منال ونوعية الخدمة الصحية التي يتلقاها المواطن بالإضافة لتخفيف الهدر وتحقيق العدالة.

هنالك تحديات كبيرة تواجه القطاع الصحي وسيقتصر حديثي هنا عن القطاع العام أو الحكومي والذي آمل أن تأخذها اللجنة(إن ما زالت قائمة) بعين الاعتبار مع تقديمي لبعض المقترحات لمجابهتها:

٠١النقص الكبير في بعض التخصصات الطبية الفرعية وخاصة في مستشفيات وزارة الصحة وربما في بعض مستشفيات باقي القطاع.

٠٢ النقص في بعض المهن الطبية المساندة كفنيي التخدير والإنعاش والأشعة وفنيي العناية المركزة وفنيي المختبرات وخاصة في مجالات الباثولوجي والفيروسات وفنيي الإسعاف والتمريض المتخصص... الخ.

٠٣ وجود نقص كبير في تغطية عدد أسرة المستشفيات العامة والخاصة بالنسبة للسكان حيث تراجعت نسبة التغطية خلال السنوات الأخيرة بسبب الزيادة السكانية الناجمة عن اللجوء وعن الزيادة الطبيعية بحيث أصبحت هذه النسبة أقل من نسبة متوسط العالم.

الحلول المقترحة:

٠١ استحداث برنامج وطني للتدريب والبعثات يتولى مهمة توحيد برامج الإقامة والتخصص للأطباء وتدويرهم أثناء سنوات التدريب على كافة مستشفيات القطاع في الوزارة والخدمات الطبية الملكية والمستشفيات الجامعية وتوحيد معايير امتحانات وتقييم المقيمين السنوية ويشمل ذلك أيضا وجود آلية موحدة لانتقاء المقيمين وتوزيعهم على التخصصات المطلوبة وكذلك الإشراف على عملية الإبتعاث للخارج.

يقوم هذا البرنامج أيضا بإدارة تدريب وتأهيل الكوادر الطبية المساندة.

٠٢ لتشجيع استقطاب الكوادر الطبية المتخصصة والمحافظة عليها وخاصة في وزارة الصحة والحد من النزف المستمر في الكفاءات فيمكن إعادة النظر بموضوع السماح لأطباء الوزارة بفتح عيادات خاصة بعد ساعات الدوام الرسمي وهذا معمول به في معظم دول العالم. وباعتماد هذه السياسة سنتمكن من تشجيع الأطباء على البقاء في القطاع الحكومي وحتى دون زيادة الرواتب.

٠٣ زيادة عدد أسرة المستشفيات في القطاع العام من خلال إنشاء مستشفيات جديدة بالتنسيق بين الوزارة والخدمات الطبية الملكية وتشجيع كليات الطب في اليرموك والهاشمية ومؤتة والبلقاء التطبيقية ببناء مستشفيات تعليمية خاصة بها.

ولحين تحقق ما ذكرته أعلاه فيمكن للوزارة العمل على ما يلي:

٠١تحسين عملية التعاقد مع مستشفيات القطاع الخاص لاستقبال المرضى المحولين من الوزارة.

٠٢ الإستمرار بعملية التعاقد مع أطباء القطاع الخاص في التخصصات النادرة وتوسيع التغطية لكافة المستشفيات الموجودة في مراكز المحافظات وليس في عمان فقط.

٠٣ ترشيد وضبط آلية الإعفاءات للمرضى.

٠٤ قيام كليات الطب بالمساهمة في تغطية نقص الأطباء في مستشفيات الوزارة التي تستخدمها كمستشفيات تعليمية لطلابها من خلال استقطاب أطباء ذوي اختصاصات نادرة لتغطية الجانب التعليمي وتقديم الخدمة الطبية للمرضى.

أستذكر في هذه المناسبة النقص الكبير الذي كانت تشهده وزارة الصحة قبل ٣٠ عاما في قلة عدد الأطباء المتخصصين في حقل الصحة العامة وفروعها المختلفة كالوبائيات وطب المجتمع والرعاية الصحية الأولية حيث كان العدد لا يتجاوز عدد أصابع اليدين وقامت الوزارة في بداية التسعينات باستحداث برنامج تدريب دبلوم مكثف لمدة عام في مجال علوم الصحة العامة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية استمر لعدة سنوات واستطاع أن يرفد مديريات الوزارة في مختلف المحافظات بأطباء صحة عامة لتغطية أمور الطب الوقائي وقد تبعه برنامج آخر لتدريب الأطباء في مجال علم الوبائيات التطبيقية لمدة سنتين بالتعاون مع مركز مكافحة الأمراض الأميركي(CDC) واستمر أيضا لسنوات عديدة كلا هذين البرنامجين خرجا حوالي مئتي طبيب أو ما يزيد ومكنا الوزارة من سد النقص خلال عقد من الزمن وانعكس ذلك إيجابا على ما شهدناه خلال العقد الماضي وما نشهده اليوم من تطور الخدمات الوقائية ومؤشرات الرعاية الصحية الأولية.