قانون الموازنة وإعادة تشكيل مجلس الأعيان

اخبار البلد- مع اقتراب الموعد الدستوري لانتهاء مجلس الأعيان في نهاية الشهر الحالي، تكثر التكهنات والتحليلات السياسية حول مصير هذا المجلس، وما إذا كان سيتم إعادة تشكيله بمجرد انتهاء مدته الدستورية، أم أنه سيتم الانتظار إلى حين الانتهاء من انتخاب مجلس النواب التاسع عشر في منتصف شهر تشرين ثاني القادم، لكي يتم إعادة تشكيل المجلس.

إن الثوابت الدستورية فيما يخص مجلس الأعيان تتمثل بأن مدته الزمنية هي أربع سنوات شمسية، وبأن جلالة الملك لا يملك الحق الدستوري في تمديد عمر المجلس بعد انتهائه. هذا على خلاف الحال بالنسبة لمجلس النواب، الذي يثبت الحق لجلالة الملك في تمديده، مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سنتين، وذلك عملا بأحكام المادة (68/1) من الدستور.

وفيما يخص إعادة تشكيل مجلس الأعيان بعد انتهاء مدته الدستورية، فإن الوضع الأمثل يكمن في أن يبدأ عمر كل من مجلسي الأعيان والنواب في الوقت نفسه، وبحيث تنتهي مددهم الدستورية في التاريخ ذاته. وهذا ما حصل في هذه المرة، حيث ستنتهي المدد الدستورية لكلا المجلسين في نهاية الشهر الحالي، مع الاختلاف في طبيعة الحقوق الدستورية المقررة لجلالة الملك على كل مجلس، وذلك تبعا للنصوص والأحكام الدستورية المقررة.

ومع ذلك، فإن هناك إلزام قانوني بإعادة تشكيل مجلس الأعيان بعد انتهاء مدته الدستورية وعلى الفور، دون الحاجة للانتظار إلى حين انتخاب مجلس النواب الجديد. ويكمن وجهة هذا الإلزام في قانون الموازنة العامة رقم (4) لسنة 2020، الذي ينص في المادة (13) منه على أنه لغايات تنفيذ أحكام هذا القانون، يتولى صلاحيات مجلس الوزراء ورئيس الوزراء ووزير المالية كل من رئيس مجلس الأعيان إذا تعلق الأمر بمجلس الأعيان، ورئيس مجلس النواب إذا تعلق الأمر بمجلس النواب، ورئيس مجلس الأعيان إذا تعلق الأمر بمجلس النواب وكان المجلس منحلا.

إن قانون الموازنة العامة قد أناط برئيس مجلس الأعيان مهام تنفيذ أحكام القانون فيما يتعلق بالمسائل المالية الخاصة بمجلس الأعيان كقاعدة عامة، إلى جانب صلاحياته في متابعة الشؤون المالية لمجلس النواب في الفترة التي يكون فيها المجلس منحلا. ولم ينص قانون الموازنة على منح هذا الاختصاص المالي لغير رئيس مجلس الأعيان. بالتالي، فإن التأخير في إعادة تشكيل المجلس الأعلى بعد انتهاء عمره الدستوري سيعيق تنفيذ قانون الموازنة العامة فيما يخص مجلس الأعيان ابتداء، ومجلس النواب عندما سيتم حله وفق أحكام الدستور.

أما من ناحية دستورية، فإن المادة (66/1) من الدستور تنص صراحة على أن تكون أدوار الانعقاد لمجلسي الأعيان والنواب واحدة. بالتالي، فإن إعادة تشكيل مجلس الأعيان بعد انتهاء مدته الدستورية وتعيين رئيسا له، سيعيد المجلس إلى الحياة لغايات تنفيذ قانون الموازنة. إلا أنه لكن لن يكون بمقدور هذا المجلس أن يجتمع إلا بعد انتخاب مجلس النواب الجديد وبدء الدورة البرلمانية الأولى له، والتي ستكون هي الدورة ذاتها لمجلس الأعيان الجديد.