اعتماد مبدأ التمثيل الشعبي في الحكم


الأوضاع في المنطقة العربية استثنائية ، وهي لا تحتمل المغامرة اكثر، ويجب أن يتم أخذها على محمل الجد ، وعدم التقليل من نسبة المخاطر ، والمحيط العربي أصبح كله في حالة اضطراب ظاهرا وباطنا ، ومفتوحا على خيارات صعبة . فهذه الفترة تمثل دعوة مفتوحة للتغيير الجوهري وتتطلب التعامل معها بشكل استثنائي مما يقتضي مواجهة التحديات بفهم عميق لطبيعة المرحلة ، ومن المهم عقب تشكيل الحكومة الجديدة التي قد تضع الاسس الدستورية للاصلاح السياسي الانتقال الى مرحلة يصار فيها الى اعتماد مبدأ الانتخاب لفرز وتبلور قيادات الواقع الاجتماعي والسياسي ، ومفاتيح الحياة العامة ، والعمل على تشكيل نخبة سياسية جديدة من خلال الارادة الشعبية ليتحمل الشعب مسؤوليته المباشرة، والتوقف عن الطريقة التقليدية في تجديد الحياة السياسية بالتعيين، وانما الوصول لمرحلة يصار فيها الى ان تستمد القيادات التنفيذية من الفرز الشعبي المباشر . ويتم تلافي معضلات التعيين التي قد تجلب خيارات غير محبذة شعبيا مما يساهم في زيادة حدة الاحتقان ويؤثر على شكل الاستقرار في المستقبل.

وكل الشخصيات معروفة في مناطقها ، والنزيه بين ، والفاسد بين ، ومن تشوبه شائبة لا يخفى ، ومعروفون من تقلدوا المناصب في السابق وشكلوا حاجزا صلبا بين الدولة والمواطنين ، ومن أغلقوا الأبواب ، والمكروهون شعبيا وأدوا إلى تأزيم الواقع السياسي هؤلاء أيضا لا يخفون ، ومن المهم رفد النظام السياسي بالشخصيات الاعتبارية التي تدين بمستقبلها السياسي لاصوات المواطنين ، ولا تعمد إلى غلق الأبواب والمكاتب في وجوههم وهو ما قد يتحقق اكثر من خلال ارتباط المسؤولية بالمحاسبة، وجعل صلاحية التوزير مرتبطة بالارادة الشعبية وفق الية الاغلبية البرلمانية. فليس من مواصفات الوزير اللازمة أن يكون مكروها شعبيا ، أو خاملا ، او الذي ليس له رصيد شعبي ، ذلك ان شخصيات العمل العام تعيد ربط الشعب بالمؤسسات ، وتشكل قنوات بين الشارع ، والسلطة. والوصول الى تجسيد الارادة الشعبية له اليات معروفة في الانظمة السياسية ويمكن اتباعها. ولتحصين النظام السياسي يجب ترك وجوه جديدة تظهر من خلال الفرز الشعبي، وعدم التعامل مع المرحلة بتقليدية ، ومن الضرورة بمكان إدراج قيادات الواقع الصاعدة في العملية السياسية كي يشعر الناس أنهم مشاركون ، وليسوا بعيدين عن تحمل المسؤولية ، وكي يساهم الجميع في حماية المؤسسات ، وترسيخ قاعدة الاستقرار.

ولا بد من إعادة التمثيل الشعبي إلى دوره الحقيقي في ضبط الواقع الاجتماعي من خلال الوصول لبرلمان معبر عن طموحات الأردنيين ، وإرادتهم الحرة ، وإنهاء مرحلة التمثيل من خلال شراء الأصوات ، أو الفبركة في تكون الحالة النيابية. الحياة السياسية في الأردن بحاجة إلى التجديد ، وترك الشارع يوكل النخب المقبولة شعبيا لممارسة الصلاحيات باسمه في السلطة التنفيذية ، وهذه هي المعادلة التي تتجاوب مع متطلبات المستقبل. نحن أمام تحديات جدية انعكست عن الواقع الإقليمي المضطرب ، ومن الممكن إعادة احتواء الشارع ، وقواه الحية ، ودمجها ضمن العملية السياسية الممارسة ، من خلال التوقف عن اعتماد الصيغة التقليدية في تشكيل الحكومات ، واعطاء الصلاحية للبرلمان المنتخب .

نستطيع اليوم أن نؤسس لمرحلة حقيقية ضامنة لتحصين الأردن من أية تأثيرات إقليمية ضارة ، ومن الأولى ربط الناس بقياداتها الشرعية ، وعدم تضعيف الشخصيات السياسية المحترمة ، والتي تؤدي دورا كبيرا في ضبط إيقاع الشارع في الأزمات. التجديد يضمن الإجابة على سؤال المستقبل ، وهو حالة لها مواصفات بينة ، والفرصة قائمة باعتماد الارادة الشعبية، ويجب أن لا نتركها تفوت من بين أيدينا، ونظل ندور بحلقة مفرغة مع تزايد نسبة المخاطر