دولة «مَدنِيّة» في لبنان؟.. إنه المُستحيل«الرابِع» (2-2)

اخبار البلد- بقلم: محمد خروب

 

تزامنت دعوة عون لدولة مدنية مع خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله،الذي قال في وضوح وصراحة: «مُنفتِحون على اي نقاش في تطوير النظام السياسي او الذهاب الى عقد اجتماعي وسياسي جديد» لكنه اشترط..«ان يكون هذا النِقاش بِرضى اللبنانيين كافة».

رزمة مقترحات ودعوات مُتصادِمة, في شأن اي تسوية يرى (مثلاً) الكاردينال الراعي انها ستأتي على «حِساب الكيان» بمعنى...رفضه أي حديث حول تطوير «الصيغة» اللبنانية المُكرّسة منذ سبعة عقود, التي استنفدت أغراضها ولم تعد صالحة للمناخات والازمات المتدحرجة التي يعيشها لبنان, والتي أوصلته الى الإنهيار والفشل والمديونية والفساد وانعدام التفاهم بين مكوناته «وشعوبه», وملّل اللبنانيين من الطبقة السياسية والحزبية، التي لم تتغيّر منذ خمسينيات القرن الماضي مرورا بالحرب الاهلية وليس انتهاء باتفاق الطائف, وما تلاه من زلازل واحد?ث جسام كان اخرها انفجار مرفأ بيروت, الذي تتقاذف الشعوب اللبنانية الاتهامات في شأن المسؤولية عنه، فيما لم يتورّع بعض اللبنانيين عن دعوة ماكرون (حفيد المُستعمِرين) العودة الى لبنان....«مُستَعمِراً» ظنا منهم ان الاستعمار أخف وَطأة وفسادا من الطبقة الفاسدة الحاكِمة, بعد وصولهم حافة اليأس من قدرتهم إطاحتها, وبخاصة ان الابن يرث الاب في الموقع والنفوذ, بل الاحفاد يرثون الآن الاباء والاجداد..كما شكّلت مؤامرة اغتيال رفيق الحريري فرصة لفريق 14 اذار لاستثمارها والتدبير لانقلاب على معادلة التي كرّسها اتفاق الطائف, الى?ان جاء قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان (18 آب) لتطيح آخر ما تبقّى لهم من آمال, الامر الذي دفعهم الى استثمار انفجار بيروت عبر اختراع المزيد من الاكاذيب والقصص المُفبركة, لكن فسادهم وفجورهم اسهما في انخفاض منسوب تأثيرهم وخصوصا استحالة الاستجابة لِمطلبهم قيام «تحقيق دولي» في الانفجار، ما انتهى لخضوع سعد الحريري للضغوط الدولية بعد انحسار هامش مناورته وانهيار تحالفه الهش المثقل بالتآمر والكيد السياسي مع جنبلاط وجعجع, وتسميته مرشحاً «سُنيّاً» لحكومة جديدة, عشية قدوم ماكرون في زيارة ثانيةة لبيروت خلال اقل من ش?ر.

ماذا عن الدولة المدنية؟

في التعريف المُتداوَل لـ«لدولة المدنية»...انها الدولة التي تحافظ وتحمي كل اعضاء المجتمع, بصرف النظر عن انتماءاتهم القومية او الدينية او الفكرية, ومن المبادئ التي يجب ان تُوفِّرها السلام الداخلي والتسامح وقبول الآخر (الوطني) والمساواة في الحقوق والواجبات, بحيث تضمن حقوق جميع المواطنين..اي وباختصار.."سلطات الدولة هي العليا». فهل يمكن لأحد التفاؤل بقدرة لبنان (الذي نَعرِفه)الولوج الى دولة مدنية؟ في ظل نفوذ امراء الحرب وملوك الطوائف, وهيمنة المرجعيات الدينية على كل حدث او حديث, وعودة كل هؤلاء الى مَرجعياتهم ال?ينية لتقرير مصير اي ملف او قضية تختلف عليها الطبقة السياسية, ذات التوجّهات والارتباطات الداخلية والخارجية المعروفة (دع عنك المُسربَلة بالغموض والسِريّة).

يكفي لبنان الان الخروج بأقل الخسائر من الحال البائسة بل الميؤوس منها الذي يعيشها, ويكفي ان تترك حكومة مصطفى اديب التي استُوْلِدتْ في اللحظة الاخيرة, كي تُؤسس لمشهد لبناني آخر أقل احتقاناً وخطورة مما هو عليه لبنان من عطبٍ وفساد واستقطاب.