زهير العزه يكتب ... ورقة "سهى عرفات" بين عباس ودحلان والبحث عن الشرعية الفلسطينية
أخبار البلد-
زهير العزه
التصريح الذي أدلت به زوجة رئيس السلطة الفلسطينية السابق الراحل ياسر عرفات السيدة سهى الطويل ، لمحطة تلفزة صهيونية وما حمله هذا التصريح من خطورة يؤكد ان مسالة القيادة المسيطرة على القرارالفلسطيني بدعم عربي ودولي دخلت في باب استغلال القضية الفلسطينية" الارض والشعب" لصالح بعض المتنفعين على حساب عذابات المهجرين من ابناء الشعب الفلسطيني وعلى حساب دماء الشهداء والتي تدفقت انهارا من أجل تحرير فلسطين وعلى حساب بؤس المشردين والمطاردين من هذا الشعب في كل بقاع الارض .
والواقع انه لا يمكن لاحد ما ان يمنع السيدة الطويل او غيرها من الدخول في المعترك السياسي الفلسطيني، او الادلاء باية تصريحات مهما كانت ،فهذا رأيها ولها الحق بالتعبيرعنه ،ولكن ما لايمكن تفسيره هو لماذا اختارت السيدة الطويل قناة صهيونية للادلاء بتصريح صحفي ينتقد سلطة بناها زوجها ..؟، وهي ونحن نعرف انها ممكن ان تصرح بما تريد من أية وسيلة اعلامية عالمية او عربية ، فالمجال الاعلامي امامها شاسع ..!
والمتابع للمشهد الفلسطيني وما يدور داخله او خارجه، خاصة في اطار حركة فتح المهيمنة منذ العام 69على القرار الفلسطيني بفعل عوامل عربية ودولية، يدرك ان اختيار السيدة الطويل لقناة صهيونية يدخل في باب الصراع على الشرعية الفتحاوية التي ينافس فيها القيادي الفتحاوي السابق محمد دحلان والمدعوم من "دول عربية وامريكا" ، رئيس السلطة الحالي وزعيم حركة فتح السيد محمود عباس، حيث يسعى دحلان وعبر وسائل عديدة فلسطينية فتحاوية او من خلال استخدام الغطاء العربي لرفعه عن السيد عباس وتقديم نفسه للمجتمع الدولي من خلال دول عربية انه الزعيم القادرعلى توقيع اتفاق سلام مع الكيان المحتل لفلسطين وفق رؤية جديدة تقوم على نسف كل الاعتبارات التاريخية للشعب الفلسطيني بحدها الادنى الذي وقع عليه السيد عرفات والقائم على انسحاب الكيان المحتل الى حدود ما قبل الخامس من حزيران واقامة الدولة الفلسطينية بحدود معترف بها وعاصمتها القدس وبحث حق العودة فيما بعد ،حيث يبدي دحلان استعداده للقبول بصفقة القرن كما طرحها الرئيس الامريكي ترامب باعتبار انها ستكون خطوة اولية على طريق الاستقلال الفلسطيني وفق الرؤية التي يمكن التفاوض فيما بعد من خلالها مع الصهاينة .
السلطة الفلسطينية بالمقابل والتي تقف تتلقى الضربات وحيدة ،بعد رفضها لصفقة القرن ، يتعرض ايضا رئيسها محمود عباس لهجوم من دول عربية والولايات المتحدة التي تسعى الى تقليم اظافره من خلال عزله عربيا ودوليا ،وتحاصره بمنع العرب عن دعمه ماليا ،على اعتقاد أن بامكانها الضغط على أبناء الشعب الفلسطيني ما يجعلهم يثورون ضده ويطالبونه بالقبول بما هو مطروح على طاولة ترامب ،الا ان نتائج ذلك الحصاروالهجمة على عباس ورفضه لصفقة القرن ورفضه لما تقوم به دول عربية من تطبيع مع الكيان الصهيوني قبل تحقيق السلام مع الفلسطينين ، اعاد له جزء من شعبيته ،وصب الحصار في صالحه ،وقد كان قبل ذلك غالبية من ابناء الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة والمهجر والشتات يقفون ضده منذ ان تولى قيادة فتح وبالتالي قيادة السلطة، خلفا للراحل ياسر عرفت حينما طرح انه لا يؤيد مقاومة مسلحة وانه لن يعود الى صفد "اي بمعنى انه اسقط حق العودة" وتوسع بالتنسيق الامني مع الاحتلال والذي كان سيفا صهيونيا مسلطا على رقاب أبناء الشعب الفلسطيني وغيره من ملفات تتعلق بالفساد ، واستغلال النفوذ من قبل بعض قادة اجهزة فتح التي تقود كل شيء في الضفة الغربية وكانت تقودها في غزة .
والواضح اليوم ان ما تتعرض له القضية الفلسطينية من هجمة تصفوية لم تشهدها من قبل ،قد جعلت الصراع بين محمد دحلان ومحمود عباس وفق الحالة التي جعلت السيدة سهى الطويل تظهرعلى شاشة إحدى الفضائيات التابعة للكيان المحتل لفلسطين تدخل منحى خطير ،تم من خلاله استثمار التاريخ النضالي للراحل عرفات والدفع بارملته للتوجه الى المحطة الصهيونية والادلاء بتصريح من خلالها تهاجم السلطة واعوان السيد عباس .
ومن هنا يتضح أن السيدة الطويل ارادت القول انها لا تمانع بالتطبيع مع الصهاينة وانها ترفض النهج الممانع الذي تتخذه السلطة ورئيسها من صفقة القرن ،وهي توافق على كل ما يجري الان هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ارادت التسويق لنهج محمد دحلان المرفوض من قبل السلطة ، وبالتالي فان ظهورها على القناة الصهيونية يأتي في إطار دفع فواتير سياسية اما لجناح محمد دحلان او لصالح جهة عربية .
والمشكلة التي تواجه السيدان محمود عباس ومحمد دحلان انهما يواجهان رفضا عند غالبية من الشعب الفلسطيني ،خاصة في مناطق الشتات "اي في المخيمات" الفلسطينية بالرغم من أن دحلان ينشط باستقطاب بعض المفصولين من فتح، او ممن اوقف السيد عباس منحهم رواتب شهرية كانت تدفع لهم منذ سنوات طويلة ، او استقطاب بعض الكتاب والصحفيين من اصول قلسطينية يقيمون في البلاد العربية او في الغرب ، كما ينشط عناصر فتح التابعين للسيد عباس في محاولاتهم تلميع صورة الرئيس محمود عباس باعتباره يمثل حالة الرفض لمشروع تصفية القضية الفلسطينية من خلال صفقة القرن وانه يتصدى لمشروع التطبيع العربي ، وهو الممسك على جمر القضية .
اما بالنسبة للسيد محمد دحلان والمتهم من قبل جناح محمود عباس في فتح بانه هو من استغل السيدة الطويل ودفعها للظهور عبر شاشة صهيونية فهو يواجه رفضا من قيادات فتح التي تخشى على مواقعاها في حال وصل دحلان للموقع القيادي الاول، او من اولئك الذين يرون في طرح دحلان خيانة للقضية ، وبالتالي سيواجه صراعا فتحاويا فتحاويا ، اضافة للمواجهة مع حماس والجهاد والجبهة الشعبية القيادة العامة والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفتح الانتفاضة والجبهة الديمقراطية، وغيرها من فصائل جهادية اسلامية التوجه والموجودة في غزة كألوية الناصر صلاح الدين ، كما سيواجه تيارا صامتا من ابناء الشعب الفلسطيني يمثل العشائر الكبرى في فلسطين وهذا التيار يعمل بصمت منذ سنوات ويجري اتصالات عربية ودولية دون ظهور اعلامي يسعى لتصحيح المسار الذي يقولون انه انحرف وأثرعلى قضية فلسطين .
والسيد محود عباس يواجه ايضا معارضة قوية ،بالرغم انه مسيطر على المال الفلسطيني والذي يستطيع من خلاله استمالت بعض الفصائل الى جانبه ،لكنه لن يستطيع ان يستميل الشعب الفلسطيني بغالبيته دون برنامج مواجهة مع العدو الصهيوني ،وبالرغم انه حصل على بعض التأييد لمواقفه الاخيرة ، لكن ذلك بالنسبة لابناء الشعب الفلسطيني غير كاف ، والامر يحتاج لتصحيح المسار نحو تغير نهج الانبطاح للعدو والدول الداعمه له كما يقولون .
اما في الخلاصة فأن البحث عن الشرعية لايمكن ان يأتي من خلال السيدة الطويل التي نسيت انها هي او غيرها لايمكنها الحديث باسم شرفاء فلسطين او باسم الشعب الفلسطيني، فالشعب الفلسطيني لم يعد كما كان بالماضي فقد علمته التجربة ،واصبح صعب المراس ولم يَعُدْ يمنح ثقته "عالطاير" وهو يترصّدُ كل ما يدور حوله فلسطينيا و يترصد المواقف العربية والدولية ،وله شرط واحد
اما الحق المطلوب به في حده الادنى والمتعارف عليه بحدود الرابع من حزيران عام 67 وهو مطلب النخبة الفلسطينية المتحكمة بالقرار الفلسطيني الرسمي ، واما المقاومة والمقاومة من اجل استرداد كل فلسطين من نهرها الى بحرها وهذا هو مطلب غالبية ابناء الشعب الفلسطيني،وعلى كل المتنافسين ان يقرأوا جيدا ما يدور في داخل عقل كل فلسطيني داخل الارض المحتلة او في الشتات فاما العدل او رد الاعتبار للبندقية المقاومة.
zazzah60@yahoo.com