الاخوان .. بين تونس والاردن


نتائج الإنتخابات التونسية تقتضي وقفات دراسية كثيرة، فحزب النهضة، ممثل الاخوان المسلمين لم يكن صاحب الثورة، ولا يدّعي حتّى قادته أنّ حجمه فيها كان أربعين بالمئة، هي النسبة التي حصدها من البرلمان الإنتقالي، وقد لا تكون المفاجأة في حصوله على أعلى الأصوات، ولكن في حصده لما يقارب نصف المقاعد.

وسيتحدّث الكثيرون عن تعاطف التونسيين مع حزب طاله بطش السلطة "الفارطة"، وعن تكريم من الشعب لقيادات شُرّدت، وعقيدة جرى العبث بأسياسيات عباداتها الأمر الذي قدّم ردّ فعل مساو في القوّة ومعاكس في الاتجاه، وهذا كلّه صحيح، ولكنٌ الصحيح أيضاً أنّ التجربة التونسية ليست شاذّة عن قاعدة، فالاخوان المسلمون في كلّ مكان في صعود يمكن وصفه بالتاريخية.

أهمية التجربة التونسية أنها الأولى في العالم العربي، فنزاهة وشفافية الانتخابات هناك لم تشبها شائبة، وبدا لنا من الإجراءات أن اخوتنا في تونس حنبليون ودقيقون الى درجة مثالية، ولنا أن نتوقّع وضميرنا مرتاح أنّ التجربة ستتكرر في غير مكان عربي، من الاردن الى مصر الى سوريا الى اليمن الى فلسطين، وغيرها ايضاً.

على هذه الأرضية، وغيرها ايضاً وايضاً، نفهم قرار الاخوان المسلمين في الاردن عدم المشاركة في الحكومة، فلماذا يشاركون بعدد قليل من الوزراء، في حكومة انتقالية، ويأخذون الحصة الكبيرة من المناكفات المحلية، وهم قادرون على تشكيل حكومة ائتلافية بعد أية انتخابات نزيهة وشفافة على الطريقة التونسية.

على الاردن الرسمي، والقوى السياسية المختلفة، ان يضعوا في اعتبارهم هذه الحقيقة المقبلة، وعليهم ان ينظروا ملياً في التحوّلات، ويتخلوا عن حالة الانكار، ويقتربوا من الشارع اكثر، لعلّهم يخففون من وطء المفاجأة المقبلة عليهم.