المواطنة في المجتمع الافتراضي

اخبار البلد-

 

وجدت المجتمعات القديمة متنفسها في قصص المجتمعات الخيالية والاساطير، وفي العصر الحديث ظهرت المجتمعات الافتراضية وهي مجتمعات جسدت الفكرة الخيالية ضمن نظام افتراضي تكنولوجي يجذب الأفراد ويقوم على منحهم جنسية مواطنة دون تعقيدات ودون حواجز تحول دون اشراك الجميع في حوار مستمر يخدمهم كما تثري النقاشات الموضوعية المخزون المعرفي الانساني.

ويعزو الكثير من المتابعين درجة الاستقطاب الجديد للمجتمع الافتراضي الى عدة عوامل يندرج اغلبها في سياق الحاجة للانتماء والتفاعل مع اعضاء المجتمع، والبحث عن امكانية التاثير في المجتمع بواقع الحصول على ردود افعال، اضافة الى مسالة الاحساس بالحماية الاجتماعية من خلال الارتباط الوجداني في المجتمع عبر تبادل التهاني والتعازي وحتى التضامن مع قضية ما، حيث تشعر هذه المجتمعات الافتراضية افرادها في الحضور الدائم والاهتمام الاكيد على الرغم مما قد تسببه من عزله في العالم الوجاهي.

ومع تنامي موجات استقطاب الافراد في مجتمعات المواطنة الافتراضية على مستوى الشباب نتيجة عدم قدرة المجتمع الوجاهي على استيعابهم او تقبل آرائهم بين الاهل او احترام افكارهم السياسية او حتى الاجتماعية في المجتمع، فان الاعداد يتوقع ان تزداد و يزيد من مدى تمسك الفئة الشبابية في هذه المجتمعات الافتراضية بصورة اكثر واعمق.

وقد اخذ الشباب يتاثرون بهذه المجتمعات الافتراضية ويؤثرون بها نتيجة فشل المجتمعات الوجاهية في استيعابهم وهضم طاقاتهم، ونتيجة فشل المجتمعات التقليدية في ايجاد مراجعة ذاتية بذاتية تقييم، وهذا يظهر درجة القصور في التعايش بين الفرد والمجتمعات وطبيعة الاحساس بعدم الرضى مع ضمور قيم المواطنة الحقيقية في المجتمعات الواقعية وتصاعد مناخات المواطنة في المجتمعات الافتراضية مع تلازم مسالة البحث عن حالة انتماء مجتمعي، فان لم يلب تطلع الفرد العالم الوجاهي احساس انتمائه فان الإحساس بالانتماء قد يكون موجودا في العالم الوجاهي، وهي قاعدة موضوعية تجسد نظرية البحث عن البديل او عن البدائل التي تلبي التطلعات.

من هنا نستطيع القول، ان اغلب المجتمعات باتت مراكز تاثيرها الوجاهي على الافراد ضعيفة، بل وباتت فيها مراكز التاثير على الافراد بالية، وكما النظم التقليدية والضوابط النمطية المستخدمة في الحكم الاجتماعي والاحتكام المنهجي بحاجة الى تعريف جديد وصياغة اخرى تقوم على علوم معرفية تحاكي المستقبل وتشتبك مع مؤثراته وتاثيراته بذات الموجة المعرفية.

وهذا ياتي ضمن محددات حداثية وعصرية لا تقوم سياساتها على استراتيجية الضوابط بقدر ما تقوم على تجذير ثقافة الوازع، الذي يحفظ الهوية الثقافية والمحتوى الحضاري للمجتمعات من الدخول في مزيج الثقافة الواحدة والمرجعية القانونية الواحدة ونظم التاثير المعرفية التي لا تمتلك علومها المجتمعات النامية بقدر ما تمتلك وسائل استخدامها فقط، وهذا ما يقودنا الى البدء في مسالة التقييم بواقعيته واعادة رسم مسارات التوجهات بما يجسر الهوة بين المواطنة الوجاهية والمواطنة الافتراضية.