قمة عمّان والعمل العربي المشترك

اخبار البلد-

لم يعد سرًا أن الأطر التقليدية للعمل العربي المشترك قد اعتراها الوهن وأصبحت غير فعالة ولم يعد لها وجود ذات معنى. جامعة الدول العربية تحولت لإطار صوري شكلي نتيجة الخلافات والصراعات الداخلية وغدت عاجزة عن مواجهة التحديات التي تواجه الدول العربية سواءً كانت سياسية أم اقتصادية أم استراتيجية . كذلك الحال بالنسبة لمجلس التعاون الخليجي الذي شكل في يوم ما كتلة عربية وازنة ومهمة هو الآخر وقع فريسة للخلافات والتنافس السياسي والاقتصادي. هذا التراجع لهذه الأطر أضر كثيرًا بالمصالح العربية المشتركة وفي مصالح الدول منفردة والذي أفسح المجال لتدخلات إقليمية ودولية أسهمت في تمزيق العالم العربي وإضعافه كجسم واحد في مواجهة هذه التحديات.
من هنا تكتسب قمة عمّان، التي استضافهاجلاله الملك عبدالله الثاني، أهمية خاصة في هذه الظروف العربية الإقليمية المعقدة. بالتأكيد فقد كان على أجندة القمة العديد من الملفات الإقليمية وأهمها القضية الفلسطينية ولكن بالتأكيد كانت المشاكل والتحديات الاقتصادية التي تواجه هذه الدول بسبب أزمة كورونا والأزمة العراقية الداخلية وتحدي الإرهاب الذي تواجهه وإن بدرجات متفاوتة .الدول الثلاث التي تشكل مجتمعة وجود مصالح مشتركه إضافة للتحديات التي تم ذكرها سابقًا والتي تتطلب مواجهتها جهدًا جماعيًا مشتركًا لما فيه مصلحة للجميع.
بغض النظر عما اذا كان هذا التحالف الجديد الذي مازال طور التشكل يشكل إحياءً للاتحاد العربي الذي كان بين الأردن والعراق ومصر واليمن والذي أطاح به غزو العراق للكويت عام 1990 أم هو ناتج عن مبررات ومعطيات جديدة، فإنه يشكل تطورًا مهمًا على صعيد العمل العربي المشترك من جانب وقد يشكل إطارًا مهمًا لتجاوز المشكلات الاقتصادية وغيرها التي تعانيها هذه الدول.
الكاظمي لديه خطه وبرنامج طموح لاستعادة الروح للدولة العراقية وبناء علاقات خارجية متوازنة كفيلة بانهاء التشرذم السياسي الداخلي واستعادة السيادة العراقية على الأرض والمجتمع والذي إن تم بنجاح سوف يطلق العنان لمرحلة إعادة الإعمار في العراق الذي يتطلب تعاونًا عربيًا ودوليًا لتحقيقه.
كذلك الحال بالنسبة للأردن التي عانت كثيرًا من الصراعات الإقليمية والتحالفات الإقليمية المتقلبة التي كان لها أثار سلبية كبيرة على الاقتصاد الأردني والذي أدت أزمة كورونا لتفاقمه فهو الآخر يحتاج لعمق اقتصادي عربي ومن الطبيعي استعادة هذا العمق الذي شكلته العراق لفترة طويلة قبل انقطاعه بعد الغزو الأميركي للعراق.
بغض النظر عن الأوضاع السياسية في مصر، فقد استطاعت مصر في السنوات الماضية تحقيق إنجازات اقتصادية على المستوى الكلي تؤهلها مستقبلًا لبناء اقتصاد قوي ومتقدم ولكنها بحاجة أيضًا لعلاقات اقتصادية مستقرة ولاسيما أن أغلب الدول المجاورة لها في حالة صراعات داخلية تحرم مصر من هذه الأسواق والاستثمار بها.
إذًا هناك مصالح اقتصادية مشتركة بين هذه الدول وكل دولة تتمتع بنقاط قوة وإمكانات مكملة لبعضها بعضا تمكنها من أن تكون كتلة أو تكتلا اقتصاديا مهم كفيلا بأن يساعد الدول الأعضاء في تحقيق انطلاقة اقتصادية جديدة لهم.
المصالح الاقتصادية ليست الوحيدة التي تشترك بها الأردن ومصر والعراق وإنما أيضًا الرؤى والمواقف المتشابهة حيال الملفات الإقليمية وعلى رأسها القضية الفلسطينية والموقف من طموحات وأطماع الدول الإقليمية بالمنطقة. قد تكون قمة عمّان والتحالف الثلاثي قيد التشكل نقطة تحول مهمة في إحياء العمل العربي المشترك وفي إيجاد حلول مشتركة للتحديات التي تواجه هذه الدول وإعطاء بارقة أمل لشعوب المنطقة بمستقبل مشرق.نأمل ذلك.