التطبيقات الذكية، العمل على مدار 24 ساعة

أخبار البلد-

أحدثت ثورة الإنترنت تحولاً في أنماط المعيشة، وكان للإنترنت دورٌ كبيرٌ في خلق فرص جديدة، مما جعل التنمية في الدول التي تعتمد على هذه الشبكة وما تحويه من أسرار تتطور بشكل غير مسبوق.

تشير الدراسات إلى أن الهواتف المعروفة بالخطوط الثابتة احتاجت إلى 128 عاما حتى تصل إلى 100 مليار مستخدم، فيما حقق الهاتف المحمول نفس الإنجاز وبزمن قياسي لا يتجاوز العشرين عاما .

وتشير الأرقام الواردة من هيئة تنظيم قطاع الإتصالات إلى اتساع قطاع الإتصالات بنسبة 6 بالمئة مقارنة بالعام الماضي ، فيما زاد عدد طرود التجارة الإلكترونية الواردة للمملكة عن مليون و 300 ألف طرد من خلال منصات التجارة الإلكترونية لعام2019.

لقد تحولت عملية تطوير التطبيقات من هواية إلى مصدر للرزق لدىكثير من الأردنيين، مثال ذلك الشاب مالك بلاسمه الذي درس تخصص التسويق في الجامعة، لكن عدم توفر فرص عمل في تخصصه الجامعي دفعه إلى التعلم عبر الإنترنت وأخذ دورات عديدة في مجال برمجة وتطوير التطبيقات الذكية.

يوضح بلاسمه الذي يعمل مبرمجا في إحدى الشركات الأردنية أن قصة التطبيق تبدأ عندما يأتي الزبون وعنده فكرة عن عدة منتجات أو خدمات يرغب ببيعها، فيقوم البلاسمه وفريقه المساند له بالبدء بتصميم التطبيق وإضافة المنتجات عليه وربطه مع عدة صفحات على مواقع التواصل الإجتماعي ومحركات البحث التي تكون لها علاقة بإيصال فكرة التطبيق وما يحتويه من منتجات إلى أكبر شريحة مهتمة بالمنتجات أو الخدمات.

تجدر الإشارة إلى أن أغلب الشركات التي تعمل في الأردن تعمل لصالح السوق الخليجي حسب قول البلاسمه، وسبب ذلك يرجع للمبالغ الضخمة التي يدفعها المستثمرون الخليجيون وطبيعة العقود الموقعة بين شركات البرمجة الأردنية وهؤلاء المستثمرين، إضافة إلى طبيعة التطبيقات حيث تكون هذه التطبيقات كبيرة الخدمات والإضافات مقارنة بما يطلبة الأردنيون من حيث شكل التطبيق ومضمونه، حيث تصل قيمة أغلب التطبيقات المطلوبة من خارج السوق الأردني إلى حوالي 7000 دينار أردني، مقارنة بقيمة شرائية للتطبيقات المطلوبة من المواطنين في السوق المحلي حيث يتراوح سعر التطبيق من 1500 إلى 2000 دينار أردني.

وتشير الأرقام لدى وزارة الصناعة والتجارة بأن عدد الشركات العاملة في التطبيقات وتطويرها وصل إلى 1200 شركة حتى نهاية عام 2018، علما أن مجموع ما يطلبه الأردنيون من ناتج أعمال هذه الشركات هو فقط 10% مقارنة بما تطلبه الدول أو المستثمرون من الخارج من شركات البرمجة الأردنية، فيما ساهم قطاع البرمجة بإدخال 600 مليون إلى الأردن في عام وذلك حسب الأرقام الموجودة في بيانات وزارة المالية لعام 2019، ويرجع ذلك إلى وجود الخبرة الجيدة والسمعة التي يتمتع بها المبرمجون الأردنيون مما جعل تصنيف المملكة 8 بين دول العالم كبيئة مشجعة لقطاع التكنولوجيا وذلك حسب مؤشر التنافسية العربي لشركات البرمجة والذي يعلن سنويا على شكل جوائز توزع في مقر الجامعة العربية .

التسهيلات التي تقدمها الحكومة لإنشاء شركات التكنولوجيا وبيع التطبيقات الذكية، انعكس ايجابيا على السوق الأردني وتوفر العملة الصعبة، وخلق فرص عمل لخريجي البرمجة من الجامعات الأردنية للعمل في دول العالم خاصة دول الخليج والسودان والمغرب الذين باستمرار يطلبون كوادر أردنية، أو عقد اتفاقيات مع شركات أردنية لتنفيذ تطبيقات خاصة بهم، ومن أهم التطبيقات التي عمل لها البلاسمه " هيئة الطيران الإماراتي ووزارة الداخلية الإماراتية وكذلك وزارة الدفاع السعودية" .

ويوضح البلاسمه أن الأمور تغيرت منذ بداية عام 2020، حيث أدى انتشار فايروس كورونا حول العالم بما في ذلك الأردن إلى تعطيل العديد من المنشآت والأعمال التجارية التي كانت تسير نحو البيع وطرق استلام الأموال بالشكل التقليدي، وهو ما أدى إلى خسائر كبيرة لدى عدد من القطاعات أهمها النقل وقطاع الأغذية والملابس وكذلك توقف العديد من الخدمات التي كانت تقدمها الحكومة للمواطنين من خدمات الترخيص أو الصحة العامة.

نتيجة لذلك ظهر توجه لدى كثير من الشركات الكبرى وكذلك المنشآت التي يملكها أفراد مثل البقالات ومحلات الإلكترونيات والبيع المنزلي إلى الميل نحو امتلاك تطبيق يساعدهم على تحقيق مردود في ظروف استثنائية من منع للتجوال والتجمهر، " لذا كانت أزمة فايروس كورونا نقطة تحول لشركات البرمجة التي أصبحت تسعى لزيادة الحصة السوقية لها،من خلال نشر العديد من الدعايات وإقامة عروضللشركات والأفراد الراغبين بعمل تطبيقات أو صفحات ترويجية لهم عبر مواقع التواصل الإجتماعي وتقسيط سعر التطبيق أو تخفيض رسوم الصيانة والدعم الفني، وكذلك الترويج للصفحات خاصة على موقع الفيس بوك والإنستغرام بأسعار قليلة مقارنة بعام 2019".

أثرت الهواتف الذكية في حياة الناس وموارد الرزق التي يسعون لتنميتها، وعززت هذه الهواتف بمختلف أنواعها وما تحمله من إضافات ومميزات إبتكار وتطوير تطبيقات تساعد على القيام بالأعمال بأقل وقت ممكن وبسرعة هائلة، ويتطيع صاحب العمل أو المنشئة أن يبيع وأ، يتابع متجره طوال اليوم دون الإهتمام بساعة عمل محدودة، وللتطبيقات أشكال واهتمامات مختلفة فمنها ما هو مهتم بالجانب الإجتماعي والتواصل بين الناس وإرسال الفيديوهات والصور بين المستخدمين، ومنها ما تم ابتكاره لتطوير الأعمال والقيام بالأنشطة الإقتصادية المختلفة حتى باتت هذه التطبيقات ركنا أساسياً في الدخل الإجمالي للدول.

تسعى الدول لتطوير وخلق خدمات لمواطنيها من خلال هذه التطبيقات، حيث تشير الأرقام إلى أن مستخدمي الهواتف الذكية في العالم أجمع قاموا بتحميل ما يزيد عن 190 مليار تطبيق حتى عام 2019 وتم إنفاق ما يزيد على 95 مليار دولار لذلك، ومع وجود الظروف الإستثنائية التي يعيشها البشر في بعض الأوقات تتطور أفكارهم ومنتجاتهم لتتماشى مع الظروف الحالية محاولين دفع العجلة الإقتصادية للدوران دون توقف.

محل الورود الذي يملكه مأمون صلاح كان أحد المتضررين خلال أزمة كورونا، ما دفعه إلى التوجه إلى إحدى شركات البرمجة والطلب منهم تصميم صفحة لمتجره على مواقع التواصل الإجتماعي، وحسب تعبيره فقد تفاجأ من إقبال الأردنيين للشراء بهذه الطريقة التي تعتمد على الدفع الإلكتروني أو نقدا ومن خلال شركة توصيل وكل ذلك دون تكاليف عليه، وهو ما جعله يفكر بجدية لترك محله وتقليل التكاليف المترتبة عليه من إيجارات للمحل وضرائب، ونقل أعماله إلى المنزل والإعتماد على التطبيق والصفحة التي يملكها عبر مواقع التواصل الإجتماعي .

ويؤكد صلاح أنه لم يتوقع أن تكون الإجراءات الحكومية سهلة بهذه الدرجة، حيث كانت أول خطوة له هي الذهاب إلى وزارة الصناعة والتجارة وأخذ دليل مجاني يظهر كيفية تسجيل التطبيق ومميزات العمل من المنزل إضافة إلى إمكانية شموله بالضمان والتأمين الصحي وما إلى ذلك وهو ما قال عنه " إن الحكومة بهذه الإجراءات تتجه نحو تطوير ودعم الكثير من الأفكار التجارية التي تعتمد على تطبيقات ذكية".

وعن تكلفة ترخيص التطبيق فأنا أدفع "110 دينار سنويا، إضافة إلى مبلغ 25 دينار شهريا كلفة ما أدفعه لشركة البرمجة وهو أقل كثيرا مما كنت أدفعه كإيجار للمحل ويمبلغ 400 دينار وشهريا ".

وقال الأستاذ أحمد غنيم مدير مشروع "الهوية الرقمية "في برنامج الحكومة الإلكترونية، والذي تديره وزارة الإقتصاد الرقمي والرياده، إن" الوزارة تسعى دائما لتطوير الخدمات الإلكترونية بما يتماشى مع مصالح المواطن وحفظ القانون حيث قامت الوزارة بإطلاق مشروع "سند"، وهو مشروع حكومي أطلق مؤخرا يتيح الدخول إلى بوابة موحدة تشمل جميع الخدمات الحكومية، حيث شملت المرحلة الأولى تسع خدمات، وفي كل مرحلة يتم إضافات وزارات ومؤسسات أخرى، بحيث يستطيع المواطن عن طريق رقمه الوطني ورقم سري خاص به الدخول إلى موقع الخدمات التي ستشمل 100 خدمة في نهاية المشروع.

ويضيف غنيم أن الوزارة تعمل حاليا من خلال تطبيق سند على إضافة خدمة التوقيع الإلكتروني، والذي من خلاله سيتم تقديم المعاملات الحكومية من قبل المواطنين دون ضروروة تواجدهم في مقر الوزارة أو البلدية وذلك من خلال إعتماد توقيع إلكتروني موحد له وفي جميع معاملاته، وهو ما يعني إنجاز المعاملات بسرعة كبيرة وتسهيل الإجراءات على المواطنين وبالتالي تسريع عجلة الإقتصاد وتحقيق النمو الإقتصادي الذي تسعى له الحكومة.

من جهة أخرى قال الدكتور صالح الشرايعة أستاذ علم الحاسوب في الجامعة الأردنية، والمدير التنفيذي لشركة شبكة الجامعات الأردنية، وهي شركة مسؤولة عن الربط بين الجامعات ومنح تراخيص مايكروسوفت إن تطبيقات الهواتف الذكية ساهمت بشكل فعال في زيادة الإنتاجية لدى العديد من القطاعات ومنها الحكومية، حيث لوحظ في الفترة الأخيرة تغيراً في اتجاهات المجتمع نحو استخدام التطبيقات والخدمات الإلكترونية.

ويؤكد الشرايعه أن التطبيقات الذكية ساعدت في احترام وقت العمل وسرعة الإنجاز في المعاملات التي كانت تستغرق وقتا وجهدا طويلا خاصة في ظل تباعد الوزارات والجهات المعنيية في المسافة واختلاف التعليمات في بعض الأوقات، مشيرا إلى أن" التطبيقات الذكية ساعدت في سرعة تدفق المعلومات وبالتالي اتخاذ قرار إقتصادي وإداري سريع" في مختلف الشؤون التي يهتم بها الإنسان.

ويوضح الشرايعه أن أغلب التطبيقات التي يستخدمها الأردنيون هي تطبيقات التواصل الإجتماعي مثل الفيس بوك والإنستغرام وتطبيقات الألعاب، وهذا يعني أن التطبيقات لا تتجاوز نسبة 30 % من النشاط الإقتصادي الحالي على_ حد وصف الشرايعه_، وهو ما يعني حاجتنا إلى العمل جديا في تطوير التطبيقات الذكية التي تهتم بالخدمات الإلكترونية المقدمة سواء من الجهات الحكومية أو البنوك وشركات التأمين والمكتبات العامة، مع محاولة ضبط التطبيقات التي تسيء للمجتمع وعاداته وتقاليده، مثل تطبيقات التعارف والسفر وكذلك تطبيقات بيع المقتنيات المسروقة للمواطنين .

وقال الشرايعة أن الخدمات الإلكترونية ساهمت في تقليل النفقات، وزيادة الكفاءة والفرص التشجيعية بين المستثمرين والمواطنين، لكن تبقى هناك مشكلة للحكومة وهي طريقة الرقابة على المنتجات المعروضة وطريقة التحصيل الضريبي من هذه "المنشآت الإلكترونية".