عمر شاهين يكتب : يخطئ من يظن أن الخصاونة هو المهدي المنتظر لإصلاح الأردن
مع كل الشعارات المطروحة في الشارع في مسيرات الإصلاح، ووعي المشاركين بها، واندماجها مع حركات شعبية ونخب المعارضة والأحزاب ورموز الدولة، ،وإفصاحهم عن أسماء بعض صناع الدمار الاقتصادي في الأردن،وتحديد معالم الإصلاح المرجو إلا أن خطوات البدء تحتاج إلى عزيمة مجتمعية لاجتثاث الفساد وعدم التعاطف به، وهذا مسؤولية واسعة وكبيرة،تتعدى مهام حكومة.
فالإصلاح لا يصنعه رئيس وزراء ولا حتى القصر نفسه ولا إدارة مخابرات، بل بنية وطنية شاملة، تنزع تلك المحاصصة وعدم التهاون بقضايا الوطن، وطالما أننا نطالب بسلطة شعب، تنتج من برلمان منتخب ونزيه فعلينا أن نسعى لتحقيق هذا عبر النهوض بمجلس نواب بعيد عن المال السياسي، وانتخاب الأقرب دما، على حساب الأفضل فإما الإصلاح وإما الجغرافية والولاءات الضيقة ومال سياسي يكفي لليوم ويدمر الغد .
في الداخل الأردني، يخطئ من يظن أن القاضي عون الخصاونة يحمل تعويذة تبخر الفساد، أو انه يحمل مفاتيح الإصلاح بجيبه ، والذي من الممكن أن نجني ثماره بعد شهر من بدء عمل حكومته، ومخطئ أيضا من يظن أن المعارضة ورموزها ،يملكون هذه الحلول، فالمبالغة بالجهتين تقيض من الوصول إلى إصلاح حقيقي.
ما يحدث اليوم أن المواطن يريد الخلاص من صخرة على صدره اسمها الفساد، وبين حكومات تتخبط لا تدري أين تبدأ في محاربته، وما نتيجته، وكل يريد وضع الأسس لذلك وترك العمل لمن يليه و هذا ممكن أن نسميه ترحيل محاربة الفساد،وكل هذا لتعقيد الفساد وأهمية رموزه، ففي دولة مثل مصر ، علق أشهر رموز الفساد من نظام مبارك على قضبان قفص المحاكم، وما يزال هناك المئات أو الآلاف خارجه، وفي تونس خلع بني علي وبقي نظامه، وفي اليمن كل المسيرات المليونية لم تؤثر على علي عبدالله صالح،، لذ علينا أن ندرك في الأردن بان المشوار طويل كبير ، ويحتاج إلى نفس عميق..كي نجتث الفساد ككل وهذا طبعا لم يتحقق عبر التاريخ ، ولكن لنطلب بتقليله في الأردن.
دعوني اطرح سؤال حول الفساد، فالمصير المجهول لدين يبلغ 600 مليار دينار، لا يمكن أن يوضع فقط في رقبة الأسر الحاكمة في الأردن، وأمام عشرات الحكومات والغناء الفاحش لكبار الحكومة ورؤساء جهاز المخابرات، وموظفي الديوان نجد أن هؤلاء منتمين إلى مكونات الوطن السكانية وانتقلوا من أثرياء جبل عمان واللويبدة إلى أثرياء دابوق، وعبر هذه المرحلة ، نجد أن لدينا قائمة بعشرات الآلاف من الذين يعجزون عن إجابة سؤال من أين لك هذا؟؟ وفي حالة تم توسيع المحاكم سوف نواجه جدران دفاعية ، كل يقول "هل استقويتم على قريبي ".
لذا المبالغة التي رافقت الخصاونة، خطا كبير مقدم، فالقاضي صاحب تاريخ كبير، ولكن الأردن ليست لاهاي، وها هو يعيد نفس نهج الذين سبقوه بكلاسيكية مكررة تمر عبر وعود، وادعاء بمشاورات لإخراج حكومة مقنعة، ومن ثم الجلوس مع الصحافة والنقابات، وترحاب في هذه الخطوات ، وبعد أشهر مطالبات بإسقاطه...
لا نريد من الخصاونة القاضي العريق أن يصلح لنا حتى لو دراجة "حمزة ابن جيراني"، ولا أن يضع بالسجن ولو فاسد سرق قلم حبر ، بل أن يقوم بصياغة قانون انتخابات عادل وشامل ينتج مجلس نواب يتمكن من البدء بمرحلة الإصلاح.
اعرف أن تشكيلة حكومة الخصاونة صدمتنا جميعا، ولكنها ، مثل حكومة البخيت كنا نقول أنها حكومة تصريف إعمال، وللأسف فشلت حكومة البخيت في صناعة قانون انتخابات بلدية ونجحت بمهمات أخرى صعبة، وما نريده من الخصاونة أن يمهد لمرحلة واسعة الإصلاح عبر تجسير قوانين فاعلة قادرة على صناعة مستقل إصلاحي..
لا تبالغوا في قدرة الخصاونة ، ولا تبنوا أحلام وهم، فالرجل ليس المهدي المنتظر الذي سيملأ الأردن، عدلا، فالإصلاح لن يأت عبر حكومة وبثلاثة أشهر، وما يقال في المسيرات يسهل كتاباته على يافطة، أو الصراخ به أمام المسجد الحسيني، ، وطالما أننا نتفق على إصلاح مخرجات النظام ،واحرص الأردنيين على الصلاح هو جلالة الملك نفسه ، فالأصل أن نتكاتف لصناعة مستقبل الوطن الذي يحوي الجميع، بكل عقلانية ومثابرة، ومحاربة الفساد تحتاج تضحية وكبيرة يفرض علينا كلنا الستة ملايين أن يكون كل فرد عون الخصاونة، الذي أثق به كثيرا ولكن علينا أن نعطيه بعض الأكسجين، وألا نتأثر كثيرا بما نراه على الجزيرة في سوريا أو ليبيا لان حكامنا لم يكونوا يوما مثل ألقاذفي أو بشار الأسد...
Omar_shaheen78@yahoo.com