الحصن الأخير

‏ دولة الرئيس لا تجلس طويلا متأملا ماذا يجب عليك أن تفعل، فلا نريد منك المفاضلة ‏بين فكر الفارابي وميكافيلي لحل مشاكل البلد، فالأمور تزداد سوء يوما بعد يوم، والنتائج لن ‏تكون طيبة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة وصحيحة في معالجة الملفات الحيوية التي ‏يطالب الشارع بسرعة اتخاذ إجراءات حاسمه بشأنها، فالشارع غير معني بالترتيبات ‏البيروقراطية الحكومية لاتخاذ القرار، فأي تأخير في كشف قضايا الفساد واسترداد المال ‏العام المنهوب سيعني بالضرورة تستر الحكومة على مثل هذه القضايا، والواقع يستوجب ‏إيقاع ضحية لتهدئة هذا الملف ولو مؤقتا، ولا نعني بذلك التبلي على ضعيف وتقديمه كبش ‏فداء، ولكن يجب البدء بأحد الفاسدين الذين يعرف الشارع أسبقياتهم بشكل جيد، فمسؤوليتك ‏البدء بذلك فورا.‏
‏ وفيما يتعلق بالتعديلات الدستورية، فالمطالب بهذا الخصوص اشد وضوحا من اللون ‏الأحمر في إشارة المرور، فما المانع من البدء فورا بتعديلها قبل أن نخسر كل شيء، ‏فالتحفظات على هذه المطالب واهية ولا تصمد أمام المطلب الجماهيري الذي ينادي بها، ‏وتشكل له وقود دائم لحراكه، وعليك دولة الرئيس أن تعي بان الحراك بدا ينتشر بعظم ‏الحكم، فالعشائر بدأت تعيد نظرها وحساباتها بكثير من مسلمات الفكر السياسي لديها، ‏وأصبحت تعطي للواقع أوزان حقيقية تخلوا من الانقياد الساذج.‏
‏ ولتأكيد سيادتنا على أنفسنا وأننا لسنا تبعا لأحد، فما المانع من اتخاذ قرارات حاسمة في ‏المواقف التي تتطلب أن نكون فيها شجعانا، فاتفاقية وادي عربة لا تلقى قبولا لدى الشعب، ‏فلماذا الحكومة تتمسك بها، هل للمحافظة على ملايين أمريكا التي تمنحها لنا لنحافظ على ‏امن إسرائيل، التي تنكل بإخوتنا ليلا نهارا وتسلبهم كرامتهم وأرضهم، ولم تساعد هذه ‏الاتفاقية على تحرير أسيرة أردنية في سجون الاحتلال، حتى ضفرت حماس بهذه المكرمة ‏التي عجزت عنها حكومات أردنية متعاقبة، كانت تتغنى بالحلول الدبلوماسية السلمية، لا بل ‏إن هذه الاتفاقية سخرت تحقيق مصالحنا الوطنية لمصلحة إسرائيل، فالتصويت للبحر الميت ‏ليكون من عجائب الدنيا ستجني ثمره إسرائيل قبلنا، فإذا كانت هذه الاتفاقية تدر علينا ذهبا، ‏فاعلم سيدي أننا لا نخشى الفقر، بل ربيناه في بيوتنا ومع أبنائنا وأصبح من أعزائنا الذين لا ‏غنى لنا عنهم.‏
‏ دولة الرئيس أنت الآن تشكل الحصن الأخير لسلامة هذا البلد، فلا تتردد بالعمل لما فيه ‏مصلحة الوطن والمواطن، فان التاريخ سيسجل لك فضلك إن استطعت أن تُخرج هذا البلد ‏من نار بدأت تأكل أطرافه، وبيدك القوة القانونية وبحسن استخدامها ستُطاع لك القوة الشعبية، ‏فعليك النجاة بهذا البلد ولا تصغي للملاءات، فمن أصغى لها قبلك ما سر العدو حاله فما بالك ‏بالصديق، واعلم دولة الرئيس إن الحراك الشعبي إذا لم يرضى عن أدائك، فلن يرضى عمن ‏فوقك، وان سره حسن أدائك وهذا الأمل المرجو منك فستثبت أركان العرش، الذي يجمع ‏تحت ظله قبائل سمتها الحلم والصبر في الرخاء، والبأس والشدة في المحن، فاعمل مخلصا ‏جاهدا على ألا تعيد الأردن إلى ما قبل الحكم الهاشمي وكان الله في عونك يا عون.‏
‏ ‏
kayedrkibat@gmail.com