التردد أمام العام الدراسي الجديد.. المزيد من الفهم والتسامح

اخبار البلد- كتب:سامح المحاريق

 
استسلم العالم لفكرة موجة ثانية من فيروس كورونا حتى قبل انتهاء الموجة الأولى، وكان من التفاؤل غير الصحي أن نعتقد بأن الأردن لن يدخل في هذه الموجة، ولا ينفي ذلك وجود العديد من الأخطاء التي اعترفت بها الحكومة ويجب عليها أن تتحمل مسؤوليتها، ومهما يكن من أمر فالواقع يحتم على الأردن اليوم أن يبحث عن استراتيجية مواجهة جديدة. 
التكلفة الباهظة للإغلاقات التي استمرت طويلاً تبدو شبحاً يخيم على المسؤولين عن اتخاذ القرار، وتقترب منا استحقاقات مهمة منها عودة مئات آلاف الطلبة إلى مدارسهم وجامعاتهم، والضيق الذي بدأ يتصاعد من قرارات اللحظة الأخيرة وما تحمله من إرباك على جميع المستويات.
 المشكلة مع التحدي القائم في الجهود الوبائية تتمثل في عدم القدرة على إدعاء أي شخص أنه يتخذ القرار الصحيح، فالفيروس يتخذ سلوكاً غير متوقع من الناحية الإحصائية، فحالياً تصل نسبة الحالات الحرجة التي تستلزم التواجد في المستشفى إلى1 ،%وتراجعت نسبة الوفيات من الحالات المغلقة إلى 5 %من 20 %قبل بضعة أشهر، وبالمنطق البسيط فإن وصولنا إلى مئة ألف حالة يستلزم وجود نحو 1000 مريضفي المستشفيات، ولكن كل هذه الحسابات لا تضيف شيئاً لمن يتخذ القرار، فالقرار يستتبع مسؤولية جسيمة ويضع صاحبه مكشوفاً أمام الرأي العام. بالعودة إلى موضوع الدوام في المدارس، وعلى الرغم من أن فئة الأطفال تحظى حسب التقديرات بمناعة جيدة تجاه الفيروس، إلا أن انتظامهم يمكن أن يحولهم إلى قنبلة موقوتة تعود بالمرض إلى بيوتهم، وبالتالي، لا يمكن الحديث عن تصور متكامل لكيفية إدارة العام الدراسي، ويخشى أولياء الأمور مزيداً من التأجيل حرصاً على مستقبل أبنائهم، ولذلك فالتردد متوقع، وقرار اللحظة الأخيرة وارد، وفوق ذلك، تغيير المسار كلية بعد البدء في بعض الإجراءات محتمل على الدوام. يختلف الكوفيد 19 عن غيره من الفيروسات نتيجة عدم ارتباطه بظهور الأعراض، فهو ليس الكوليرا مثلاً حيث يمكن رصد الأعراض بصورة فورية، ويمكن اتخاذ الإجراءات الصارمة والعزل التام للمناطق، بل وتحصين الطواقم الطبية والمدنية ضده، ولذلك فجهود المكافحة الوبائية تشبه مطاردة الدخان، أنت تراه وتشعر به، ولكن لا تستطيع أن تمسكه. يجب أن يزيد التسامح الشعبي مع التردد الحكومي، وأن يتصرف الجميع بوعي ومسؤولية، والمواطن عليه أن يتولى الكثير من الأدوار، وفي المقابل يحتاج الجميع إلى الاستماع إلى لجنة الأوبئة ويحتكم بنسبة كبيرة إلى نصائحها دون اللجوء إلى منطق المكابرة أو الالتجاء للصلاحيات الاعتيادية التي يفترض أنها جميعها أدوات لمواجهة الخطر المحدق بالأردن. يفكر البعض في أن الحكومة توظف الوضع الوبائي لاستمرارها، وتستشعر الحكومة بدورها فجوة كبيرة في الثقة التهمت شعبيتها التي للمفارقة ارتبطت أصلاً بتجربة التصدي للمخاطر الوبائية، ولذلك من الضروري أن ننصت للجنة العلمية المختصة في الأمر، وأن نثق في توصياتها بل وأن نتحالف معها لتكون صاحبة الفصل في علاقة تفتقد لكثير من الايجابية والثقة مع الحكومة التي عليها أن تدرك وجود مؤسسات أخرى في الدولة بشكل عام، وهذه المؤسسات من مهمتها أن ترشد الحكومة أحياناً، وأن تقيدها أحياناً أخرى.