أمريكا، زرقاء

اخبار البلد-

 

مع اقتراب يوم الاقتراع في الثالث من تشرين ثاني القادم تتنامى حمى الانتخابات الامريكية بطريقة مثيرة، لكثرة التدخلات الخارجية ومقدار استقطاب النفوذ الداخلي، اضافة الى الدقة المتناهية في استخدام تقنيات جديدة في الحملات الانتخابية، فتارة يتم استخدام اوراق مشاركة مؤثرة وتارة اخرى يتم استخدام اوراق سياسية داخلة، وكلا الفريقين الازرق والاحمر يقدمان حملة انتخابية تدرس .
لما تحتويه من علوم ابتكارية يستخدم فيها علوم معرفية في التواصل المباشر وغير المباشر كما في كيفية التاثير وايجاد دوائر الاثر والتاثر والتي تسهم في توليد قناعات دون اطلاق رسالة مباشرة في الحملة الانتخابية، وهي تقنية في الذكاء الاصطناعي يقوم على استخدامها الحزب الديموقراطي ليخفف وطأة تاخره في الدعم المالي عن غريمه الحزب الجمهوري بحوالي 200 مليون دولار .
وبالرغم من هذا تاخر حملة جو بايدن في الجانب المالي الا ان الحزب الديموقراطي يستخدم تقنية تنظيمية جديدة هذه المرة تقوم على مركزية استقطاب لانتاج دوائر الاثر دون الدخول بأمواج التاثير، وهي تقنية جديدة اعتمدها الحزب الديموقراطي ونجح في استقطاب من يدعمه سياسيا مثل الجمهوري الكبير مت رومني وكولن باول اضافة الى جورج بوش الابن، وهو يمتلك فريقا من رموز السياسية يميزهم ال كندي وبل وهيلاري كلنتون والمقاتل باراك اوباما وهي قيادات وازنة ومؤثرة يتوقع ان تحدث علامة فارقة في مسرح عمليات الحملة الانتخابية.
واما على الصعيد الخارجي فيتوقع ان تناصر حملة بايدن للرئاسة من قبل الاتحاد الاوروبي والصين، وهذا ما يجعله يحظى بتاييد في الولايات المركزية مثل كاليفورنا وفلوريدا ونيويورك وتكساس والينوي شيكاغو وهذا ما بينته الواشنطن بوست في استطلاعاتها الاخير، والذي بين تقدما ملحوظا للسيناتور بايدن على الرئيس ترامب، وفي ذات السياق فلقد شكل حسن اختيار بايدن لمركز نائب الرئيس لسيناتور القوية ذات اصول جامايكا المتزوجة من اليهودي ومن ام هندية واليسارية المؤثرة كامالا هريس، حيث شكل اختيارها اضافه نوعية لحملة بايدن باعتبارها تشكل احدى المحاور الاساسية في جي ستريت، هذا اضافة الى قوة تاثيرها في كاليفورنيا .
ويعزو بعض السياسيين تأخر الحزب الجمهوري في السباق الانتخابي نحو مجلس الشيوخ والبيت الابيض الى عوامل عديدة منها ما يقوم على سوء ادارة ملف كورونا وعدم اكتشاف اللقاح بينما موسكو فعلت ما كان من المفترض انجازه في امريكا، وعدم قدرة الادارة الحالية على التعاطي بنجاح مع الملف الاقتصادي واخفاق ادارة ترامب في التعاطي مع الملفات الخارجية باستخدام السياسة الضاغطة دون فاعلية، ومحاولة الرئيس ترامب تغيير مركز بيت القرار وتغيير المراكز المحورية الاقليمية .
وان كانت هذه القراءة لا تعتبر نتيجة لكنها تدل على ان الانتخابات التي تشهدها الولايات المتحدة ليست انتخابات امريكية فحسب بل عالمية، وان كان الناخب الامريكي فقط يمتلك أحقية التصويت، لكن ارادة الناخب الامريكي باتت تعبر عن ارادة العالم من شدة تاثير واشنطن على صياغة القرار وصناعة الاحداث الاقليمية والدولية .
وهذا ما يستدعي من جميع الدول بعدم الإعلان عن ميولهم بطريقة ظاهرة، وان يعملوا كما يعمل التاجر بالوقوف مع الطرفين بالعلن على الاقل، حتي نستطيع التعامل مع الفائز في السنوات الاربعة القادمة، وان ننظر لورقة الامتحان قبل الاجابة على الاسئلة حتى تحسب النتائج للمقدم ولا تسجل علية صفة المتبرع بالموقف لصالح طرف على حساب الاخر وليس لصالح بيت القرار الامريكي، وهنا يكمن الفرق في المغزى والمعنى .