المشكلة ليست في السلام.. المشكلة في عقلية "قادة الكيان "الرافضين له
اخبار البلد-
زهير العزه
قبل سنوات ليست ببعيدة ، وعندما كانت الهجمة الاستعمارية مطلع الثمانينيات من القرن الماضي تتناوب على قصف بيروت بطائرات العدو الاسرائيلي وبأساطيل الامبريالية الامريكية الفرنسية البريطانية ، وتصب جام غضبها على المدافعين عن بيروت ،كنا نقول ليس عربيا من لا يدافع عن بيروت وليس عربيا من لا يقاتل من أجل تحرير فلسطين، واستبسل الجميع في الدفاع عن بيروت وعروبة بيروت وانهزم المشروع الانعزالي اللبناني كما انهزم المشروع الاحتلالي الصهيوني وخرج من بيروت على ايدي المقاومين المدافعين عن بيروت .
لكن ما الذي جرى اقليميا ، كان السادات قد وقع مع الصهاينة على اتفاق كامب ديفيد مستغلا ما جرى في لبنان من حرب طاحنة بين اللبنانيين بعضهم ببعض ومع الفلسطينيين الذين زج بهم في تلك الحرب ومن ثم غزو بيروت، ومستغلا انشغال الامة في مشروع الدفاع عن عروبة لبنان .
وتمر السنون ، ويضرب بيروت عصف مدمر من نترات الامونيوم ليحوّلها الى " بيروتشيما" كما أُطلق عليها البعض ،وياتي على مينائها ويرمي الضحايا على بحرها وتحت ردم بيوتها الاف من الضحايا سقطوا بين شهداء اوجرحى ومفقودين واشلاء.
الانفجار الشيطاني الذي أدمى قلوب اللبنانيين وأهل بيروت على وجه الخصوص أدمى قلوبنا خاصة نحن الذي عشنا ردحا من الزمان في بيروت وخبرنا شوارعها وازقتها وبحرها وجبلها وبقاعها ،وتنفسنا مع أهلها وتقاسمنا لقمة العيش كما ذقنا مرارة الخيانة والنكران العربية عندما كان الصهاينة يتجولون في بيروت وبعض من العرب ينتظرون لحظة الخلاص من المقاومة والمقاومين، لكن صمدت المقاومة صمدنا وانتصرت بيروت وانتصر لبنان .. وانتصرت فلسطين على كامب ديفيد .. وكانت الانتفاضة الفلسطينية الاولى ثمرت الصمود ..
وبعد الانفجار وبينما بيروت تحاول أن تضمد جراحها ، وغزة هاشم تتعرض لقصف متواصل حتى هذه اللحظة وتقتلع جرافات الاحتلال الاشجار من الارض الفلسطينية وتهدم البيوت وتبني المستوطنات لقطعان المستوطنين ، ويتأكل مشروع بعض الفلسطينين الذين خدعتهم قرارات الشرعية الدولية العاجزة عن التصدي للصهاينة تحقيقا لما يسمى بالعدالة الدولية، كانت الارباح تنهمر على دولة الكيان الصهيوني من خلال الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي الذي رعته واشنطن وهذا ما يثير الشك من حيث تزامن الانفجار مع المشاريع التطبيعية مع الكيان الصهيوني ؟.
أن أي اتفاق مع الكيان الصهيوني لا يمكنه ان يلغي حق الشعب الفلسطيني في أرضه الممتدة من نهر الاردن الى البحر المتوسط ، ولو وقع العالم اجمع اتفاقيات سلام مع الكيان الصهيوني هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى كنت اود ان يجيب كل من يقول ان التطبيع والسلام مع هذا الكيان سيجلب السلام للمنطقة ،وسيعيد حقوق الشعب الفلسطيني وسيحمي المقدسات وسيحمي ارض الضفة من الضم على الاسئلة التالية: الم تكن اتفاقيات السلام الموقعة بين مصر والاردن وفلسطين لتقنع الكيان الصهيوني بأهمية السلام ؟ الم تكن تلك الاتفاقيات التي وقعت مع اطراف عربية بينها وبين دولة الكيان حروبا ممتدة لسنوات كافية لاقناع هذا الكيان على ضرورة الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ؟ اوليست الاتفاقيات المذكورة هي الاهم باعتبارها مع دول هي من بين دول الطوق الهامة ؟الم تكن مبادرة السلام العربية كافية ،الم يمزقها المجرم شارون واعلن رفضه لها بعد دقائق من اعلانها في بيروت عام 2002؟
لن يستطيع احد ما ان يقنع عربيا واحدا ان اتفاقيات السلام الجديدة او التطبيع مع الكيان الاسرائيلي سيحقق اية ارباح للعرب او لقضية فلسطين، بل على العكس إن كل اتفاق او سلام او تطبيع مع هذا الكيان سيعتبره العدو الاسرائيلي مزيدا من الجوائز لسياساته الرافضة لاية طروحات تتعلق بالسلام وتجعله يعود عن احتلال الضفة الغربية ، وهذا ما اكده نتنياهو الذي اوضح انه لن يتخلى عن ضم "يهودا والسامرة" حتى وان اجل قراره الى وقت اخر ..!
ان المشكلة هي عند الكيان الاسرائيلي الرافض لاية مبادرات او طروحات للسلام " وموقفه من مبادرة السلام العربية كان واضحا "،وبالتالي لا جدوى من اية اتفاقيات مع هذا العدو ،الا ما يحققه هذا البعض من مصالح شخصية على حساب القضية الفلسطينية .
اليوم الشعب الفلسطيني كما كان دائما ومعه كل أبناء الشعب العربي واحرار العالم ، ومن مختلف تياراتهم يتوحدون ضد الصهاينة وضد مشاريعهم في المنطقة وهذه جائزة قدمتها مثل هذه العلاقات مع الكيان الصهيوني "وما كان ذلك يتحقق قبل بضعة اشهر حيث كان الاختلاف بين هذه التيارات هو سيد الموقف" ، ولن يسمحوا ان تمر جوائز الترضية للكيان الصهيوني كتعويض له على ما يقوم به من قتل وذبح بحق ابناء الشعب الفلسطيني ، وقد اثبتت التجارب السابقة ذلك ،فواقع السلام بين ابناء مصر والاردن وفلسطين مع المستوطنين لارض فلسطين التاريخية واضح ولا يقبل الشك بانه سلام بارد وهش .
نعود ونكرّر ن اية اتفاقيات مع الكيان المحتل لا تحمل في طياتها التزاما واضحا وتنفيذا فوريا لما كان العرب قد اجمعوا عليه لن تحقق للامة ولفلسطين أية مكاسب ، بل سيظهر بعد حين ان المستفيد الوحيد هو العدو الاسرائيلي،وبالتالي فلابد من التأكيد أنّ فلسطين هي اكبر من كل المشاريع التصفوية، وقد اثبت التاريخ قديما وحديثا ذلك ..
zazzah60@yahoo.com