هل نعود إلى الحظر..؟!
اخبار البلد-
الذي يتابع أخبار فيروس كورونا في العالم والإقليم سيعرف أننا بعيدون كل البعد عن الأمان منه هنا في الأردن، فنحن محاطون تماما بالدول التي تشهد أعداد إصابات كبيرة، ومن الإفراط في التفاؤل تصوّر أننا سنفلت. ولعل الإحساس الزائف بالعصمة هو الذي جعل المعظم يتخلون عن كل وآخر مظاهر الحظر والوقاية، وسوف يخشى أي عاقل من أن يعيدنا تفشٍّ لا يمكن التنبؤ بماهيته إلى الحظر والإغلاقات، وما يترتب عليها من الضرر النفسي والاقتصادي والاجتماعي.
عند بداية ظهور المرض في الأردن، تصرفت الدولة بسرعة والتزم الناس بالخطط العامة لاحتواء الوباء ووقف تفشيه. وكان ذلك بالتحديد هو ما أتاح الوصول إلى منطقة مريحة نسبيا سمحت بالعودة التدريجية إلى الحياة وتشغيل الاقتصاد وحرية الحركة إلى حد كبير. لكن رفع الإغلاقات والحظر في كل مكان انطوى على الكثير من المحاذير، ورافقته توصيات صارمة باتباع إجراءات بسيطة في نهاية المطاف، والتي لا تُقارن كلفها المادية والاجتماعية بكُلف تفش غير منضبط للوباء، ومع ذلك، سُرعان ما بدأ الناس هنا بالتخفف من الإجراءات الوقائية حتى عاد السلوك والحياة تقريبا إلى ما كانا عليه قبل ظهور المرض، وتذرع كثيرون بالإنكار، أو نظريات المؤامرة، أو الانسجام مع سلوك القطيع.
كان المطلوب هو ارتداء أقنعة الوجه والقفازات، والحفاظ على مسافة آمنة من الآخرين في الأماكن المغلقة والعامة، وتجنب التجمعات الكبيرة، ووفر الظرف الجديد فرصة لتخفف الناس من الأعباء الثقيلة المترتبة على الأعراس والولائم وبيوت العزاء، والتي كانوا يتحملونها بمشقة من أجل إرضاء الآخرين، وتوقع بعضنا تغيُّرا في الثقافة، يشمل التخلص من مظاهر الاستعراض الاجتماعي، والعادات غير الصحية مثل الاحتضان والتقبيل والشرب من نفس الفنجان وما شابه.
لكن ذلك لم يحدث. قلة غير ملحوظة هم الذين التزموا بأقنعة الوجه، وكأنّ ارتداءها في السوق أو مكان العمل سيقتلهم، أو كأن الذي يلتزم جانب الحذر خوّاف أو ساذج مخدوع. وعلى سبيل المثال، تخلصت المؤسسة المدنية القريبة في حينا من معقمات الأيدي والقفازات، وتخلص موظفوها من أقنعة الوجوه تماما بعد أن كانوا يضعونها على ذقونهم، ولم يعد أحد يطالب المتسوقين بارتداء الأقنعة والقفازات أو التباعد.
وفي عرس في حينا، أغلقت أكثر من 50 سيارة للمعازيم الشارع. ولو كان في كل سيارة شخصان في المعدل، فإن 100 شخص أو نحو ذلك اجتمعوا في صالة البيت الصغيرة أو في الشارع أمامه. ولن ينفع مع هذا السلوك إغلاق صالات الأفراح التي استبدلها البعض بالمزارع. بل إن أفراد فريق للتقصي الوبائي الذين يجرون فحص كورونا، كما أخبرني قريب موثوق، فحصوا موظفي مؤسسته ولم يكن أي منهم يضع قناع الوجه. ومن المؤكد أن الفاحص يضع وجهه في وجوه العشرات الذين يأخذ منهم العينات، فيعمل موزعا معتمدا للعدوى ويقلب الغاية من عمله رأسا على عقب.
برغم التحذيرات المحقة من كل الجهات، والأرقام المرعبة في الإصابات عالميا وإقليميا، والوضع الوبائي السيئ في الإقليم، هرب عشرات الأردنيين من الحجر الصحي، وكأنه عقاب وليس وسيلة لحماية أنفسهم وأحبائهم وعائلاتهم. ووضع البعض الكحول في أنوفهم ليخدعوا أنفسهم ومواطنيهم معتقدين بأن نتيجة الفحص ستكون سلبية إذا كانوا مصابين. وبذلك، أصبح من الصعب المراهنة على الوعي الفردي، وتبين أن الالتزام في البداية كان يتعلق بشدة المراقبة والإجراءات والعقوبات، وليس الاقتناع بضرورة الاحتماء من وباء خطير.
على أي حال، ظهرت مؤشرات مقلقة على احتمال المحذور الذي تنذر به كل المعطيات، وعادت الإصابات المحلية إلى الارتفاع لتصل نحو 30 في يومين. ويمكن أن ترتفع الأعداد –لا قدر الله- وتعيدنا إلى درجات من الحظر والإغلاق وتهدد الأعمال والأرواح. ويبدو أننا لم نتعلم من كلفة هذه الإجراءات التي كلفت الكثيرين وظائفهم وأعمالهم وسبل عيشهم. ومن المؤكد أن الجهات الرقابية شاركت في تيسير حالة الاسترخاء ولم تتوخ الحذر في المعابر الحدودية، فتسللت العدوى. وهكذا، عملت الثقافة نفسها مرة أخرى: التهرب من الالتزام والحاجة إلى رقيب والاعتقاد بأن الفرد يمتلك الحقيقة ولا يقبل الاحتمالات. وتبين أن الملتزمين قلة معزولة، ولو أن بضعة أفراد مستهترين، من المواطنين أو المسؤولين، يمكن أن يؤدوا المهمة.
عند بداية ظهور المرض في الأردن، تصرفت الدولة بسرعة والتزم الناس بالخطط العامة لاحتواء الوباء ووقف تفشيه. وكان ذلك بالتحديد هو ما أتاح الوصول إلى منطقة مريحة نسبيا سمحت بالعودة التدريجية إلى الحياة وتشغيل الاقتصاد وحرية الحركة إلى حد كبير. لكن رفع الإغلاقات والحظر في كل مكان انطوى على الكثير من المحاذير، ورافقته توصيات صارمة باتباع إجراءات بسيطة في نهاية المطاف، والتي لا تُقارن كلفها المادية والاجتماعية بكُلف تفش غير منضبط للوباء، ومع ذلك، سُرعان ما بدأ الناس هنا بالتخفف من الإجراءات الوقائية حتى عاد السلوك والحياة تقريبا إلى ما كانا عليه قبل ظهور المرض، وتذرع كثيرون بالإنكار، أو نظريات المؤامرة، أو الانسجام مع سلوك القطيع.
كان المطلوب هو ارتداء أقنعة الوجه والقفازات، والحفاظ على مسافة آمنة من الآخرين في الأماكن المغلقة والعامة، وتجنب التجمعات الكبيرة، ووفر الظرف الجديد فرصة لتخفف الناس من الأعباء الثقيلة المترتبة على الأعراس والولائم وبيوت العزاء، والتي كانوا يتحملونها بمشقة من أجل إرضاء الآخرين، وتوقع بعضنا تغيُّرا في الثقافة، يشمل التخلص من مظاهر الاستعراض الاجتماعي، والعادات غير الصحية مثل الاحتضان والتقبيل والشرب من نفس الفنجان وما شابه.
لكن ذلك لم يحدث. قلة غير ملحوظة هم الذين التزموا بأقنعة الوجه، وكأنّ ارتداءها في السوق أو مكان العمل سيقتلهم، أو كأن الذي يلتزم جانب الحذر خوّاف أو ساذج مخدوع. وعلى سبيل المثال، تخلصت المؤسسة المدنية القريبة في حينا من معقمات الأيدي والقفازات، وتخلص موظفوها من أقنعة الوجوه تماما بعد أن كانوا يضعونها على ذقونهم، ولم يعد أحد يطالب المتسوقين بارتداء الأقنعة والقفازات أو التباعد.
وفي عرس في حينا، أغلقت أكثر من 50 سيارة للمعازيم الشارع. ولو كان في كل سيارة شخصان في المعدل، فإن 100 شخص أو نحو ذلك اجتمعوا في صالة البيت الصغيرة أو في الشارع أمامه. ولن ينفع مع هذا السلوك إغلاق صالات الأفراح التي استبدلها البعض بالمزارع. بل إن أفراد فريق للتقصي الوبائي الذين يجرون فحص كورونا، كما أخبرني قريب موثوق، فحصوا موظفي مؤسسته ولم يكن أي منهم يضع قناع الوجه. ومن المؤكد أن الفاحص يضع وجهه في وجوه العشرات الذين يأخذ منهم العينات، فيعمل موزعا معتمدا للعدوى ويقلب الغاية من عمله رأسا على عقب.
برغم التحذيرات المحقة من كل الجهات، والأرقام المرعبة في الإصابات عالميا وإقليميا، والوضع الوبائي السيئ في الإقليم، هرب عشرات الأردنيين من الحجر الصحي، وكأنه عقاب وليس وسيلة لحماية أنفسهم وأحبائهم وعائلاتهم. ووضع البعض الكحول في أنوفهم ليخدعوا أنفسهم ومواطنيهم معتقدين بأن نتيجة الفحص ستكون سلبية إذا كانوا مصابين. وبذلك، أصبح من الصعب المراهنة على الوعي الفردي، وتبين أن الالتزام في البداية كان يتعلق بشدة المراقبة والإجراءات والعقوبات، وليس الاقتناع بضرورة الاحتماء من وباء خطير.
على أي حال، ظهرت مؤشرات مقلقة على احتمال المحذور الذي تنذر به كل المعطيات، وعادت الإصابات المحلية إلى الارتفاع لتصل نحو 30 في يومين. ويمكن أن ترتفع الأعداد –لا قدر الله- وتعيدنا إلى درجات من الحظر والإغلاق وتهدد الأعمال والأرواح. ويبدو أننا لم نتعلم من كلفة هذه الإجراءات التي كلفت الكثيرين وظائفهم وأعمالهم وسبل عيشهم. ومن المؤكد أن الجهات الرقابية شاركت في تيسير حالة الاسترخاء ولم تتوخ الحذر في المعابر الحدودية، فتسللت العدوى. وهكذا، عملت الثقافة نفسها مرة أخرى: التهرب من الالتزام والحاجة إلى رقيب والاعتقاد بأن الفرد يمتلك الحقيقة ولا يقبل الاحتمالات. وتبين أن الملتزمين قلة معزولة، ولو أن بضعة أفراد مستهترين، من المواطنين أو المسؤولين، يمكن أن يؤدوا المهمة.