كوتا العقل والمواطنة الحاضنة للتنوع

اخبار البلد-

 
المواطنة الحاضنة للتنوع في المجال العربي هو عنوان المؤتمر الذي نظمه منتدى الفكر العربي على مدى اليومين الماضيين، الاثنين والثلاثاء 10 و11 آب 2020 عبر تقنية زووم برعاية سمو الأمير الحسن بن طلال، وبإشراف مباشر من الدكتور محمد أبو حمور أمين عام المنتدى. وقد غطت جلسات المنتدى عدة محاور رئيسية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية من بين غيرها من المحاور. ولا بد بداية من الإشارة الى ما تفضل به سمو الأمير الحسن بن طلال، رئيس منتدى الفكر العربي، في كلمته التوجيهية في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، من ضرورة تعزيز مبادئ التعاون والتكامل بين دول المنطقة، حيث لا تستطيع دولة منفردة أن تتصدى للتحديات الكبرى، وبخاصة مع اشتداد المعاناة الإنسانية في المشرق.
مواضيع المواطنة قديمة قدم الحضارات والامبراطوريات. ما أحوجنا في عالمنا العربي لمثل هذه المواضيع والحوارات، وقد سبقنا فيها العالم بعقود وقرون. وباعتقادي ان موضوع المواطنة شمولي ومتنوع، وللتوصل إلى تفاهمات تديره يجب أن تكون مكوناته الأساسية مثبتة داخل نواة العقل العربي قبل أن تكون موجودة في الدساتير وباقي التشريعات العربية. ومن المهم ان أردنا أن نصل إلى مفهوم مستدام وشمولي للمواطنة الحاضنة للتنوع أن يكون هذا المفهوم غير مجتزئ وغير محصور بمفهوم أوحد محدد وضيق مهما كان، بحيث يشعر الجميع بمنافع المواطنة الشمولية لدرجة تثبت انتماءهم في أوطانهم المتجذرين فيها.
فمفهوم المواطنة الحاضنة يرتبط بشكل مباشر بمفهوم إدارة التنوع في إطار من تعظيم القواسم المشتركة، والمحافظة على التنوع بتحقيق العدالة الاجتماعية، والاعتراف بالخصوصيات والتفاعل فيما بينها، من أجل الوصول إلى هوية وطنية جامعة تمثل الانتماء الحقيقي للمجموع الوطني، الذي يكفل الحقوق المدنية السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ويعترف بالجميع مواطنين ضمن مكوّناته، تترتب عليهم واجبات ومسؤوليات تجاه الصالح العام، وتكون مواطنتهم بموجب التشريعات مكفولة الحقوق. المؤتمر يهدف إلى الإسهام في إثراء نقاط التلاقي والالتقاء التاريخية والحاضرة والمستقبلية.
في هذا المؤتمر الهام، ترأست الجلسة الثالثة الخاصة بالبعد الاقتصادي والتنمية المستدامة والتي تحدث فيها نخبة من المفكرين العرب، مستعرضين تجارب بعض الدول العربية. حيث تعرض هذا المحور لإشكاليات التأثير السلبي للاقتصاد الريعي على المواطنة والمواطن ودوره، والعلاقة بين الفرد والدولة والمكان (الأرض) في إطار القدرة التحملية للموارد والاقتصاد، والحلول التي تعالج القضايا المتعلقة بتقرير المصير المؤسسي، كإنشاء مؤسسات للتكافل الاجتماعي، فضلا عن ترسيخ مفهوم المواطنة البيئية، ومسؤولية الدولة في بناء هوية لاقتصادها الوطني. وتم التركيز على حقوق الجميع في المشاركة في صنع القرارات والتشريعات الناظمة للعمل الاقتصادي العربي وواجبات المشاركة بالعملية التنموية، والمسؤولية المجتمعية، وابتكار الحلول لمشكلة البطالة، ورعاية الريادة والإبداع، وتعزيز مقومات المواطنة الحاضنة للتنوع.
وتطرقت في معرض إدارتي لهذه الجلسة إلى ضرورة دعم وتطوير رأس المال البشري وضرورة إعطاء دور وكوتا خاصة للعقل العربي في كافة مناحي العمل التنفيذي أو التشريعي لتمكين العلماء والرياديين والمبدعين العرب من المساهمة في صنع التغيير وتمكين الاقتصادات العربية من الدخول فيما يسمى بمرحلة التعقيد الاقتصادي. بمعنى تمكين الاقتصاد العربي من تنويع انتاجه وصادراته بالتركيز على الصناعات المتقدمة خاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات ومنتجات الثورة الصناعية الرابعة، لما لذلك من دور في إحداث نقلة نوعية في التنمية المستدامة الشمولية. فالدخول في عالم التصنيع والثورة الصناعية الإلكترونية سيمكن الدول العربية من مواكبة التكنولوجيا التي تحتاجها وتتطلبها وظائف المستقبل. كل ذلك بهدف التخفيف من المشاكل المزمنة التي تعاني منها الاقتصادات العربية مثل الفقر والبطالة، وبالتالي تعزيز مفهوم المواطنة الحاضنة للتنوع.