«الواقعية»..
عندما تختطف بعض قيادات الأحزاب السياسية أو ما شابهها من مؤسسات المجتمع المدني قرارات مؤسساتها، فإن النتيجة تتمثل في عدم الواقعية والخروج على مصلحة الحزب أو النقابة أو.. الخ، وهذا الاختطاف يدفع ثمنه الغالبية العظمى من الأعضاء الذين يرفضون أنانية القرارات المتخذة، وتحكم أفراد بها.
الواقعية التي نتحدث عنها تتمثل في أن توازن القيادات مصالح الحزب أو المؤسسة مع مصالح الوطن وقدرات وإمكانات الدولة لكن الخروج بتصريحات ومواقف متشنجة وغير مدروسة ولا علاقة لها بالواقع تأتي بنتائج كارثية على الجميع، وهناك من يؤشر على صراعات وخلافات داخل البيت المؤسسي، وما يمكن تفسيره أن القيادات بالصف الأول تتحمل كامل المسؤولية الإدارية والقانونية.
الواقعية لا تتلاقى وأصحاب الرأى الواحد، ولا تتوافق مع الذين لا يقدرون المصلحة العليا للوطن ،ولا تسير وفق أهواء التبعية للبعض ممن يريد التحكم بالقرار، ولا تنسجم مع مكونات تلاطمها خلافات بلا نهاية،ولهذا تفشل المؤسسات، وتسقط معها الجميع، ويحدث بعدها ما لم يكن بالحسبان.
الواقعية مطلوبة بمعرفة حدود علاقاتك مع المؤسسات الأخرى، ومرتبطة بعدم تجاوز الخطوط الحمراء لمصلحة الوطن والجماعة، ومعرفة بالامكانات المتاحة واستثمارها بما يعود بالفائدة على الجميع، وأفضل تعبير عنها هو القناعة بما بلغته وما أنت طامح إليه، وهذا يحقق ثلاثية المصلحة..مصلحة القيادة والمؤسسة ثم المجتمع، وما أن تتجاوز هذه الثلاثية تدخل في بدايات لعبة قد تفلت من بين يديك ويدفع الجميع الثمن غاليا.
ما نشهده اليوم في حراكات بعض الأحزاب والنقابات مرده عدم الواقعية في التعاطي مع مختلف التحديات الداخلية، ويشتم منها رائحة التمرد والاستقواء بالخارج، وفي تجاوز واضح لكل ثوابت الدولة ومصالح المجتمع، ولهذا تحدث اختناقات تعيق مسيرة البلاد والعباد ،وكل هذا مرده التعنت بالقرار والإصرار على الرأي الواحد وتجاوز كل شيء، والبدء ببث الأوهام وفبركة القصص والروايات وما إلى ذلك.
نحن منحازون للوطن وثوابته، وندعو الجميع إلى الالتزام بقرارات القضاء والاحتكام لمنطق العقل والواقعية، والابتعاد عن مروجي الشائعات وحاملي فيروس الكذب، فكلنا سواء وتحت مظلة واحدة وراية جامعة، ولا نملك إلا أن نكون القدوة في تغليب مصالحنا لتجاوز الظرف الراهن بأقل الخسائر، فهذا ديدن الشرفاء والأحرار في هذا الوطن الغالي.