من أجل الأردن.. يجب أن تنجح الحكومة


هل كان بالإمكان أفضل مما كان في تشكيلة الحكومة؟ يجب أن تكون الإجابة «نعم» فالرئيس أعطى الكثير من الوعود ولكن التشكيلة جاءت اقل من التوقعات. يجب أن نأخذ بعين الاعتبار تراجع واعتذار شخصيات اقتصادية وسياسية مهمة عن الدخول في «محرقة الحكومة» في هذه المرحلة وحقيقة أن الرئيس إضطر لتشكيل «تحالف الراغبين» من أجل خوض هذه المعركة الصعبة. تمكن الرئيس من اجتذاب كفاءات مهمة ومشهود لها على المستوى الفني وأخرى على المستوى السياسي واحتفظ بكفاءات محترمة من الحكومة السابقة ولكنه ايضا اختار وزراء مجربين وجددا من الصعب استيعاب وتقبل الأسباب التي تجعلهم يمتلكون حق اتخاذ القرارات بالنيابة عن الشعب الأردني في بضع قضايا هامة!

باختصار يعرف الرئيس أن التشكيلة ليست مثالية وأنها قد سحبت رصيدا لا باس به من الثقة التي تم استقبال الحكومة بها شعبيا، ولهذا فإن خطوات سريعة ومؤثرة يجب أن يتم اتخاذها لتخفيف الضرر الناجم عن إعلان التشكيلة وإثبات قدرة الحكومة على العمل بكفاءة وفعالية وتوافق. الخيارات حول الأولويات مختلفة، فالرئيس يركز على جانب التشريعات المتعلقة بالإصلاح والحركة الإسلامية ركزت على تعزيز الحريات العامة، والحراك الشبابي والشعبي يطالب بمحاسبة سريعة للفساد والفاسدين. وهذه كلها عناوين مهمة وعريضة، ولكن يعرف الجميع أن إدارة البلاد في هذه الأيام هي إدارة أزمات وأنه في كل ساعة تقريبا قد يضطر الرئيس أو بضعة من الوزراء إلى التحرك السريع لفض تداعيات قيام 20-30 شخصا غاضبين من قرار سياسي أو إداري أو خدماتي ما بتنفيذ اعتصام واحتجاج قابل للتضاعف.

من الصعب معرفة الآلية التي سوف تتبعها الحكومة لرصد الشارع والحراك العام واستشعار مكامن الخطر قبل استفحالها فلا تبدو في الحكومة شخصيات سياسية ذات امتداد شعبي وقدرة على بناء أدوات تواصل مع التيارات والقوى السياسية المتحركة في الشارع والتي تزداد اتساعا وعددا بشكل مستمر. وستكون الاهمية مضاعفة في الأيام الأولى للحكومة والتي ستشتمل على اشتباكات متوقعة مع مجلس النواب لنيل الثقة وجهد مضاعف من الوزراء الجدد لمعرفة ملفات وزاراتهم واتخاذ القرارات الإستراتيجية الخاصة بها مما سيجعل من اتصال الحكومة مع الشارع ضعيفا.

ما العمل الآن؟ هناك جهات سوف تحاول وبجدية إضعاف الحكومة تمهيدا لإفشالها وهذه لا تقتصر فقط على أصحاب الشعارات الأكثر تطرفا في الحراك الشعبي بل أيضا قوى سياسية تقليدية لا يروقها اختراق رئيس جديد لنادي النخبة السياسية خاصة وأن اي نجاح يحققه سيتم التعامل معه بمثابة إخفاق لحكومات ومراكز قوى سابقة. أما النسبة الاعلى من الرأي العام الأردني من إصلاحيين متحركين في الحراك الشعبي أو مراقبين بقلق فإن الخيار الوحيد هو تقديم دعم للحكومة في الفترة الأولى لمساعدتها على تجاوز نقطة الانطلاق الصعبة.

في ردود الفعل الأولية وجدت الحكومة الكثير من الأصوات التي تطالب بإعطائها فرصة إثبات نفسها، ولهذا فإن السرعة والذكاء عنصران أساسيان في العمل، وربما تكون الخطوة الأولى هي تأجيل الانتخابات البلدية وإزاحة هذه القنابل العنقودية التي قد تتفجر؛ حيث تحتاج إزالتها روية وحكمة وإعادة ترتيب بنية البلديات ولكن بعد تحقيق نجاحات في الإصلاح تهدئ من غضب الشارع واندفاعاته المختلفة.

batirw@yahoo.com