الانتخابات البرلمانية القادمة.. والاستحقاق الكوروني


تبدأ الاستعدادات للانتخابات البرلمانية القادمة لانتخاب البرلمان التاسع عشر بنفس القانون الذي كان معمولا به في الانتخابات لسنة 2016، وهو قانون القائمة النسبية المفتوحة على مستوى المحافظة، وقد بدأت الهيئة المستقلة بالاستعداد لإجراء الانتخابات -في ظل جائحة كورونا- التي يجب أن تضمن أعلى مستوى للسلامة والتباعد الجسدي، مما يتطلب جهودا كبيرة من الهيئة للقيام بإجراءات احترازية تقوم بها خلية الأزمة ووزارة الصحة ومراكز صحية ميدانية مصغرة، تجري الفحصوصات الاحترازية ليتم الكشف عن الناخب المصاب بالمرض، كما تقوم اللجان الوبائية بتوزيع جهودها في مراكز الاقتراع ما يعطي شكلا حضاريا للانتخابات، إذ يتوقع وجود إصابات بين الناخبين فيتم عزلهم في المستشفيات وحجر ذويهم من المخالطين، ويستوجب على المرشحين أن يحدوا من التجمعات وإقامة الولائم وما اعتيد عليه من مظاهر انتخابية في الدورات السابقة وتحت طائلة القانون؛ إذ يصدر أمر دفاع خاص بالانتخابات ينظم الحملات الانتخابية التي تتوخى التباعد الجسدي والالتزام بلبس الكمامات وتوفير مواد تعقيم في المقرات الانتخابية التي يستلزم أن لا يزيد عدد روادها عن 50 شخص في الوقت ذاته، وعلى الأجهزة الأمنية أن تكثف عملها خلال الحملة الانتخابية التي ستكون قصيرة، وأعتقد أن هذا سببا مما دعا جلالة الملك بالاتفاق مع وزارة الصحة وخلية الأزمة إلى تأخير الإعلان عن حل المجلس الحالي وإعلان الانتخابات القادمة فلا تسهم طول مدة الحملات الانتخابية في مزيد من خطر الإصابة بالوباء.
ولعل الأردن ينهج نهجا عالميا، فبتصفح الأحداث نجد أن كوريا الجنوبية أجرت انتخابات تشريعية في شهر نيسان الماضي في ذروة الجائحة، ودأبت على إجراءات احترازية تمثلت بالقياس الحراري والتباعد الجسدي، وضمان عدم ملامسة الأبواب والأسطح، والاقتراع الإلكتروني إذ تم التصويت عن بعد عبر الحواسيب الموجودة، وهذا ما طبق في ولاية ويسكونسون عندما رفض القاضي الفيدرالي تأجيل الانتخابات للحزب الديمقراطي مما استوجب اجراءات حذرة وبذات الآلية، وقد أجرت كل من بولندا والكاميرون انتخابات تشريعية، وغينيا وتوجو انتخابات رئاسية، بينما قامت بعض الدول بتأجيل انتخاباتها بسبب الجائحة فعمدت كل من إيران بانتخاباتها التشريعية، وبريطانيا بانتخاباتها المحلية، وولايات جورجيا ولويزيانا وكنتاكي بانتخابها للحزب الديموقراطي إلى تأجيل الانتخابات، كسابقة تحدث لأول مرة في الولايات المتحدة، إذ تم تأجيل الانتخابات الامريكية المتوقع إجراءها في تشرين الثاني القادم، والتي يصعب دستوريا تأجيلها بسبب سيطرة الحزب الديموقراطي على مجلس النواب.
بقي أن أطرح تساؤلا: هل ستكون نسبة الاقتراع بدرجة مقبولة بوجود التعليمات التي تصدرها الجهات المختصة لتلافي وباء كورونا وهي أصلا منخفضة في الأحوال العادية؟ وهل ستؤثر الجائحة على شكل ومضمون البرامج الانتخابية للمرشحين فتفرز نوابا يهتمون بالشأن العام مستقبلا ؟ وهل سيكون هناك حصة كافية للأحزاب التي تحاول الائتلاف لتشكيل كتل وقوائم تحظى بقبول الشارع الأردني؟ أم أن القانون الحالي سيُبقي الحال كما هو لتأخير العمل البرلماني الحقيقي الذي دعا له جلالة الملك في أوراقه النقاشية ومداخلاته المتكررة.. سننتظر إذن والأيام القادمة حُبلى.

 
التعليق