قياس نبض (الجامع)

تبدأ اغلب المسيرات مع خروج المصلين من المساجد يوم الجمعة, وفي العادة خاصة في مسيرات المسجد الحسيني وسط العاصمة, لا يشكّل المصلون الاعتياديون في المسجد جزءاً مهماً من المسيرة, اي لا يشاركون فيها بدرجة يمكن الاعتداد بها او حتى ذكرها, وما يحصل ان جماعة كل مسيرة يُحضِرون جمهورهم من المصلين وغير المصلين للمشاركة, وفي حالة انضمام بعض المصلين يكون الامر "خيراً على خير".

إن محركي المسيرات يريدون الاستفادة من لحظة اندفاع المصلين خارج المسجد بحيث تبدو المسيرة وكأنها انفعال طبيعي للجماهير مما يزيد في حماسهم, ومثل هذه اللحظة تناسب مطلع الخبر الذي ينشر عادة عن هذه المسيرات الذي يقول "انطلقت جموع المصلين بعد صلاة الجمعة في مسيرة جماهيرية او حاشدة... الى اخره". في واقع الامر, ان المصلين الذين انطلقوا اتوا الى المكان من اجل ان ينطلقوا, ولو لم يأتوا لما انطلق غيرهم, وعندما يختار منظمو المسيرة مسجداً اخر فإن المصلين في المسجد الاول لا ينطلقون.

من هنا فإن الكلام عن "نبض الشارع" يحتاج لبعض التدقيق, لان النبض هنا مسألة تحكمية, وفي الوقت نفسه فإن الكلام عن "نبض الجامع" يقود الى نتيجة محبطة لان الجامع لم يكن ينبض برواده الاصلاء.

إن ما يحصل هو اقرب الى علمية التنفس الاصطناعي بهدف اعادة النبض الى قلب الشارع عندما تحصل مؤشرات على توقف نَفَس هذا الشارع, وهذا بالطبع امر جيد ومطلوب بشرط الاعتراف به.

ahmadabukhalil@hotmail.com