الإعلام الأردني حقيقة الأزمة

اخبار البلد-

 

تحول الإعلام منذ عقود، إلى مشكلة مزمنة للدولة الأردنیة، بعد أن كان أحد أھم أدواتھا وأسلحتھا، سواء في معركة البناء، عبر خدمة خطط التنمیة، وقبل ذلك في مجال بناء الرأي العام وتحشیده حول مواقف الدولة، وشرح سیاساتھا، والدفاع عن ذلك كلھ، أمام حملات التشكیك، فقد شكل الإعلام الأردني في مراحل سابقة سلاحاً من أسلحة الدولة ومكوناً من مكونات قوتھا الناعمة، وكانت أجھزة الإعلام كتیبة أردنیة متقدمة، تجسد بمقالاتھا وتحلیلاتھا وأغانیھا وبرامجھا وتعلیقاتھا، الشخصیة الوطنیة الأردنیة، وتحفظ الھویة الوطنیة الأردنیة، فلماذا تحول الإعلام إلى مشكلة للدولة الأردنیة، نتحدث عنھا منذ سنوات طویلة، ولا نستطیع حلھا؟ وھل مشكلة الإعلام واستعصائھا على الحل, ھو جزء من مؤامرة إغراق الدولة الأردنیة في أزمات ومراكمة ھذه الأزمات، ومن ثم تجرید الدولة من أسلحتھا وأدواتھا؟ بعد ان تعزز دور الإعلام كواحد من أھم مكونات قوة الدول في العصر .الحدیث قد یقول قائل ان من أسباب أزمة الإعلام الأردني، تراجع دور الإعلام التقلیدي لحساب الإعلام الحدیث، وھذا فھم سطحي للمشكلة, فالثورة في وسائل الاتصال، أدخلت تطوراً في الأدوات، فدخل الفیسبوك والتویتر والیوتیوب في منافسة الرادیو والتلفزیون، لكن مشكلة الإعلام الأردني الرئیسیة لیست في الأدوات، لكنھا في السیاسات والمضامین والرسائل التي یجب أن ینقلھا، وھذا التسطیح لمشكلة الإعلام، یقوم على خلط بین إعلام الدولة، وما یحتاج إلیھ من أدوات وقبل ذلك ھویة ومؤسسیة ومھنیة وثقافة، وقدرة على التحلیل، وإحساس بالمسؤولیة، بالإضافة إلى طبیعة المضامین وبین مواقع التواصل وما تحملھ من خفة وجھل وتسرع في معظم الأحیان، لذلك كان من جوانب التحدي الذي تواجھھ الدولة، ضبط أدوات التواصل الاجتماعي، من خلال تشریعات حازمة لحمایة المجتمع من الجھل وحمایة الكرامات من الإساءة والاغتیال المعنوي للشخصیات، خاصة في ظل تزاید عدد الصحف والمواقع الإلكترونیة والفضائیات. والإذاعات العاملة في الأردن، دون أن تحمل الھویة الأردنیة، فقد صارت معظم ھذه الوسائل تعمل على تشویھ صورة الأردن، من خلال إبراز السلبیات وتضخیمھا، كما توظف .لاغتیال الشخصیة الوطنیة الأردنیة من خلال الاغتیال المعنوي لرموزھا من الرجال والمؤسسات إن التذرع بأدوات التواصل الاجتماعي، كسبب من أسباب تراجع الإعلام الأردني، یقودنا إلى أحد أسباب ھذا التراجع، وھي الخلط بالمفاھیم، وأول تجلیات ھذا الخلط تحول الإعلام إلى مجرد مشروع تجاري، صار الكثیرون .من العاملین فیھ لا یفرقون بین العمل الإعلامي المھني وبین العلاقات العامة والتسویق تحول الإعلام إلى مفھوم تجاري إن جاز في الإعلام الخاص، فلا یجوز في الإعلام الرسمي، فدور الإعلام كسلاح .من أسلحة الدولة، یجب أن یحمیھ من النظرة التجاریة وحسابات الربح والخسارة ومفھوم الارتزاق