"نيوزويك": الخصاونة بمهمة مستحيلة


اخبار البلد _ في الوقت الذي تضغط فيه جماعات المعارضة في الأردن في طلب المزيد من الإصلاحات، فإن رئيس الوزراء المكلف في حاجة إلى السير على خط دقيق. في الأسبوع الماضي، واجه عون الخصاونة واحدا من أكثر الخيارات صعوبة في حياته: القفز في حقل ألغام سياسي بأن يصبح رئيس وزراء للأردن، أو البقاء في محكمة العدل الدولية، حيث كان في طريقه لقيادة الهيئة، ومن المحتمل أن يصبح القاضي العربي الثاني في التاريخ الذي يتولي رئاسة الهيئة. في النهاية، قدم مصلحة بلاده على مسيرته المهنية. قال الخصاونة (61 عاما) في مقابلة مع مجلة (نيوزويك) في منزله في عمان \"شعرت أن الوضع بدأ يصبح خطيرا في البلاد\". وأضاف \"شعرت أنني إذا لم أقبل، فإن الوضع قد يزداد خطورة. لذلك قررت أن أفعل ما أعتقد أنه الصواب لبلدي \". بالنسبة إلى الأردن، فإنه لم يشهد إراقة دماء وفوضى مثل تلك التي ضربت دولا أخرى في المنطقة خلال الربيع العربي. ولكن هذا الأمر يتغير بسرعة. في الأسابيع الأخيرة، جاب بلطجية يحملون العصي والأسلحة النارية تجمعات المعارضة في مختلف أنحاء البلاد، ما أسفر عن إصابة العديد من المشاركين. يرى كثيرون أن البلطجة الأردنية تعادل البلطجة المصرية في أيام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك في مصر، ويلقون اللوم على النظام الأردني في تأجيج الهجمات. وفي الوقت الذي تزداد فيه وتيرة العنف، فإن شعارات المعارضة باتت تأخذ منحى أكثر تطرفا، فالمطالب بالإصلاحات السياسية والتحقيق في الفساد الرسمي، تحولت اليوم إلى دعوات مباشرة لفرض قيود على صلاحيات الملك عبد الله الثاني. يقول المحلل السياسي عامر السبايلة \"في كانون الثاني (يناير) الماضي، كان المتظاهرون يتسولون من الملك إجراء تغييرات صغيرة. الآن، هم يشككون في الدولة\".  الملك عبد الله يتحسس الحرارة العالية في البلاد. بعد أن هاجم بلطجية مؤتمرا للمعارضة في سلحوب الأسبوع الماضي، كان هناك غضب شعبي عارم تجاه الحكومة. الملك عبد الله استمع إلى المطالب، وأطاح برئيس الوزراء (معروف البخيت)، وعرض على الخصاونة تشكيل الحكومة الجديدة، وهو الذي يحظى بالاحترام على نطاق واسع، فقد برز كمستشار قانوني مهم ورئيس للديوان الملكي في زمن الملك الراحل الحسين بن طلال في تسعينيات القرن الماضي. الخصاونة رجل داهية مع وجه ضاحك، كان عضوا أساسيا في الفريق الذي تفاوض على معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية العام 1994، وبعد سنوات قليلة انضم إلى زملائه القضاة في محكمة العدل الدولية، وهناك صاغ رأيا استشاريا حازما ضد بناء إسرائيل للجدار العازل في الضفة الغربية، وهو الموقف الذي يتذكره كثير من الأردنيين. الخصاونة ذو العلاقات الوثيقة مع النظام الملكي، لم تنفر منه المعارضة. فلديه علاقات جيدة أيضا مع الإخوان المسلمين، وهي جماعة المعارضة الأكبر والأفضل تنظيما في البلاد، حتى أنه حضر واحدا من إفطاراتهم الرمضانية خلال شهر آب (أغسطس) الماضي. يقول الخصاونة \"الإخوان المسلمون والحركة الإسلامية بصفة عامة، تم تجريحهم ظلما لفترة طويلة\". ويضيف \"إنهم قوة حقيقية\". الخصاونة كذلك، أقام علاقات جيدة مع فروع أخرى للإخوان مسلم على مر السنين، مثل حماس. فعندما تعرض رئيس المكتب السياسي السياسي لحماس خالد مشعل للتسميم على يد عملاء الموساد في عمان العام 1997، كان الخصاونة واحدا من رجال الملك الحسين الذين تعاملوا مع الأزمة. مشعل الذي نجا من ذلك الهجوم، هاتف الخصاونة الأسبوع الماضي لتهنئته. ما يزال بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين يقولون إنه تم الطلب من الخصاونة القيام بعمل المستحيل. \"الخصاونة لن ينجح في مهمته\"، كما يقول رئيس الدائرة السياسية في جبهة العمل الإسلامي زكي بني إرشيد. ويضيف \"إن الملك لم يقرر حتى الآن تقديم إصلاحات حقيقية. الخصاونة سوف يضطر إلى الصدام مع المجتمع أو مع الملك\". بالنسبة إلى الخصاونة، فقد أشار إلى أن الملك قبل بالفعل بعض القيود على صلاحياته، كما أتاح للخصاونة اختيار حكومته الخاصة. كما أن الخصاونة يقول إنه على استعداد لاتخاذ تدابير أخرى للحد من صلاحيات الملك. بني إرشيد يعتقد بأن هذه الأمور \"ينبغي أن لا تبقى مجرد شعارات سياسية، بل ينبغي جعلها قانونية\".