صندوق دعم الصحافة.. ضرورة وطنية
لیست فكرة تأسیس صندوق لدعم الصحافة ولیدة أزمة وباء كورونا، بل سابقة لھا، فمنذ سنوات ثلاث أطلقت نقابة .الصحافیین الدعوة، خطیا وشفاھة، لإنشائھ، مدركة أن حال الصحف الیومیة لیس بخیر ولأننا أدركنا ذلك الحال وأسبابھ، ووعینا تداعیاتھ على المؤسسات الصحفیة وعلى العاملین فیھا، فلم نتوان عن ّ الاشتباك مع الأزمة ضمن تصور إنقاذيٍ یضمن وقف التداعي، ویؤسس، من ثم، لحلول جذریة یصل إلیھا .الصندوق الذي نقترح لكن ما كان للخطر الذي یواجھ الصحف أن ینتظر طویلا حتى یتأسس الصندوق، فكان الحل العاجل في أمرین تحققا فعلیاً، في عھد حكومة الدكتور ھاني الملقي، أولاً: رفع سعر الإعلان الحكومي بحیث ارتفع سعر الكلمة من 25 قرشاً إلى 55 قرشاً، أي بنسبة 120 ،%ومن ثم، ثانیاً: تنظیم نشر الإعلان القضائي في الصحف الأوسع .انتشارا ٍ وأي راصد ومحص للإعلانات المنشورة في الصحف الیومیة یلاحظ بیسر أن أغلبیة ساحقة من تلك الإعلانات ھي .حكومیة وقضائیة أستطیع القول: لولا ھذه الإعلانات لربما أغلقت الصحف الكبرى منذ ثلاث سنوات، وھو ما یقر بھ كل منصف .وموضوعي ھل الإعلانات الحكومیة والقضائیة ھي الحل، وكفى..؟ َ حتما، لیس ھذا ھو الحل، ھو خفف من الأزمة، وضِمن استمرار الصحف في الصدور واستقرار رواتب العاملین، ..إلى أن جاءت جائحة كورونا وكادت أن تعصف بھا والجائحة، عملیاً وواقعیاً، كشفت عمق أزمة الصحف، ووضعتھا أمام أسئلة وجودیة، لا یمكن تجاوز إجابتھا، أسئلة ..الأسباب الذاتیة والموضوعیة، وأسئلة المعالجة والإجابات تشترك فیھا كل مكونات الدولة؛ حكومات ومؤسسات رسمیة وإدارات المؤسسات الصحفیة ذاتھا ّ ومرجعیاتھا الإداریة والمالیة، والعاملین فیھا، وھو ما یحدث الآن، فالاشتباك على كل المستویات جدي وحقیقي .لإیجاد حلول طویلة المدى ذلك الاشتباك، یؤكد حقیقة أن الدولة كلھا، وعلى رأسھا جلالة الملك، یعنیھم إنقاذ الصحف من أزمتھا المالیة وأن ٍ تعود قویة متعافیة، لیقین وقناعة أنھا أم الصحافة والإعلام في الأردن، وأن نخبة الإعلام وشریحة واسعة من ..السیاسیین برزت من ثنایا الصحافة المطبوعة والأھم، ھو الیقین بأن الإعلام، وتنوعھ، ضرورة وطنیة، لا یمكن لأي دولة، الیوم، أن تقدم نفسھا للداخل والخارج وتخوض معاركھا إلا بھ.. ھو كتیبة متقدمة في الاشتباك مع الأخطار، ھو الأساس في بناء الوعي، وحشد الرأي .العام، وكسب القلوب والعقول إن قوة الصحافة والإعلام من قوة الدولة، ھكذا یجب أن یُنظر إلیھ، وعلى ھذا الأساس نقترح صندوقاً لدعم الصحافة والإعلام، یمول من الموازنة العامة للدولة، أو ربما من التمویل الذي تتلقاه وزارة التخطیط، یكون لھ .نظام وتعلیمات واضحة ومحددة وفي النظام والتعلیمات تحدد أسس الإنفاق والشروط والمعاییر التي یتقرر في إطارھا الدعم ومقداره، الذي یفترض أن یكون جوھره رفع سویة المؤسسات الصحفیة والإعلامیة، إداریاً ومالیاً ومھنیاً، بما في ذلك التطویر والتدریب ..والمزاوجة بین أنماط الإعلام التقلیدي والرقمي صندوق دعم الصحافة.. ضرورة وطنیة ..أسس كثیرة ومعاییر عدیدة یمكن وضعھا لیؤدي الصندوق المقترح دوره ویحقق ھدفھ، نتركھا لوقتھا أما الآن، ومن حیث المبدأ، فلا بد من الإقرار أولاً بأن الوقوف إلى جانب الصحف الورقیة واجب ومسؤولیة ..وطنیة، والشروع في الخطوة الأولى.. ومن ثم تأتي التفاصیل