"التشكيلة الخصاونية" ابتعدت عن مفهوم الحكومة الاصلاحية واقتربت بعمق من "فلول" الحكومات السابقة !

 

 

خاص- أخبار البلد- ما ان صدرت الارادة الملكية على التشكيلة الحكومية لحكومة الرئيس عون الخصاونة، حتى بدأ المشهد واضحا لا ضبابية فيه، حيث تكشف بأن الحقائب الوزارية ذات الثقل السياسي، ذهبت لأشخاص لا وصف لهم سوى أنهم من فلول الحكومات السابقة، ، وأن بقية اعضاء التشكيل هم وزراء لحقائب مساندة لن تقدم ولن تؤخر في المشهد الحكومي المقبل، الذي كان الخصاونة قد وعد به كمن يعد بأرض الخلود والأساطير !!

 

مجموعة الوزراء الكبار ظلت حكرا على "فلول" وإرث الحكومات السابقة عبر وزير الخارجية ناصر جودة، ووزير التخطيط جعفر حسان، ووزير الاتصال باسم الروسان، ، وأيمن عودة وزير الدولة لشؤون رئاسة الوزراء ووزير النقل علاء البطاينة وسامي قموه وزير المالية الذي شغل ذات المنصب في أسوء مراحل الدولة الاردنية اقتصاديا ولم يخدم توزيره انذاك من وقف نزيف المديونية وانخفاض نسبة النمو الاقتصادي !!

 

"التشكيلة" الحكومية "الخصاونية" لم تكن مفاجأة للشارع الاردني الذي اعتاد الصفعات والخيبات، فإلى جانب انها احتوت ذات الوجوه والشخوص، إلا أنها حطت بأسماء كان من الواضح تماما أنها انعكاسا لسياسة الاسترضاء حيناً، وسياسة "التخدير" حينا آخر، حيث من الملاحظ هيمنة المحاصصة الجغرافية على التشكيلة والتي هدفت الى طرح فكرة مواربة أن الشارع الاردني بتضاريسه وجغرافيته ممثلا في حكومة عون، الامر الذي يتوقع خلاله ان تخبو فتيلة الاشتعال والاحتقان التي وطأ ارضها الخصاونة دون أن يدري !!

 

الخصاونة، خانه ذكاؤه بصورة مؤكدة من اختياره لوزير الداخلية محمد الرعود لامتصاص ثورة الشارع الطفيلي، الذي فاجأ سقف مطالبه وشعاراته الحمراء المحللين السياسيين، ظنا منه بأنه قد يفرض سيطرة الحكومة على الحراك الاحتجاجي في الطفيلة، متناسيا الخصاونة، ان الحراك الاحتجاجي في الطفيلة هو جزء من المشهد الاحتجاجي الكلي للملكة ، فان نجح "بتخدير" الشارع الطفيلي، وهو ما نشك بجدواه وصحته وملائمته لارض الواقع ، فانه لن ينجح في امتصاص حالة الغليان وااحتقان لعموم الجغرافية الأردنية، مع الاشارة ايضا الى ان اختيار الرعود يحتمل فكرة تطبيقية تحمل من الدهاء الكثير والقائمة على مقولة "بيدهم إضربهم"، وما قد يتبع ذلك من مناخ فتنة وشق للحمة الصف الوطني !!

 

قد جاءت الحكومة الجديدة بثوب لا يبشر بتفاؤل ولا يرضي طموح الشارع المشتعل المطالب بأدنى سقوف مطالبه بحكومة إصلاحية !

 

فمن تعيين وزيرا عاصر وزارت الاوقاف نحو ربع قرن ولن يخدمع عمره المتقدم ومعادلة الاداء الحكومي والدماء الشابة، الى جانب من سجل ضده من تصادمات ومشاحنات مع اسلاميي الاردن، الذي استمات الخصاونة خلال الاسبوع المنصرم من عمر تكليفه من استمالتهم، الامر الذي سيحسب حسابه الاسلاميين في تعاطيهم القادم مع حكومة عون بالضرورة.

إلى تعيين وزير مالية صاحب ماضي متعثر بالاداء الوزاري المالي الاقتصادي، مع ما رافق ذلك من ابتعاده عن الحالة الاردنية في تفاصيل كثيرة ذات علاقة بعجزنا الاقتصادي وشبه وفاة يريرة للميزانية العامة، إلى اختيار رويدة المعايطة وزيرة للتعليم العالي تبعا للنسب الحاصل بينهما، مع ما كان يتطلبه تعيين وزير للتعليم العالي من جبروت وحنكة ينشل الوزارة من معضلات عدة انهكتها مؤخرا ولم تختم بالكامل والمتمثلة بأزمة الطلبة الاردنيين الدارسين باليمن.

وليس بعيدا عن فسيفساء "المحسوبية رفيعة المستوى" التي شملت وزراء مقربون من مؤسسات الدولة الرفيعة والمشار إليهم بالوزراء الكبار ، فقد جاءت اسماء الوزراء ممن اشير اليهم بالوزراء "الصغار" بصورة لم ولن تقنع الاردنيين، وهم من عرف عنهم نأيهم واستقلالهم الايدلوجي سياسيا، لم يكونوا قريبين أو مطلين على الحركات الشبابية التي قادت الحراك الاحتجاجي، بل نكاد نجزم انهم شأنهم شأن المشاهد العربي، اطلعوا على احداث الاحتجاجات عبر فضائيات الخارج ليس إلا !!

بالمجمل .. ولا يخدمنا المقام هنا لتشريح وتشخيص البناء "الخصاوني" للحكومة الجديدة، إلا أننا نأمل أن يتعامل الرئيس الخصاونة مع معضلات ومشكلات وأزمات الحالة الاردنية بأردنيتها كما هي على أرض الواقع، مع ضرورة ما يتوجب عليه من أن يعيش حالة انفصال كلي عن بيئة "لاهاي" .. فمجددا نقول للخصاونة .. الاردن ليست لاهاي !!