ربيع عربي برائحة الدماء والبارود
ربيع عربي برائحة الدماء والبارود أحمد عطاالله النعسان سمي بالربيع فغزانا التفاؤل وحلمنا بالخضرة والورود والياسمين والحرية ولكن سرعان ما وجدناه ربيعا أحمر ليس بلون الجوري ولكن بلون الدماء الغاليه الممزوجة ببارود العدو والأخ والتي نزف الكثير منها وما زال ينزف بغزارة في كل أرجاء وطني العربي الجريح، من بغداد إلى الخرطوم ومن دمشق إلى القاهرة ومن غزة إلى طرابلس ومن بيروت إلى صنعاء ومن المنامة إلى تونس، دماء طاهرة زكيه تراق بلا سبب، بعضها ينهمر لأنه يريد الحرية وآخر يسيل لأنه لا يريد العمالة وآخر يقطر على يد الأخ أو إبن العم أو بفضلهما، القلب يعتصر ألما وخوفا وترقبا وإعصار التقسيم يلوح في أفق وطننا العربي الكبير، وقد شارك الكثير من أبنائه من حكام ومحكومين في الوصول لهذه المرحلة المأساوية. فبعض الحكام لا يريد أن يترك الحكم وحتى وإن جرت الدماء أنهارا وآخر يريد حماية نفسه وآخر يقول إنه بعيد عنها، وآخر يؤكد أنها مؤامرة، وأنا إذا أتفقت مع الذي يقول أنها مؤامرة... فلماذا لا تقطع الطريق عزيزي على هذه المؤامرة وتترك الحكم لأبناء بلدك دون جر البلاد لويلات التدخل الأجنبي السافر؟!، التدخل الذي ينتهك الحرمات ولا يخلف إلا دماء ودمارا وعملاء، فلا يمكن أبدا أن يكون العدو حريصا على مصلحة عدوه أو خائفا عليه من الظلم أو القتل، ولا يمكن لمن يتسلم كرسي الحكم عن طريق دبابة الأجنبي أن يكون له رأيه المستقل، إنها مصالح ومنافع وخطط وسياسات تفريقية وتدميرية، ولاحظوا معي كيف سارعوا لغزو العراق الجريح وليبا المنهكة؛ لأن فيهما من الخيرات والثروات ما يستحق التضحية ولاحظوا كيف يبتزون الأطراف أو الدول الأقل حظا أو الأقل دخلا أو ثروة، نفط العراق وثرواته تقاسمتها أمريكا بنصيب الأسد وبريطانيا بالمرتبة الثانية والحلفاء بحصص أقل، وثروات ليبيا تقاسمتها فرنسا بنصيب تم الكشف عنه مسبقا وإيطاليا وبريطانيا والتحالف الغربي وأمريكا التي لا يمكن أن تترك التركة أبدا، وأريد أن أوجه سؤالا بسيطا ومكررا... ماذا فعلت هذه الدول في العراق وأفغانستان والصومال وباكستان وأين كانت هذه الدول المتشدقة بحقوق الإنسان والحريصة على دمائنا العربية وقت المجازر الصهيونية المتكررة منذ عقود على أهلنا في فلسطين ولبنان وغيرهما؟!. كل عربي حر وشريف يدعم الحركات التي تنادي بالحرية وتدعو للديمقراطية والكرامة والتحرر من القيود التي ألزمنا إياها حكامنا على مر العقود السالفة، ولكن يجب عليه أيضا أن ينتبه جيدا من تحويل الهدف المشروع إلى مخطط غربي لتنفيذ سايكس بيكو جديد، سواء أكان يعرف هذا المنادي بالحرية أو الثائر بهذا أم لا، فالحذر واليقضة يجب أن يكونا حاضرين دائما وخصوصا في مثل هذه الأيام الصعبة التي نعيش. الحرية لا يساويها شيئا في الدنيا أبدا ولكن العمالة أبغض الصفات التي من الممكن أن يتسم بها الفرد أو الجماعات، ويجب على الأحرار الذين قاموا بالثورات أو نجحوا بثوراتهم بطرق سلمية وبدون تدخل الأجنبي أن يحصدوا هم نتاج ما قدموا وضحوا من أجله وأن يفشلوا كل مخطط يريد البعض أن يدسه بينهم ويقطعوا الطريق على كل متنفع متطفل يريد أن يتسلق على سلم نجاحاتهم وتضحياتهم، وأن يسقطوا النظرية القائلة بأن الثورة يخطط لها العباقرة وينفذها الأبطال ويجني ثمارها الجبناء والإنتهازيون. وبعد مرور هذا الفصل الدموي أسأل الله جل وعلا أن يحفظ بلاد العرب والمسلمين وأن يحقن دماءهم ويحفظ أعراضهم، وأسأله سبحانه أن يرشد حكامنا العرب أن يقرؤوا في سير سلفنا الصالح ليتعلموا كيف يكون العدل بالحكم أو حتى كيف يكون الزهد بالحكم فقد كانوا رضوان الله عليهم ورحمهم الله يهربوا ويرفضوا ويبكوا إذا ما أوكلت إليهم أمانة المسؤولية، وأسأله تبارك وتعالى أن يرشد الشعوب لكل ما فيه خير وأمل لبلادنا العربية، وأن يلهم من لهث وراء الأجنبي لينتهك حرمة بلاده وينهب ثرواتها أن يستفيق ويعود إلى رشده ويعمل على بناء دولته بشكل ديمقراطي حر ويعمل على أن تكون دولته مستقلة الكلمة والرأي وصاحبة سيادة كاملة وحقيقية، ويجب علينا أن ندعو جميع أبناء الشعوب العربية دون تفريق ولا عنصرية للإتفاق على دعم النهضة والتقدم في بلداننا حتى نتخلص من السبات الذي نحن به وحتى نغادر موقع التذيل في قائمة الأمم، فنحن أصحاب تاريخ عريق ولدينا من الثروات البشرية والمادية ما يمكننا من تسيد العالم بدل أن نكون ألعوبة بيد بعض الدول تحركنا كيفما تشاء، اللهم إحفظ أردننا الغالي ووطننا العربي النازف وأمتنا الإسلامية المتفرقة من مؤامرات الأعداء وعمالة أو جهل الأبناء ومن الفتن ما ظهر منها وما بطن إن ربنا سميع مجيب وهو نعم المولى ونعم النصير. Abomer_os@yahoo.com