عودة الأردنيين والحجر الصحي

اخبار البلد-

 

المغتربون نوعان، منهم مَن تم استقطابه للعمل في الخارج ضمن شروط ومزايا انعكست على تحسُّن وضعه المادي، وهؤلاء هم بالأساس من الطبقة المتوسطة، فيما النوع الثاني ممن أثقلته الظروف وضيق الحال، ففر باحثاً عن بصيص أمل في غربة لا يعرف مآلاتها وصعوباتها، وبالتالي لا يستقيم تعميم التعامل معهم ووضعهم في سلة واحدة، فمسطرة الإجراءات قد تصاب بقصر النظر، إن لم تراع ظروف وأحوال كل فئة بحسب واقعها لا بحسب الفكرة الدارجة عنها.
في ظل الظروف التي يشهدها العالم جراء تفشي فيروس كورونا وما نتج عنه من آثار سلبية على الاقتصاد، بدأت القطاعات الأكثر تضرراً بالتخلي عن موظفيها أو على أحسن تقدير منحهم إجازات بلا راتب حتى إشعار آخر، ولا نأتي بجديد إن قلنا إن دخل نسبة لا يستهان بها من المغتربين يكفيهم للعيش فقط، والبقاء في المغترب من منطلق «شيء أفضل من لا شيء»، وانقطاع مصدر دخلهم يعني بالضرورة عدم قدرتهم على تحمل نفقات السفر والحجر الصحي المقررة للعودة إلى الأردن، خاصة العائلات التي ستترتب عليها مبالغ كبيرة لتغطية جميع أفراد العائلة.
المغتربون الأردنيون الذين لم يفقدوا وظائفهم لن يفكروا غالباً بالعودة ضمن الظروف الحالية، إذ أن التفكير بالإجازة غير قابل للتطبيق، فليس من المنطقي أن يقضي أي شخص إجازته بين حجر الذهاب وحجر العودة، كما أن المغتربين الذين لديهم القدرة المادية يفضلون الحجر في فنادق توفر لهم مستوى معيناً من الخدمات، وهؤلاء ليس لديهم مشكلة في تحمل أي تكلفة للحجر إذا قرروا العودة النهائية للأردن.
المتابع لصفحات مجموعات الأردنيين في بعض الدول، قد يصاب بالصدمة من المشاكل التي يتم عرضها على هذه الصفحات، لدرجة أن البعض بلا مأوى ويبحث عن مبيت إلى حين تمكنه من العودة للأردن، وآخرون بدأت مدخراتهم البسيطة بالتآكل في انتظار إيجاد حل لمشكلة ارتفاع تكاليف السفر والحجر الصحي.
على الحكومة اليوم أن تفكر جدياً ببدائل أخرى للحجر الصحي غير الفنادق و»الكرفانات» لتقليل كلفة الحجر على الفئات غير القادرة مادياً، سواء بتحويل بعض المقار الحكومية أو المدارس إلى أماكن حجر صحي، أو مساهمة المؤسسات الخيرية وصندوق «همة وطن» في تغطية الكلفة لغير القادرين، إضافة إلى تفعيل دور سفاراتنا في الخارج من خلال تقصي واقع المغتربين، ومحاولة إطلاق مبادرات بالشراكة مع رجال الأعمال الأردنيين، وعدم البقاء ضمن دائرة تكريم وتقدير مجالس رجال الأعمال من قبل السفارات، من دون أن يقدموا شيئاً في مثل هذه الظروف.
ندرك حجم الضغوط المالية التي تواجه الحكومة، ولكن لا بد من إيجاد وسيلة تحفظ كرامة الأردني، فقد تضيق ديار الغربة بالمغتربين ولكن لا يمكن أن يضيق الوطن بأبنائه، ولا بد من التفكير في ظروف الأردنيين بالخارج ممن لا يستطيعون تغطية تكلفة الحجر الصحي، وإيجاد وسيلة تضمن لهم العودة دون التراخي في الإجراءات التي تجنب ظهور موجة ثانية من انتشار الفيروس، فليس من المقبول أن نصل إلى مرحلة وصلت إليها دول أخرى عندما تغاضت عن إيجاد حلول لأبنائها في الخارج، وأصبحوا حديث وسائل الإعلام.