تصعيد إسرائيلي عبر بوابة المساعدات الأميركية
حتى هذا التاريخ لا يوجد في الأفق ما يشير لتراجع حكومة التناوب في إسرائيل عن تقديم مشروع الضم الجزئي للضفة والكامل لغور الأردن للكنيست في بداية تموز المقبل؛ بالرغم مما يقال من عدم وجود توافق ضمن فريق الشراكة وتحذير الجنرالات والمؤسسة العسكرية والأمنية من هذه الخطوة على مستقبل السلام مع الأردن بالدرجة الأولى ومع مصر ثانياً، والقلق من التداعيات على الداخل الفلسطيني خوفاً من توافر البيئة الملائمة لانتفاضة فلسطينية جديدة ستكون كلفتها كبيرة خاصة إذا انهارت السلطة الفلسطينية وانتهى التنسيق الأمني معها.
الانزعاج الإسرائيلي واضح من موقف الأردن وتحذيراته من خطورة إقدام الحكومة الإسرائيلية على المضي قدماً في عملية الضم الجزئي لمناطق من الضفة الغربية تتواجد فيها المستوطنات وغور الأردن وهو ما يشكل ثلث المساحة وتداعيات ذلك على العلاقات مع الأردن وعلى عملية السلام برمتها والعلاقة مع الأردن وانزعاجها من التواصل والتحرك باتجاه الأوروبيين وتشكيل موقف أوروبي ضاغط والتأسيس عليه لتشكيل موقف عالمي قد يساهم في ضبط الاندفاعة الإسرائيلية خاصة إذا فرضت عقوبات أوروبية كما لوحت فرنسا بأن أي قرار ضم جزئي لا يمكن أن يمر بدون رد.
يديعوت أحرنوت والقناة العبرية 12 سربتا أن الملك عبد الله الثاني رفض عدة مرات تلقي اتصال من نتنياهو ورفض الاجتماع مع وزير الأمن الإسرائيلي والشريك في حكومة التناوب بيني غانتس لمناقشة خطة السلام الأميركية. بالرغم من نفي رئاسة الحكومة الإسرائيلية ذلك إلا أن المؤكد أن الأبواب مغلقة في عمان لمناقشة قرار الضم لرفضها المطلق ولعدم قناعتها بوجود شريك حقيقي له مصداقية عبر ستة وعشرين عاماً من عملية السلام والتي تمر فعلياً بأسواء حالاتها كما أشار الملك عبدالله الثاني أكثر من مرة.
الهجمة الإسرائيلية على الأردن تجري على قدم وساق ومن يقودها بالدرجة الأولى صحافة اليمين المتشدد وفي طليعتها «يسرائيل ياهوم». وهذه الصحافة هي التي سربت أن أوساطاً في الإدارة الأميركية تسعى لربط استمرار المساعدات الأميركية للأردن بتسليم الأسيرة السابقة في سجون الاحتلال أحلام التميمي والمفرج عنها في الصفقة المعروفة «بصفقة شاليط» بين حركة حماس وإسرائيل بتاريخ 11/10/2011 ونتج عنها الإفراج عن 1027 أسيراً فلسطينياً مقابل الإفراج عن المجند جلعاد شاليط؛ بالرغم من أن الأردن حسم أمره سابقاً بعدم تسليم المواطنة أحلام التميمي وذلك بقرار من أعلى سلطة قضائية في الأردن وهي محكمة التمييز الأردنية بتاريخ 20/3/2017، لأن الاتفاقية الموقعة بين الأردن والولايات المتحدة الأميركية العام 1995 لم يصادق عليها البرلمان الأردني ولم تصبح سارية المفعول.
يعرف الاحتلال أن خطوة الضم فيما إذا أقدم عليها بالإضافة لكونها مخالفة للشرعية الدولية تعني انهيار مسار السلام مع السلطة الفلسطينية، وتعني انتهاء التنسيق الأمني بكل ما يعني من كلفة أمنية كبيرة عليها وانهيار فرص التهدئة مع حماس وانفجار الأوضاع في قطاع غزة بعد مرورها في فترة سكون مؤقتة نتيجة تعويل حماس على تحقيق مكاسب اقتصادية دون الدخول في مفاوضات مع الطرف الإسرائيلي. فكيف إذا ترافق ذلك مع إجراءات أردنية سواء على صعيد مستقبل اتفاقية وادي عربة أو العلاقات بين الطرفين؟
نحن أمام أسبوعين حاسمين ستعمل حكومة نتنياهو على استخدام كل أدوات الضغط على الأردن للتراجع عن موقفه أو التخفيف من حدته وغالباً عبر البوابة الأميركية من خلال قضية أحلام التميمي وربطها بالمساعدات الأميركية مستغلة ظروفه الاقتصادية الصعبة. ولكن المؤكد أن الأردن حسم خياراته برفض الخطوة الإسرائيلية بل بالتحرك لإفشالها.