ولا تزال فلسطين تنتظر


بقاء الحال في الأراضي الفلسطينة على ما هي عليه من عبث إسرائيلي في عملية السلام وإجراءات وانتهاكات تتعمدها سلطات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية والقدس الشريف، أمر يجب ألا يستمر، ويجب أن يواجه بقوة عربية دولية توقف بشاعة ما يحدث وتضع له حدودا عملية تحسمه لصالح الحقّ الفلسطيني وسلام المنطقة والعالم.

استمرارية ترك المواجهة لفلسطين والأردن فقط، أمر لم يعد مقبولا، وستكون عواقبه خطيرة، على العالم بأسره، فمن غير المنطق أن لا يحرّك أحد ساكن القضية حتى اللحظة، واسرائيل في كل يوم لا بل في كل ساعة تقترف جريمة احتلالية جديدة في فلسطين، لعلّ ضم أراض من الضفة الغربية لها أوضحها، وأكثر علنية، فيما تمضي في سياساتها الاستعمارية في كل الاتجاهات التي لا تقتصر على استعمار الأرض، لتصل لاستعمار ثقافي واقتصادي وفكري اضافة لتوسيع خريطة الاحتلال في مزيد من احتلال الأراضي والمناطق.

يجب أن تشعر اسرائيل وتعي جيدا أن هناك طوفانا من ردود الفعل التي ستلحق بها عربيا وعالميا في حال مضت في مشروعها الاحتلالي بضم أراضي غور الأردن وشمالي البحر الميت ومستوطناتها في الضفة الغربية، دون ذلك فهي ماضية في تعنّتها وحربها ضد السلام، وتعليقاتها التي تعكس ضعفا وهزيمة داخلية التي تصدر بين الحين والآخر من مسؤولين في حكومتها على الأردن الذي لا يزال يصرّ على نضاله ضد كل ما تقوم به من سياسات تقتل فرص السلام، وتضرب بالشرعية الدولية عرض الحائط دون مراعاة أي شكل من أشكال عدالة الحل.

ما يحدث في فلسطين، يتصاعد يوما بعد يوم، ويزيد من الجرائم الإسرائيلية توسعا، وكل ما يحدث يؤشّر على أخطار كبيرة، ستلحق بالمنطقة والعالم، فما تقوم به اسرائيل اليوم، هو تغذية لأزمة ستعصف بالعالم، وتمنح لحالة عدم الاستقرار ذخيرة تجعلها على فوّهة بركان يمكن انفجاره في أي وقت، فهي ماضية في مشاريعها الاستيطانية والاستعمارية والاحتلالية، وفي انتهاكات مستمرة، وفي اقتحامها للمسجد الأقصى، واعتقالاتها، واعتداءاتها على المواطنين الفلسطينيين، واغتيالاتها وغيرها من أشكال الظلم والقهر لشعب لا ذنب له إلاّ أنه عشق وطنه وتشبّث بأرضه.

في ظل موافقة إدارة الرئيس الأمريكي ترامب على المخططات الإسرائيلية والتي تأتي برعاية ومباركة من هذه الإدارة، تبعاً لخطة ما أطلق عليه «صفقة القرن»، وباعتبار أن الظروف الراهنة تحديدا التي أوجدتها أزمة كورونا في العالم وشغلته بهمّ هذا الوباء، حتما تشكل الفرصة السانحة لإسرائيل لتمرير خطوة كهذه، والمرور على جثّة السلام بكل ثقة دون أن تلتف لأي أمر أو يقلقها أي ردة فعل، فالجميع منشغل «بحاله» وميدان الاستغلال مفتوح لإسرائيل وحدها، وإن لم يتنبّه العالم لما يحدث ويسمع صوت فلسطين والأردن في هذا السياق سيجد الجميع نفسه ذات لحظة أمام كارثة وقد تضخمت لدرجة لن يتمكن معها أحد من السيطرة عليها.

الفلسطينيون اليوم الذين يواجهون إسرائيل منذ أكثر من سبعين عاما، والذين انطلقت منهم مبادرات شعبية للوقوف مع مزارعي الغور للتصدي لمخططات الاحتلال، اليوم تتجه عيونهم وعيون الأردنيين حيث يقفان وحدهما في ميدان الدفاع عن تراب فلسطين وحتى عن منظومة السلام في العالم، تتجه عيونهم بانتظار شكل جديد أكثر حزما وحسما لمواجهة اسرائيل وعدم تركها تمضي في خططها وهي مطمئنة أن أحدا لن يوقفها.