كيف نعزز الأمن المائي والغذائي في زمن كورونا؟
أعادت جائحة كورونا وضع موضوع الامن المائي والغذائي على اعلى قائمة أولويات الحكومات في مختلف دول العالم ومنها الاردن. فقد اكتشفت الدول خلال فترة الحجر الصحي التي فرضتها الجائحة أن أكثر الحاجات الاساسية التي تهم الانسان في الظروف الطبيعية وغير الطبيعية هي الامن المائي والغذائي والصحي.
الأردن يعتبر من أكثر الدول التي تعاني شحا في المياه، حيث لا تتجاوز حصة الفرد من المياه 150 م3 سنويا. وهذا ما دفع الحكومات المتعاقبة في المملكة ممثلة في وزارة المياه والري والجهات المعنية الاخرى لاستغلال مياه الأمطار من خلال بناء وإنشاء السدود. فقد تم إنشاء أول سد في الأردن سنة 1967 وهو سد شرحبيل بن حسنة. ويصل عدد السدود القائمة في الأردن الى حوالي ستة عشر سدا؛ وهي سد الملك طلال وسد الكفرين وسد الوالة وسد وادي العرب وسد وادي شعيب وسد الوحدة (نهر اليرموك) وسد جاوا وسد شرحبيل بن حسنة وسد الكرامة وسد وادي الموجب وسد التنور وسد كفرنجة وسد زرقاء ماعين وسد وادي الكرك وسد وادي ابن حماد وسد وادي مدين. علاوة على السدود الصحراوية والحفائر البالغ عددها (374) ما بين حفيرة وسد وبرك صحراوية بسعة تصميمية تصل الى (113) مليون م3 والمنتشرة في معظم مناطق البادية الشمالية والشرقية والجنوبية والمصممة لخدمة اهالي مناطق البادية ومربي المواشي.
تعدّ السدود المائية أحد أهم مصادر المياه السطحية في المملكة وتشكل المصدر الرئيس لمياه الري ورافدا اساسيا لمياه الشرب والتغذية الجوفية وتوليد الكهرباء وسقاية المواشي والاستخدامات الصناعية والسياحية.
نقدر الجهود الكبيرة التي تقوم بها وزارة المياه والري لتوفير المياه لمختلف الاستخدامات. إلا أنه ونظرا لندرة الموارد المائية واستمرار انخفاض حصة الفرد من المياه في الاردن مقارنة بدول العالم، لا بد من انشاء المزيد من السدود وتعلية الممكن منها لتخزين أكبر كمية ممكنة من كل قطرة ماء تتساقط سنويا على أرض الاردن. إن إنشاء السدود يعمل بالتأكيد على تقليص الفجوة ما بين حجم المياه المتاحة وحجم الطلب الطبيعي وغير الطبيعي المتزايد على المياه في الأردن سنة بعد أخرى. كما أن إنشاء السدود يحافظ على التربة من الانجراف ويحمي المناطق السكنية والزراعية المنخفضة من تهديدات السيول. والكل يعلم أن اقامة السدود أو تعلية القائم منها يساهم في زيادة مخزون المياه الجوفية التي تعتبر عاملا اساسيا في ضمان الامن الغذائي المستقبلي لأنه يعتمد وبشكل كبير على توافر المياه اللازمة لري المزارع وبالتالي استمرار انتاجيتها.
كما أن اقامة السدود في مناطق الاودية ومنحدرات الجبال تعد خطوة استباقية للاستفادة من مياه الامطار في مراحلها الاولى، وتشكل عاملا مهما في الحيلولة دون هدر تلك المياه ووصولها الى البحر ليتم بعد ذلك صرف الأموال الطائلة لتحليتها واعادة استخدامها والاستفادة منها.
المطلوب استخراج خرائط شاملة لكل مواقع الاودية ومنحدرات الجبال لتحديد المناطق التي يمكن بشكل عاجل وملح، انشاء سدود خرسانية فيها، للتوسع ببرامج الحصاد المائي. إن منظومة السدود اضافة الى كونها مصدرا مائيا رئيسا، تعمل على تطوير الواقع المعيشي والبيئي، وايجاد فرص عمل من خلال تنفيذ مشاريع ريادية زراعية في مجال التربية الحيوانية والاستثمارات السياحية، وبالتالي المساهمة في التخفيف من حدة البطالة والحد من التصحر ومواجهة استنزاف الموارد المائية.
وبالخلاصة نعيد التأكيد على ان انشاء السدود يعد أحد اهم الخيارات الإستراتيجية والمحدودة لإيجاد مصادر مائية جديدة يمكن الاعتماد عليها للحد من تفاقم الازمة المائية التي تواجهها المملكة وبنفس الوقت لزيادة الانتاجية في القطاعين الزراعي والحيواني وبالتالي زيادة تعزيز الامن المائي والغذائي في المملكة.